هيروشيما وناجازاكي مدينتان يابانيتان دخلتا التاريخ الحديث من مأساة أبوابه، حين ألقت عليهما الولايات المتحدة منتصف القرن العشرين أول قنبلة نووية لتحصد أرواح آلاف الضحايا الابرياء ولتترك المشوهين منهم يواجهون قدرهم بلا حول ولا قوة.
هيروشيما وناجازاكي مدينتان يابانيتان دخلتا التاريخ الحديث من مأساة أبوابه، حين ألقت عليهما الولايات المتحدة منتصف القرن العشرين أول قنبلة نووية لتحصد أرواح آلاف الضحايا الابرياء ولتترك المشوهين منهم يواجهون قدرهم بلا حول ولا قوة.
يأتي اليوم قانون جاستا بتصديق من الكونغرس ليفتح الباب واسعاً أمام امكانية مقاضاة الحكومات من الضحايا بحسب ما سوف تحيك مكاتب المحاماة قضاياهم.
قصة القانون معقدة ومتشابكة خيوطها ومتداخلة فيها المصالح بشكل مريب ومثير ومفتوح على كل الاحتمالات التي تريد أن تستغل القانون وفق مزاج مصالحها.
في الظاهر وضمن لعبة الابتزاز التي شبّك الكونغرس خيوطها وصاغ سيناريوهاتها تبدو حكومة المملكة العربية السعودية مستهدفة بالقانون بتلويح المستفيدين من القانون بتفجير البرجين عام 2001.
القانون لم يذكر السعودية هذا صحيح، لكنها وسائل الاعلام الامريكية «وهي من يقود اللعبة في كل ساحة» تركت جميع الحكومات التي يمكن ان يطالها القانون وأهملت ما يحمله جاستا من عوار قانوني في مسألة المس بالسيادة بما فيها سيادة امريكا نفسها التي صدر القانون من كونغرسها، وركزت على حكومة السعودية فقط وربطت تفجير البرجين بالقانون، فيما يكشف ان القانون قد تم تفصيله في أروقة أصحاب المصالح لابتزاز السعودية.
حذر الرئيس أوباما وكبار مساعديه من امكانية مقاضاة كبار القادة العسكريين الامريكيين في حال تم اقرار القانون المذكور، ولكن تحذيره لم يجدْ له صدىً في أروقة الكونغرس الذي خطط ورسم مع اكبر مكاتب المحاماة في واشنطن لابتزاز السعودية متجاهلين الوجه الآخر لقانونهم الذي أقروه.
فإضبارات الملفات الامريكية فيها ما فيها من أوراق خطيرة تضع الحكومة الأمريكية ذاتها أمام المقاضاة في العديد والعديد من القضايا التي يمكن للقانون أن يحركها في المحاكم، لتختلط الأوراق وليرتد هذا القانون على من وضعوه وصاغوا مواده.
«بغاها طرب فصارت نشب» مثل شعبي خليجي معروف قد ينطبق على الكونغرس الامريكي وقانونه الذي أراد ان يضرب به النظام العربي فضرب نفسه قبل غيره، وانقلب القانون ضد اصحابه.
ليس سراً ان مكاتب وشركات المحاماة الامريكية التي اعتمدت على الملايين في أرباحها السنوية تُعاني اليوم من تراجع رهيب في أرباحها حالها كحال الوضع الاقتصادي العالمي بمجمله، وليس سراً ان هذه الكاتب لعبتها مع الكونغرس وفق نظرية «شيلني وآشيلك» البراغماتية الامريكية المعروفة في اسلوب الحياة هناك، وفي ذات الوقت ليس سراً ان المصلحة الخاصة الضيقة لاصحاب النفوذ في الكونغرس لم تراعِ المصالح القومية الامريكية الواسعة، فزجت بها في زاوية يمكن ان يرتد فيها قانون «الكونغرس» عليها وعلى مصالحها القومية.
التاريخ الامريكي له ضحايا بالآلاف في جميع أنحاء العالم، فهل يفتح قانون جاستا الامريكي لضحايا العالم كله لمقاضاة الحكومة الامريكية وطلب التعويضات لكل هؤلاء الضحايا او لاسرهم واقاربهم؟؟
حسابات الكونغرس الخاصة بمصالح أعضائه أخطأت في حساب الحقل العالمي المزروع بألغام امريكية تفجرت بآلافٍ مؤلفة من الضحايا في الشرق والغرب وضحايا يتنام وحدهم يكفون لافراغ الخزانة الامريكية في حال التعويض، فكيف ورط جاستا بلاده.؟؟
سؤال من اسئلة قادمة في انعكاسات هذا القانون الذي جاء ليضع الرئيس الأمريكي القادم قريباً في مأزق علاقاته مع العالم. ولنا في ذلك قراءة تحليلية اخرى.
نقلًا عن صحيفة الأيام
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة