"أبو عبيدة".. اعتقال إرهابي يعيد للعراق ذكرى "الفاجعة"
أعاد نبأ اعتقال المسؤول عن واحد من أكبر التفجيرات الدامية في العاصمة بغداد، صور الموت والجثث المتفحمة إلى إلى ذاكرة العراقيين ونواح ذوي الضحايا، بعد أن أعلن مساء اليوم الإثنين الإطاحة بالمكنى بـ"أبو عبيدة"، أحد العناصر الخطرة بتنظيم داعش.
عند مساء الـ3 من يوليو/تموز، من عام 2016، كان أهالي بغداد على موعد مع مجزرة كبيرة لم يمح تقادم السنوات فجيعتها من ذاكرة الحزن العراقي، عندما انفجرت سيارة محملة بمادة نترات الأمونيا وسط إحدى أهم المناطق التجارية في قلب العاصمة بغداد وهي الكرادة.
حينها كانت الشوارع والطرقات تكتظ بآلاف المتبضعين ممن يستعدون لاستقبال عيد الفطر بعد أن شارف شهر رمضان على النهاية، لكن كان للإرهاب كلمة قلبت أفراح العباد ومسراتهم إلى فواجع ونحيب ظل صداها خالداً في قلوب ذوي الضحايا.
في ساعات المساء الأولى من ذلك اليوم، انفجرت السيارة المحملة بمواد شديدة الانفجار، قبالة مراكز تجارية في منطقة الكرادة، مما تسبب بانفجار هائل كبير أودى إلى حرائق لم تعهد من قبل، مما تسبب بمقتل نحو 300 شخص.
وفيما كانت الحرائق تأكل المباني والضحايا، كان هنالك المئات من العراقيين وعشرات فرق الإسعاف يحاولون تطويق الكارثة علها تستطيع الظفر بما يمكنها من ضحايا وأرواح، غير أن الدمار الذي ضرب المنطقة التجارية أعجز المسعفين ومحاولات الإنقاذ السريعة.
ومع اجترار وقت الكارثة، كان المسعفون يخرجون ملابس محترقة تتداخلت فيها أشلاء بشرية وامتزجت أعضاء مع قطع معروضات تجارية حتى بات من الصعب التمييز ما بين ضحية وسلعة محترقة.
النواح على الضحايا كان سيد الموقف وخصوصا عندما تعذر على ذوي الضحايا العثور على أبنائهم القتلى بعد أن حولتهم النيران إلى جثث متفحمة يصعب التعرف عليها إلا بعد اخضاعها للفحص التعريفي التشريحي "DNA".
فيما غابت أسماء الضحايا مع أجسادها ولم يستدل لى أثر ما يوضح هوياتهم حتى يومنا هذا بعد أن تحولت إلى قطع مفتتة يصعب التبين من هويتها ولأي ضحية تعود.
وأشارت وزارة الصحة العراقية إلى مقتل نحو 300 شخص، كان العشرات من العوائل يتجمعون قرب دوائر الطب العدلي بانتظار التعرف على جثامين الجثث المحترقة وتتطابقها مع الفحوصات التشريحية.
قضى أغلب الضحايا جراء محاصرتهم بنيران داخل المباني التي تضم محلات ملابس وعطور ومخازن سهلت انتشار النيران بشكل سريع، وكان بين القتلى 150 تعذر التعرف عليهم بسبب تفحم جثثهم.
وكان تنظيم داعش قد أعلن مسؤوليته عن التفجير الذي استهدف مركزا تجاريا مكتظا قبيل عطلة عيد الفطر، وقالت السلطات العراقية، إن الهجوم نفذ بواسطة حافلة صغيرة محملة بمادة نترات الأمونيا وسي 4، الأمر الذي أدى إلى نشوب حريق كبير في ثلاثة مراكز تسوق.
آنذاك ألقي اللوم على عجز أجهزة كشف المتفجرات المحمولة يدوياً في الحواجز الأمنية والمختصة بكشف العربات المفخخة والأحزمة الناسفة.
ولاحقاً كشفت تحقيقاتٌ أنها تستخدم لتحديد أماكن كرات الغولف المفقودة، ولا تصلح لمهمة معقدة وحساسة مثل كشف المتفجرات.
وأشارت التحقيقات حينها إلى أن السيارة المفخخة تجاوزت أكثر من نقطة أمنية وسط بغداد من دون اعتراضها، إذ يتوقع المحققون أن نقطة التفجير تم اختيارها وفقاً لطبيعة التجمعات البشرية وتوقيتها الذي صادف بعد موعد الافطار (خلال شهر رمضان)، حيث يتزايد إقبال العائلات على التسوق.
سبب انفجار السيارة الشديدة التفخيخ، قطعاً للتيار الكهربائي، وبحسب شهود عيان حينها، من لم يقتله عصف الانفجار أو شدته، حاصرته النيران في مراكز التسوق الثلاثة على جانبي الطريق وعلى أسطح هذه المباني لساعات قبل ان تلتهمهم النيران.
ولفتت التقارير الى أن الانفجار تسبب بإلحاق أضرار بالغة بـ13 مبنى بين بناية ومحلات ومن ضمنهم مول (الليث) ومول (سنتر)، فضلاً عن تدمير 9 عربات.
وكان رئيس الوزراء آنذاك حيدر العبادي، أقال على أثر تلك الفجيعة، عدداً من القادة الأمنيين بعد مطالبة أهالي الكرادة بالتحقيق وعقاب المسوؤلين، في محاولة لامتصاص الغضب العارم الذي اعتلى الشارع العراقي.
كان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، قد أعلن ، مساء اليوم الإثنين، اعتقال مدبر تلك الجريمة البشعة، بعد مضي خمس سنوات على مضيها.
وقال الكاظمي في تغريدة عبر "تويتر" إنه "بعد أكثر من خمس سنوات على جريمة تفجير الكرادة التي أدمت قلوب العراقيين، نجحت قواتنا البطلة، بعد ملاحقة مخابراتية معقّدة خارج العراق، في اعتقال الإرهابي غزوان الزوبعي، الملقب بـ(أبو عبيدة بغداد)، المسؤول عن هذه الجريمة وجرائم أخرى".
وفي وقت لاحق، كشف المتحدث باسم القائد العام القوات المسلحة، يحي رسوب تفاصيل عملية اغتيال الملقب "أبو عبيدة".
وقال في بيان، إنه "باشراف ومتابعة القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، تمكن الأبطال في جهاز المخابرات الوطني وبعملية بطولية استخبارية معقدة من القاء القبض على المتهم ( غزوان الزوبعي) الملقب ب (أبو عبيدة بغداد) في إحدى الدول وهو من أبرز المطلوبين للقضاء العراقي حيث نفذ هذا الإرهابي العديد من العمليات الاجرامية ضد أبناء الشعب العراقي والقوات الامنية العراقية".
واضاف، أن "أبرز تلك العمليات هي تفجير عجلة مفخخة في منطقة الكرادة (مجمع الليث) بتاريخ 2017/7/3 من خلال انتحاري حيث كان متواجد مع الانتحاري في نفس المضافة قبل توجهه الى بغداد ونقله مع عجلته إلى منطقة العظيم وبعدها توجه بها الانتحاري إلى بغداد ونفذ عمليته."
وأشرف الارهابي، وفقا للواء رسول، "على تفجير مزدوج في محافظة بغداد في مول النخيل بتاريخ 2016/9/9 من خلال انتحاري يرتدي حزام ناسف وتلتها تفجير عجلة مفخخة نوع هونداي باص تحتوي على انتخاري أخر، اضافة إلى تفجير عجلة مفخخة في بغداد بالقرب من مرطبات الفقمة بتاريخ 2017/5/30 كان يستقل العجلة انتحاري".
وتابع رسول، أن "الارهابي مسؤول عن تفجير عجلة مفخخة في منطقة الشواكة بالقرب من هيئة التقاعد العامة بتاريخ 2017/5/30 كان يستقل العجلة انتحاري، وتفجير عجلة تستهدف زوار الامام الكاظم عليه السلام أثناء مراسيم الاستشهاد في مفرق الدورة قرب السايلو 2016/5/2 كان يستقل العجلة انتحاري".