نسخة عربية من الكتاب الفرنسي "رحلة إلى مصر"
الكتاب ترجمه الكاتب والمترجم المغربيّ محمّد بنعبود، وراجع الترجمة ونقّحها وقدّم لها الشاعر والأكاديميّ العراقيّ كاظم جهاد.
أصدر مشروع "كلمة" للترجمة في دائرة الثقافة والسياحة-أبوظبي، ترجمة كتاب الروائي والشاعر والناقد الفرنسي تيوفيل غوتييه "رحلة إلى مصر".
الكتاب ترجمه عن الفرنسية الكاتب والمترجم المغربي محمد بنعبود، وراجع الترجمة ونقّحها وقدّم لها الشاعر والأكاديمي العراقي المقيم في باريس كاظم جهاد.
وصدرت هذه الترجمة بالتّزامن مع ترجمة رحلة الكاتب نفسه إلى الجزائر، وهي الأخرى ترجمها محمّد بنعبود وراجَعها كاظم جهاد.
وفرضت مصر، شأنها شأن باقي بلدان الشّرق، بل أكثر منها جميعاً، سطوتها على خيال غوتييه قبل رحلته إليها بعقودٍ عديدة، وأثناء الرحلة وفي أعقابها.
وكتب عنها وشعرَ بشوقٍ عارمٍ إليها قبل أن تطأها قدماه، وذلك من خلال ما شاهده من إبداع أبنائها في المعرض الدوليّ الذي أُقيم في باريس عام 1867، وفي المتاحف والجاليريّات، وما عرفه عنها بفضل قراءاته الشرقيّة والاستشراقية الواسعة.
وعندما بلغها بعد طولِ انتظار وحنين وشغف، شاءت الأقدار أن يتعرّض لحادث حوّلَ رحلته، ذلك أنّ إحدى ذراعيه قد تعرّضت على متن السّفينة إلى الكسر، ممّا اضطره، لمداراة ذراعه المجبّرة، إلى الاكتفاء بالتطلّع إلى المدينة التي كانت تستقطب كلّ أحلامه من شرفة فندق "شِبَرْد" حيث أقام هناك.
بيد أنّ هذا اللّقاء المفوّت لم يكن كذلك بكامله، فقريحة الكاتب وذكرياته عن مصر التي لطالما رآها في أحلامه وقراءاته، وقدرته على استشراف طبائع أهل البلاد من خلال أدنى تجلّياتها، وبفضل أبسط محادثة، هذا كلّه مكّنه من أن يعوّض نسبيّاً عدم اقتداره على الحركة جائلاً في طول القاهرة وعرضها كما كان دأبه في سائر رحلاته.
ثمّ إنّ الكتاب المترجَم يقدّم للقارئ تعويضاً آخر بفضلِ ما يحتويه ملحقه من مقالات عن أعمالٍ أدبيّة وفنيّة عدّة مكرّسة لمصر، كان غوتييه قد كتبها في فترات مختلفة وجمعها الباحث الإيطاليّ بابلو تورتونيزه الذي تنطلق الترجمة من طبعته لهذه الرّحلة.
فهي بمثابة تتمّة لرحلته تأتينا من معاينته رحلات الآخَرين إلى مصر وما كتبوه عن البلاد أو رسموه.
كما ينبغي القول إنّ أعمال غوتييه الخياليّة عن الشرق، من "رواية المومياء" إلى العديد من أشعاره وقصصه، تحتفظ مع رحلاته ومقالاته المكرّسة للشّرق بأواصر مشتركة عديدة.
ففي النصوص الإبداعيّة نجد أفكاراً وافرة عن الشرق وتحليلات رصينة لتاريخه وثقافته، وفي الرحلات والمقالات هناك هذه القدرة العالية على إنجاز الوصف الحيّ واللّوحة البالغة الدّقّة والمشهد الباذخ التفاصيل والسّرد البارع للّقاءات والمعاينات، هذا كلّه الذي يشفّ عن حرص الكاتب على زجّ قارئه في العالم الذي يصف، وفي صميم قراءته لهذا المشهد أو العمل الفنّيّ أو ذاك.
وُلد تيوفيل غوتييه في مدينة "تارب" الفرنسيّة وانتقل مع عائلته إلى باريس عام 1818، وفي المدرسة تعرّف على الشاعر جيرار دو نرفال وتوطّدت صداقتهما وتحمّسا معاً لدراسة الشّعراء اللّاتين وآداب اللّغة الفرنسيّة، وبدآ فيما بعد يرتادان الأوساط الأدبيّة، ثمّ تعرّف على فيكتور هوغو الذي جعله يعي موهبته كاتباً، هو الذي كان مصمّماً على أن يصبح رسّاماً.
وما هي إلّا سنوات قليلة حتّى صار غوتييه نفسه، بأشعاره وسرديّاته ومقالاته، أحد أعمدة الرومنطيقيّة الفرنسيّة، إلا أنه بدءا من عام 1850 قرّر الابتعاد عن هذه الحركة مستاءً من مغالاتها الشّعوريّة، وأطلق نظريّته في "الفنّ من أجل الفنّ"، وسرعان ما صار رائد تيّار البرناس الشعريّ، وهو نوع من رومنطيقيّة مُحدَثة أُعجب بها رامبو ثمّ انتقدها فيما بعد.
برع غوتييه في كتابة الرواية وقصص الرحلات، وفي نقد الفنّ بكلّ صنوفه، الرّسم والنّحت والموسيقى والمسرح.
وقد شهد له سابقوه وأقرانه بالألمعيّة، فافتتح بودلير مجموعته الشعريّة الأساسيّة أزهار الشّرّ بإهداء المجموعة كلّها إلى غوتييه، ورثاه بعد وفاته كلّ من هوغو ومالارميه، وكان بين أصدقائه، إلى جانب هؤلاء الشعراء، الرّوائيّان غوستاف فلوبير وألكسندر دوما الابن.
وينبغي التنويه بأنّ "مشروع كلمة" سبق أن نشر ترجمة لأجمل قصص غوتييه القصيرة وأكثرها ذيوعاً قام بها الروائي والشاعر التونسيّ محمّد علي اليوسفي وراجعها كاظم جهاد، وحملت عنوان "الميتة العاشقة وقصص فنظازيّة أخرى".
أمّا محمّد بنعبود، مترجم الكتاب، فهو من مواليد إقليم تطوان بالمغرب عام 1957، حاصل على الإجازة في اللّغة العربية من كلّية آداب فاس، وعلى دبلوم كلّية علوم التّربية بالرّباط.
له رواية "قصبة الذئب" (اتّحاد كتّاب المغرب)، ومجموعة قصصية "تجاويف" (منشورات وزارة الثّقافة المغربية) وسيناريوهات أفلام تلفزيونيّة.
من ترجماته روايتا "المصريّة" و"ابنة النيل" لجيلبرت سينويه (منشورات الجمل)، وروايتا "اغتيال الفضيلة" و"مخالب الموت" لميلودي حمدوشي (منشورات عكاظ)، وكتاب "لقاء" لميلان كونديرا و6 روايات لستيفان زفايغ، (المركز الثّقافي العربيّ) و"طرديّات" و3 روايات للناشئة لألكساندر دوما (مشروع "كلمة" للترجمة).