"الثورية" بالخرطوم.. عودة الطيور "المنفية" في يوم تاريخي للسودان
بعد عامين من التيه في المنفى، عاد قادة الكفاح المسلح لوطنهم السودان، وسط استقبالات حافلة على أنغام السلام.
وصول قادة الجبهة الثورية، الذي حظى بترحاب سوداني واسع، يمثل بالنسبة لمراقبين بداية لنهاية عهود من الحروب الأهلية الدامية التي أشعلها نظام الإخوان الإرهابي المعزول، في إقليم دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.
ولعظمة المشهد، تدافع آلاف السودانيين إلى ساحة الحرية بالخرطوم؛ حيث يجري احتفال كبير بعودة قادة الكفاح المسلح.
ومن قلب العاصمة السودانية، يتغنى ويرقص الجميع كل على طريقته فرحا بطي صفحة الحرب اللعينة التي طالما مزقت هذا البلد مترامي الأطراف.
الحكومة السودانية بادرت بدورها بإعلان يوم الأحد عطلة رسمية في كل ربوع البلاد، لإتاحة الفرصة للمشاركة في احتفالات السلام.
لحظة تاريخية خرجت من ولادة متعثرة لجراحة تفاوضية بين السلطة الانتقالية والحركات المسلحة فور انتهاء حكم الإخوان برعاية دولة جنوب السودان ودعم أصدقاء إقليميين ودوليين، أبرزهم الإمارات والسعودية ومصر.
واعتبر رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبدالله حمدوك أن عودة قادة الكفاح المسلح للخرطوم يمثل بداية حقيقية لطي صفحة الحرب.
وغرد حمدوك عبر تويتر: "وصول شركائنا في التغيير من قيادات حركات الكفاح المُسلّح اليوم إلى أراضينا هو تدشين حقيقي لعملية بناء السلام وإغلاق لصفحة الحروب في بلادنا".
تحول تاريخي
المحلل السياسي الجميل الفاضل، وصف وصول قادة الكفاح المسلحة بأنه نقطة تحول تاريخية في مسيرة السودان ويضع أساسا لتحقيق السلام.
وقال الفاضل لـ"العين الإخبارية" إنه للمرة الأولى في تاريخ السودان يحدث اتفاق سلام بين حكومة انتقالية وحركات مسلحة بمثل هذه المشاركة الواسعة.
وأضاف: "عودة الجبهة الثورية سيدعم فترة الانتقال ويحدث وزنة كبيرة في مسألة حسم بعض الملفات الخاصة بالعلاقات الخارجية لا سيما مع إسرائيل، فضلا عن أن مشاركتها ستدفع قدما بالملف الاقتصادي".
وتابع: "هذه تجربة فريدة سيكون لها تداعيات إيجابية على الفترة الانتقالية على المستوى السياسي والاقتصادي وغيرها من المكاسب".
وعلى ذات المنحى، اعتبر المحلل السياسي الدكتور عباس التجاني أن عودة قادة الحركات المسلحة للخرطوم يمثل خطوة كبيرة في سبيل بناء السلام في السودان.
وقال: "أي حراك في سبيل إنهاء الحرب يجب أن يحظى بتأييد كبير بغض النظر عن رأي الناس حوله، فبكل المقاييس ليس هناك نتائج أسوأ من القتال والدماء".
ومضى في تحليله: "هذه خطوة كبيرة وتحتاج لإرادة وسند دولي ومحلي لإكمال تنفيذ الاتفاق، لأن هناك تحديات اقتصادية وسياسية بحاجة لتضافر".
ومن المقرر أن يتم تمثيل الجبهة الثورية في كل مستويات السلطة الانتقالية، بمقتضى اتفاق السلام الموقع في جوبا، وينتظر إعلان تشكيل حكومي جديد خلال الأيام المقبلة.
ويعطي اتفاق جوبا الذي جاء بعد مفاوضات طويلة، الجبهة الثورية 5 وزارات و3 مقاعد في مجلس السيادة، و70 مقعدا بالبرلمان الانتقالي.