من وحي رسالة خديجة.. صلاح الدين «لم يفتح القلعة»
عندما تأمل في ظلال النور، تدرك أن الضوء ليس وحده ما يشع، خلف هذا النور تتوارى قصص لا تُحكى، وألمٌ غير مرئي يحفر معالمه في الأرواح.
ارتبط اسم صلاح الدين الأيوبي لدى العرب بمعركة حطين وفتح القدس، والحروب الصليية، كما ارتبط الاسم عند المصريين بقلعة صلاح الدين، أو قلعة الجبل، التي تقع على جبل المقطم أحد أحياء القاهرة القديمة، لكن بعد سنوات ارتبط الاسم نفسه بأمور كثيرة، منها ما وقع في أحد الأحياء الهادئة بمصر، حيث كانت تعيش "خديجة" حياة تبدو عادية، ولكنها لم تكن كذلك.
منذ طفولتها، اعتادت خديجة على رؤية عالمها من خلال عدسة متغيرة، تلك العدسة التي كانت تُمليها على نحو غير مباشر شخصيةٌ سحرية، يدعي أنه الشيخ الأسمى، كان اسمه يتردد في كل زاوية، كأنما هو بوصلة الحياة التي لا يمكن الخروج منها.
كان عمر «خديجة» لا يتجاوز الثامنة عندما دخل حياتها اسم «صلاح الدين»، رجلٌ يدعي أنه نبي عصره، وأن مصير كل فرد من أفراد عائلتها بيده.
دُفِعَت خديجة إلى عالم من الضباب، حيث يختلط الخوف بالإيمان، والتبعية بالحقيقة. في سن مبكرة، أصبح هذا الرجل رمزًا للأبوة والقداسة، وبالرغم من ذلك، فقد كان الشبح الذي يلقي بظلاله على حياتها.
استمرت طقوس هذا العالم حتى بلوغها عامها الحادي والعشرين، عندما تلقت صورةً مريبة ورسالةً فاضحة، كانت تلمح إلى علاقة غير لائقة وتحيي ذكريات مؤلمة.
تلا ذلك جملة من الأحاديث التي بدت كأنها تمزق الروح، حيث كان صلاح الدين يُقنعها بصوت رنان بأنه يجب عليها الزواج من ابنه، دون السماح لها بأن يكون لها رأي أو خيار.
مع مرور السنوات، تبين أن هذه الطقوس لم تكن سوى خدعة مدروسة، فقد تزوج ابن صلاح الدين من إنسانة أخرى.
هذه الخيانة لم تكن مجرد تغيير في مسار حياة خديجة، بل كانت نقطة التحول التي جعلتها تدرك الحقيقة المرة، اكتشفت أنها كانت ضحية لمتلاعب بارع، يحكم بحكم القوة الوهمية ويُخضع الآخرين للسيطرة من خلال أدوات نفسية مُحكمة.
لكن الحقيقة، مهما طالت خيوطها، تجد طريقها إلى النور، انطلقت خديجة في رحلة شفاء صعبة، تبحث عن العلاج والتعافي، وتخرج من أتون الظلمات التي استمرت لأكثر من عقدين من الزمن، ولم يكن الأمر سهلاً، لكن كل خطوة في طريقها كانت تنزع عنها أثقال سنوات من الألم.
مرت سنوات من العلاج، حيث واجهت خديجة شياطين الماضي وجهًا لوجه، تعلمت كيف تحرر نفسها من سلاسل التبعية والخوف، وبدأت في إعادة بناء حياتها من جديد، لم يكن التحدي فقط في التخلص من التأثيرات النفسية، بل في محاربة الواقع المحيط بها، الذي ما زال متشبثًا بعالم صلاح الدين.
aXA6IDMuMjIuNDIuMTg5IA== جزيرة ام اند امز