"القروي" إلى الإعادة برئاسة تونس.. ماذا لو فاز المرشح السجين؟
ماذا لو فاز المرشح الرئاسي التونسي نبيل القروي، وفاز بتذكرة العبور نحو قصر قرطاج، وهو القابع بسجنه بانتظار محاكمته؟
سيناريو يطرح نفسه بشدة إثر تأكيد عبور مرشح حزب "قلب تونس" الليبرالي، إلى الدور الثاني للاقتراع الرئاسي، عقب حصوله على المركز الثاني بـ15.58 بالمئة من الأصوات، خلف المرشح المستقل قيس سعيّد، الذي حل أولا بـ18.4 بالمئة.
- "إخوان" تونس يقرون بالهزيمة في الانتخابات الرئاسية
- قيادي بارز بإخوان تونس يستقيل ويدعو الغنوشي لاعتزال السياسة
مسار قانوني معقّد يحرج رئيس الوزراء الحالي يوسف الشاهد، ويفضح تعمّد الإخوان الذين يسيطرون على البرلمان، عدم استكمال انتخاب تركيبة المحكمة الدستورية المخولة بالنظر في الإشكالات القانونية العويصة المتعلقة خصوصا بفرضيات قد يطرحها الفوز المحتمل للقروي بالدور الثاني.
ناجح سالم، أستاذ القانون العام بالجامعة التونسية، عاد على السيناريوهات المتوقعة عقب إعلان عبور القروي إلى الدور الثاني.
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، قال سالم إنه في حال فاز القروي بالجولة الثانية، فسيكون للأمر أكثر من طرح.
الفرضية الأولى: أن يفوز القروي وهو موقوف، وهنا تقوم هيئة الانتخابات بإعلام مجلس نواب الشعب (البرلمان) بفوز المرشح، لتحيل بذلك الملف بمجمله إلى المجلس الذي من المفروض أن يحيل بدوره الأمر إلى المحكمة الدستورية التي لم تتشكل بعد لعدم اكتمال انتخاب تركيبتها.
وفي هذه الحالة، ستدخل البلاد في نوع من الانسداد السياسي، وقد يتم تجاوز الأمر مثلما حدث عند وفاة الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، فيتواصل البرلمان مع القضاء، من أجل إحضار القروي لأداء اليمين الدستورية.
وأكّد الخبير القانوني أن "القسم شرط صحة لتولي المهام السياسية، بينها الرئاسة، أي أن القروي في حال لم يؤد اليمين، فلن يكون بإمكانه مباشرة مهامه رئيسا للبلاد".
أما السيناريو الثاني، فهو فوز القروي وهو خارج السجن، أي قبول مطلب الإفراج عنه، وهنا، فإن الأمر لن يكون بذات التعقيد، فيؤدي اليمين الدستورية، وينصّب رئيسا للبلاد، ويتمتع بحصانة ترجئ محاكمته إلى ما بعد نهاية ولايته، أي بعد 5 سنوات.
ويقبع القروي، منذ 23 أغسطس/آب الماضي، بالسجن، إثر توقيفه بموجب قرار قضائي، على خلفية شكوى تقدمت بها ضده منظمة محلية مستقلة تسمى "أنا يقظ"، تتهمه فيها بغسيل الأموال والفساد، وهو ما تنفيه هيئة الدفاع عنه.
ووفق محاميه، فإن توقيف القروي، خطوة سياسية، أراد من خلالها رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وهو أيضا مرشح رئاسي، قطع الطريق على القروي الذي تصدر استطلاعات الرأي في نوايا التصويت للاقتراع.
غير أن الشاهد أغفل حبك مؤامرته، وأغفل أن القانون الانتخابي يسمح لأي تونسي خوض الانتخابات حتى وهو موقوف، طالما لم يصدر بحقه حكم إدانة، وهذا ما جعل التونسيين يقبلون بنهم على التصويت للقروي، "عقابا" للشاهد على قراراته الطائشة.
وبالفعل، صوت الناخبون التونسيون بشكل "عقابي"، فاختار بالمرتبة الأولى، أكاديميا بعيدا كل البعد عن الدوائر الحزبية، وبالمركز الثاني، القروي الذي يحظى بشعبية كبيرة بالمناطق الداخلية، نظرا لما تقوم به جمعيته التي كان يقودها سابقا "خليل الخيرية" من أنشطة ساهمت في انتشال عائلات من الفاقة، وساعدتهم على مواجهة متطلبات الحياة اليومية.
حضر القروي حيث غابت حكومة الشاهد، فكانت النتيجة بديهية، واختار الشعب من يؤازره في كل محنه، وليس من يهرع إليه في مواكب عند الحملات الانتخابية ليسرد على مسامعه لائحة طويلة من الوعود التي يدرك جيدا أنها لن تتحقق.