طغت مؤخرا التداعيات المرتقبة لأحداث أوكرانيا على عملية تصفية زعيم تنظيم "داعش" الإرهابي.
ذاك العقل المخطط لكثير من عمليات التنظيم الإرهابي، المدعو عبد الله القرشي، والذي تمت تصفيته في مدينة إدلب السورية بعملية محكمة كان لجهاز المخابرات العراقي دور محدود فيها.
ولا شك أن هذه العملية النوعية لها أثر مادي ومعنوي كبير على باقي التنظيمات الأخرى ارتباطاً بتوقيتها وبمكانة الشخص المستهدف، والذي يعرف الجميع أنه ظل لأعوام أحد أبرز وأهم مساعدي زعيم التنظيم السابق، أبو بكر البغدادي، والذي لقي حتفه أيضاً في مدينة إدلب في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2019.
وهنا يرد سؤال: هل مقتل القرشي يعني طي صفحة تنظيم داعش؟ وهل الولايات المتحدة تكيل بمكيالين في مواجهتها القتالية مع قادة التنظيمات الإرهابية؟ نعم إنها تكيل بمكيالين.. وإلا فأين هي من باقي التنظيمات الإرهابية الأخرى بخلاف "داعش"؟
بداية، تعتبر هذه العملية استمرارا لتكتيكات عسكرية تم اتباعها في عمليات عدة سابقة، ففي نهاية عام 2019، أعلن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، عن مقتل "البغدادي" في محافظة إدلب، شمال غرب سوريا، في عملية نفذتها قوة "دلتا"، وفي عام 2011، أعلن الرئيس باراك أوباما عن تنفيذ عملية قتل أسامة بن لادن بالطريقة نفسها في باكستان.
وفي 3 فبراير الجاري يعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن مقتل زعيم تنظيم "داعش"، أبي إبراهيم الهاشمي القرشي، في عملية نوعية نفذتها القوات الخاصة الأمريكية بمنطقة "أطمة" بريف إدلب قرب الحدود السورية-التركية، وهي العملية التي طرحت العديد من الدلالات والتساؤلات حول مغزى التوقيت والمكان، ومستقبل التنظيم، وقيادته المحتملة فيما بعد مقتل القرشي.
نعم.. إن من نتائج هذه العملية أن تنظيم داعش الإرهابي ليس في أفضل حالاته، وأنه يعاني حالة ضعف وتراجع يوما بعد يوم، كما حدث قبل سنوات مع تنظيم "القاعدة" الإرهابي، الذي فقد مع الوقت كبار قادته، ويكاد وجوده يقتصر اليوم على شبكة الإنترنت عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
واليوم تبدو قدرة تنظيم "داعش" ضعيفة على اختيار قيادات بديلة يمكن أن تملأ غياب "القرشي"، إذ تم خلال السنوات الماضية استهداف معظم الرعيل المؤسس للتنظيم، وتحديدا تم قتل 48 قياديا داعشيا، ولم يبق منهم سوى اسمين تدور حولهما الترشيحات لخلافة "القرشي"، بجانب المتحدث الرسمي للتنظيم أبي حمزة الهاشمي القرشي، إذ من المحتمل حسب ما تتداوله وسائل إعلامية أمريكية تولي جمعة عواد البدري، رئيس مجلس شورى التنظيم وشقيق زعيم التنظيم السابق، أبي بكر البغدادي، القيادة، وهو الاسم الذي يمكن أن يساعد على تماسك التنظيم ومنع حدوث انشقاقات محتملة من جانب بعض العناصر أو بعض الأفرع، خصوصاً بعد ارتفاع أصوات أفرع تطالب بمبدأ "التدوير" الخاص بجنسية زعيم التنظيم.
أيضا نشرت الصحافة الأمريكية معلومات عن إمكانية تولي "أبو صفاء الرفاعي"، وهو الرجل الأهم والأقوى في تنظيم "داعش" حالياً، والقيادي العسكري "الخفي"، قيادة التنظيم، خلفاً لـ"القرشي"، واسمه الحقيقي مازن نهيري.
وتشير تقارير أمريكية عديدة إلى أن "نهيري" يعتبر من مؤسسي التنظيم الثلاثة الذين وضعوا نواته الأولى، وقد تزايدت أهمية دوره بعد مقتل "أبي مسلم التركماني" و"عبد الرحمن القادولي"، اللذين يمثلان الخط الثاني من القيادات.
من ناحية أخرى نجد اليوم أذرعا إخوانية في الولايات المتحدة على علاقات مع منظمات مصنفة إرهابية، ومنها ما تعد إحدى الأذرع الشهيرة لتنظيم الإخوان الإرهابي على الأراضي الأمريكية.. وقد تم الكشف عن ذلك ضمن تقارير منظمة المشروع الاستقصائي حول الإرهاب "آي.بي.تي"، التي تصف نفسها بأنها "مركز بيانات حول الجماعات الإرهابية المتطرفة".
واليوم أمامنا تقارير إعلامية عالمية كشفت الستار عن قائمة الإرهابيين المطلوبين في الشرق الأوسط، الذين ما زالوا طلقاء وتبحث الولايات المتحدة عن أماكن وجودهم كـ"الظواهري" و"أبو محمد الجولاني"، زعيم هيئة تحرير الشام، التي تصنفها الولايات المتحدة "إرهابية"، ومليشيات كالحوثيين و"حزب الله" تورطتا في عمليات ضد جنود الجيش الأمريكي.. إلى متى إذًا تتغافل الولايات المتحدة عن هذه المنظمات والمليشيات والأفراد وتتغاضى عن إرهابهم؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة