مشاورات الحوار الوطني بتونس.. المسمار الأخير في نعش الإخوان
خطوات متسارعة تخطوها تونس نحو "بناء جمهورية جديدة"، ولسان حالها اليوم يردد "لا عودة للوراء"، في مشهد يبعثر أوراق إخوان البلاد.
فخلال الساعات الماضية، بدأ الرئيس التونسي قيس سعيد لقاءات منفصلة مع الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية الأربع، تمهيدا لانطلاق فعلي ورسمي لمشاورات الحوار الوطني.
والمنظمات الأربع هي: "الاتحاد العام التونسي للشغل"، و"الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية"، و"الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين"، و"الرابطة التونسية لحقوق الإنسان".
لقاءات تأتي بعد أيام قليلة من تعيين الرئيس التونسي قيس سعيد، أستاذ القانون الصادق بلعيد رئيساً منسقاً "للهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة"، والمكلفة بصياغة مشروع دستور جديد للبلاد.
وتتكون هذه الهيئة الوطنية من اللجنة الاستشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، واللجنة الاستشارية القانونية، ولجنة الحوار الوطني.
وأمس الأحد، التقى الرئيس التونسي نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، وسمير ماجول رئيس اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة أرباب العمل)، وجمال مسلم رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، إضافة للأمين العام المساعد لاتحاد المزارعين.
كما التقى أمين عام "حركة تونس إلى الأمام" عبيد البريكي، ومن المفترض أن يواصل لقاءاته اليوم الإثنين مع بقية الأحزاب المناهضة للإخوان.
من جهته، أعلن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، اليوم الإثنين، عن تفاصيل لقائه بالرئيس قيس سعيد، مشيرا إلى أن الأخير أعلمه بسير الأمور في إطار ما كان قد أعلن عنه من قرارات تتعلق بالحوار.
فيما اشترطت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بمشاركتها في اللجنة القانونية المكلفة بصياغة مشروع الدستور دون التدخل في أشغال اللجنة التي ستشارك فيها وفي منهجية عملها وتوجهاتها، مع توفير كل الإمكانيات المادية واللوجستية للقيام بأعمالها في إطار الاستقلالية.
بدوره، أكد رئيس منظمة أرباب العمل سمير ماجول على أهمية العمل على إنعاش الاقتصاد، مشددا على دور القطاع الخاص في هذه المرحلة.
لا حوار مع من دمروا البلد
بدوره، قال عبيد البريكي، الأمين العام لحزب "تونس إلى الأمام"، إن الأحزاب السياسية الداعمة لمسار 25 يوليو/تموز ستشارك في الحوار الوطني مع المنظمات الوطنية الأربع وفق ما جاء في مرسوم إحداث الهيئة الوطنية من أجل جمهورية جديدة.
وفي تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" أوضح البريكي أن الرئيس قيس سعيد أبلغه خلال لقائه به أنه "لا حوار مع من دمروا البلاد وخربوها في السنوات الماضية".
واعتبر البريكي أن الجمهورية الجديدة التي يعني بها سعيد هي "إنقاذ البلاد من الانحرافات بالنظام الجمهوري خلال المراحل السابقة".
آخر مسمار في نعش الإخوان
ويرى مراقبون للمشهد السياسي التونسي بأن انطلاق المشاورات من أجل حوار وطني تونسي ينبثق عنه استفتاء شعبي من أجل دستور جديد هو "آخر مسمار في نعش الإخوان".
عبد المجيد العدواني الناشط والمحلل السياسي، أكد أن الحوار الوطني سيتم إجراؤه رغم محاولات الإخوان لتعطيله وبث الأكاذيب لتشويه مسار الإصلاح الذي ينفذه قيس سعيد لتطهير البلاد.
وقال في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "الإخوان يرفضون التخلي عن دستور 2014 الذي أدخل البلاد في حالة من الفوضى بسبب الفخاخ الدستورية التي يتضمنها".
وتابع "قيس سعيد ماض في مسار الإصلاح دون الالتفات إلى الوراء أو الإنصات لدسائس الإخوان، وهو عازم على إجراء الحوار الوطني وتنظيم الاستفتاء وصياغة دستور جديد"، موضحا أن هذه الخطوات هي استكمال لخارطة الطريق التي أعلن عنها سعيد يوم 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
بدوره، رأى محمد العرفاوي الناشط السياسي أن "قيس سعيد لم يتنازل عن خارطة الطريق التي أعلن عنها سابقا وهو ماض في إزاحة دستور 2014 الذي صيغ بتأثير من الإخوان وهو ما تسبب في خراب البلاد وأزمات اقتصادية واجتماعية".
وأضاف في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "جميع فصول دستور 2014 تنفذ مخططات الإخوان لتخريب البلاد"، مشيرا إلى أن قيس سعيد نسف لهم مخططاتهم وينفذ خارطة طريق وطنية تدفع بالبلاد إلى الأمام.
وسبق أن صرح الرئيس التونسي بأن الإخوان وحلفاءهم تسللوا إلى المؤسسات وسعوا لتفجير الدولة، بواسطة الدستور الذي أقروه قبل 10 سنوات.
ومنذ الاستقلال سنة 1956، نظمت تونس استفتاء دستوريا وحيدا عام 2002 وذلك في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وكان الهدف منه سياسيا إطالة عُهدة الرئيس والسماح له بالترشح مرّة أخرى للانتخابات الرئيسية بعد أن قضّى حينها 15 سنة رئيسا للبلاد، إثر انقلاب 1987.
خارطة تبدأ بهيئة
ووفق المرسوم الرئاسي بإحداث "الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة"، يتولى الرئيس المنسق (الصادق بلعيد) رئاسة لجنة الحوار الوطني التي تتكون من أعضاء اللجنتين الاستشاريتين المنصوص عليهما بالبابين الثالث والرابع من المرسوم، وهما اللجنة الاستشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، واللجنة الاستشارية القانونية.
فيما تتولى لجنة الحوار على ضوء نتائج أعمال اللجنتين الاستشاريتين التأليف بين المقترحات التي تتقدم بها كل لجنة بهدف تأسيس جمهورية جديدة، تجسيما للتطلعات الشعبية المشروعة التي عبّر عنها الشعب التونسي في ثورة 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 وأكدها في الاستشارة الوطنية.
وتعقد لجنة الحوار الوطني جلساتها برئاسة الرئيس المنسق وبدعوة منه وتصادق على نتائج أعمالها النهائية بأغلبية أصوات الحضور. وعند تساوي الأصوات يكون صوت الرئيس مرجحا.
ويرفع الرئيس المنسق إلى رئيس البلاد قيس سعيد تقارير دورية عن تقدم أعمال لجنة الحوار الوطني، ويقدم له تقريرها النهائي طبقا للفصل 2 من هذا المرسوم في أجل أقصاه يوم 20 يونيو/حزيران 2022.
aXA6IDMuMjEuMTU5LjIyMyA= جزيرة ام اند امز