ملك البحرين.. مسيرة حافلة تتوجها إنجازات ومبادرات ملهمة
بمشاعر ملؤها الحب والوفاء والتقدير والفخر، يحتفل الشعب البحريني الجمعة، بالذكرى 23 لتولي ملك البلاد حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم.
احتفالات تأتي في وقت تحقق فيه بلادهم إنجازات قياسية برعاية وتوجيهات قائد مسيرة التنمية، الذي أطلق أيضا على مدار الفترة الماضية مبادرات ملهمة تعزز التسامح والسلام.
وتحل الذكرى في وقت يجني فيها الشعب البحريني ثمار الإنجازات الاستثنائية التي تحققها بلادهم في مختلف المجالات على الصعيدين الداخلي والخارجي.
على الصعيد الداخلي، تأتي تلك الذكرى بعد نحو أسبوع من افتتاح عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي السادس لمجلسي الشورى والنواب، وذلك بعد تشكيل برلمان وحكومة جديدتين في البلاد، في أعقاب انتخابات شهدت أعلى نسبة مشاركة في تاريخ البلاد.
وتعد تلك الانتخابات محطة جديدة نحو ترسيخ المسار الديمقراطي الذي أرسى دعائمه الملك حمد بن عيسى آل خليفة، منذ اليوم الأول لتوليه السلطة عام 1999.
أيضا تحل الاحتفالات بعد نجاح خطة التعافي الاقتصادي التي أطلقتها الدولة قبل نحو عام في تحقيق الكثير من أهدافها، الأمر الذي انعكس إيجابيا على مؤشرات النمو الاقتصادي، التي ارتفعت لأعلى مستوى منذ عام 2011.
دوليا
على الصعيد الدولي، تأتي تلك الذكرى بعد أيام من مشاركة عاهل البحرين في 9 ديسمبر/كانون الأول الجاري في قمم الرياض الثلاث (القمة الخليجية الـ43 وأول قمة خليجية صينية وأول قمة عربية صينية)
جاءت تلك المشاركة بعد أيام من لقاء عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة بالرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، عقب صوله إلى البحرين 4 ديسمبر/كانون الأول الجاري، في زيارة هي الأولى لرئيس إسرائيلي إلى المملكة.
زيارة تعد أحدث ثمار معاهدة سلام بحرينية مع إسرائيل، تمت بقرار تاريخي من ملك البلاد، بعد تبنيه رؤية فريدة لتحقيق السلام والتعايش في المنطقة.
وجاءت الزيارة بعد شهر من استقبال عاهل البحرين، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والبابا فرنسيس بابا الفاتيكان بالبحرين، اللذان شاركا في فعاليات عدة تعزز ثقافة التسامح والأخوة الإنسانية.
أيضا تأتي الاحتفالات بعد نحو شهر من زيارة أخوية أجراها عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة للإمارات 19 نوفمبر الماضي، بعد نحو أسبوع، من زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات للمملكة في الـ10 من الشهر نفسه، الأمر الذي يبرز العلاقات الأخوية المتنامية بين البلدين.
وتحتفل البحرين بأعيادها الوطنية يومي 16 و17 ديسمبر، إحياء لذكرى قيام الدولة البحرينية الحديثة في عهد المؤسس أحمد الفاتح؛ دولة عربية مسلمة عام 1783، والذكرى الـ51 لانضمامها إلى الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية، والذكرى الـ23 لتسلم عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم.
ومنذ توليه الحكم شهدت البحرين في عهد الملك حمد بن عيسى آل خليفة نقلة نوعية ومنعطفا تاريخيا مهما، بإعلانه الإصلاحات الدستورية والميثاق الوطني عام 2001، الذي عادت من خلاله الحياة البرلمانية والديمقراطية إلى المملكة.
كما استطاعت البلاد أن تؤسس بنية اقتصادية حديثة ومتنوعة عززت مكانتها مركزا تجاريا وماليا وسياحيا رئيسيا في المنطقة.
قيم نبيلة
ورغم توليه مقاليد الحكم يوم وفاة والده الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، في 6 مارس/آذار 1999، إلا أن ملك البحرين آثر استمرار احتفال البلاد بعيدها الوطني يوم 16 ديسمبر/كانون الأول الذي يصادف تولي والده السلطة عام 1961، ليؤرخ بالتاريخ نفسه ذكرى عيد الجلوس.
وكانت البحرين شهدت في عهد حاكمها السابق الاستقلال عن بريطانيا في 14 أغسطس/آب عام 1971.
وعقب هذا التاريخ تم تأخير الاحتفال بالعيد الوطني ودمجه مع ذكرى تولي الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة مقاليد الحكم، وهو ما حافظت عليه المملكة حتى اليوم.
وتعد ذكرى عيد الجلوس واليوم الوطني إلى جانب كونها مناسبة وطنية مهمة، فإنها تحمل دروساً خالدة وقيم نبيلة في الوفاء، كما تعد فرصة يعبر فيها أهل البحرين عن مشاعر الفخر والامتنان والتقدير لقائد نهضة بلادهم على مدار 23 عاما.
مسيرة حافلة
والملك حمد بن عيسى آل خليفة هو الابن الأكبر بين إخوته؛ حيث ولد في مدينة الرفاع 28 يناير/كانون الثاني 1950، والتحق بالمدرسة الابتدائية في السادسة من عمره.
ومع انتهاء دراسته المتوسطة سنة 1964 بتفوق، أعلن رسميا توليه ولاية العهد، يوم 27 يونيو/حزيران من العام نفسه، وهو في الرابعة عشرة من عمره، وذلك بعد 3 سنوات من تولي والده مقاليد الحكم في 16 ديسمبر/كانون الأول 1961.
ثم التحق بالدراسة الثانوية في مدرسة ليز بمدينة كمبردج بإنجلترا، وبعدها التحق في 14 سبتمبر/أيلول 1967 في كلية مونز الحربية للضباط في مدينة درشوت همبشارير وتخرج فيها يوم 14 فبراير/ شباط 1968.
وبعد عودته إلى البحرين، قام بوضع خطة لإنشاء قوة دفاع البحرين التي تم تعزيزها ببراءة أميرية في مستهل شهر أغسطس/آب سنة 1968، وظل الملك متبوئا منصب القائد العام لقوة دفاع البحرين منذ بداية تأسيسها وحتى توليه مقاليد الحكم عام 1999.
كذلك شغل منصب رئيس مديرية الدفاع وأصبح عضوا في مجلس الدولة الذي تم تأسيسه في 19 يناير/كانون الثاني 1970، وعقب استقلال البحرين في 14 أغسطس/آب 1971، وتشكيل مجلس الوزراء أصبح وزيراً للدفاع.
وفي 21 يونيو/حزيران 1972، التحق الملك حمد بمقره العسكري التدريبي بكلية القيادة ورئاسة الأركان في فورت ليفنوورث (كنساس) بالولايات المتحدة الأمريكية، ومنح وسام الحرية لمدينة كنساس من قبل عمدة وشعب مدينة كنساس.
وخلال أوقات فراغه في ليفنويرث كان يتلقى مقرراً في المراسلات الخارجية للكلية الصناعية للقوات المسلحة في واشنطن، حيث نال شهادة الدبلوم الوطنية في الإدارة العسكرية، وذلك في 31 مايو/أيار 1972.
ويوم 26 يونيو/حزيران 1972 حصل على شهادة الشرف العسكرية من الولايات المتحدة الأمريكية وذلك تقديراً لما أنجزه في الشؤون العسكرية منذ عام 1968، ونتيجة ذلك تم وضع اسمه ضمن الأسماء المدرجة في لوحة الشرف للضباط في الجامعة.
بعد عودته من الولايات المتحدة الأمريكية انهمك بشكل جاد في العمل على دفع عجلة التطور والتوسع في بلاده بصورة عامة وفي قوة دفاع البحرين بصورة خاصة.
وجرى تعيينه في 26 يونيو/حزيران 1974، نائبا لرئيس مجلس عائلة آل خليفة بعد مرسوم أميري صدر في هذا السياق، كما تم تعيينه رئيسا للمجلس الأعلى للشباب والرياضة في عام 1975.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 1977، بدأ تدريبه على طائرات الهليكوبتر، وقد تخرج طيارا يتمتع بكفاءة تامة في قيادتها، وذلك في 14 يناير/كانون الثاني 1978.
ومنذ ذلك الحين، سار قدماً في إنشاء جناح الدفاع الجوي لقوة دفاع البحرين.
تولى الحكم
بعدما قضى 35 عاما وليا لعهد البلاد تقلد فيها كثير من المناصب واكتسب كثيرا من الخبرات، تولى الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة الحكم أميراً للبحرين (حيث كانت البلاد ما زالت إمارة) يوم السبت 6 مارس/آذار 1999م، في نفس يوم وفاة والده.
وفي 9 مارس/آذار 1999م، أصدر مرسوماً أميرياً يقضي بتعيين ابنه الأكبر الشيخ سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة ولياً للعهد.
وبعد نحو عام من توليه الحكم، أصدر الملك حمد قرارا في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2000 بتشكيل لجنة وطنية لإعداد ميثاق العمل الوطني، وقد تسلم مشروع الميثاق في الشهر التالي، وتم طرحه على الاستفتاء في 14 و15 فبراير/شباط 2001، ووافق عليه 98.4% من المواطنين.
ومشروع ميثاق العمل الوطني في البحرين يُعد وثيقة تاريخية، احتوت على مبادئ عامة وأفكار رئيسية، الهدف منها إحداث تغييرات جذرية في منهج العمل والأداء.
المشروع الإصلاحي
ومثّل هذا الميثاق قاعدة انطلق منها المشروع الإصلاحي الذي أطلقه ملك البحرين، وشمل إحداث تغييرات جذرية في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث تم بموجبه إعادة إحياء الحياة السياسية والديمقراطية في البحرين بعد أن توقفت عام 1975.
وقد غدا الميثاق الوطني القاعدة الأساسية لجميع التغييرات السياسية التي شهدتها المملكة في عصرها الإصلاحي الشامل.
ففي الذكرى الأولى لتدشين ميثاق العمل الوطني، عُدل دستور البلاد في 14 فبراير/شباط 2002، وأعلن ملك البحرين في خطاب له تحول البلاد من إمارة إلى مملكة دستورية.
كما مهد الميثاق إلى إجراء انتخابات المجالس البلدية في مايو/ أيار من العام نفسه، ثم انتخاب أعضاء مجلس النواب في أكتوبر/تشرين الأول وانعقاد أولى جلساته في 2002 لتبدأ المسيرة الديمقراطية في مملكة البحرين عهدا جديدا.
ولم تقتصر التغيرات الإيجابية التي شهدتها البحرين على تلك النواحي، بل اشتملت على تعزيز دور المرأة في الحياة السياسية، الأمر الذي أهَّلها إلى دخول البرلمان.
وتتويجا لتلك المسيرة الديمقراطية، شهدت البحرين انتخابات نيابية وبلدية يومي 12 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي (يوم الاقتراع الرئيسي) و19 نوفمبر/تشرين الثاني (جولة الإعادة) لانتخاب 40 عضوا في مجلس النواب و30 عضوا في المجلس البلدي ، وتوجت بانتخاب برلمان ومجلس بلدي جديدين.
وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 73.18%، وهي أعلى نسبة مشاركة منذ انطلاق أول انتخابات عام 2002، في رسالة تؤكد نجاح مسيرة الإصلاحات التي قادها عاهل البلاد في تحقيق أهدافها.
مستقبل زاهر
على الصعيد الاقتصادي، تحل احتفالات البحرين بأعيادها الوطنية بعد نجاح خطة التعافي الاقتصادي التي أطلقتها الدولة في أكتوبر من العام الماضي في تحقيق الكثير من أهدافها، الأمر الذي انعكس إيجابيا على مؤشرات النمو الاقتصادي، التي ارتفعت لأعلى مستوى منذ عام 2011.
وحتى سبتمبر/ أيلول الماضي، تم الانتهاء من 17 برنامجًا من أصل 27 برنامجًا مندرجًا ضمن الأولويات الخمسة لخطة التعافي الاقتصادي وأهدافها الرئيسية المتمثلة في خلق فرص عمل واعدة لجعل المواطن الخيار الأول في سوق العمل، وتسهيل الإجراءات التجارية وزيادة فعاليتها، وتنفيذ المشاريع التنموية الكبرى، وتنمية القطاعات الواعدة، والاستدامة المالية والاستقرار الاقتصادي من خلال تحقيق التوازن المالي بحلول عام 2024.
وأظهرت النتائج المالية للربع الثاني من العام الجاري أن ما تحقق ضمن خطة التعافي الاقتصادي أسهم في تحقيق نمو اقتصادي ملحوظ خلال الربع الثاني من العام الجاري حيث قادت النمو الإيجابي بالقطاعات الاقتصادية غير النفطية، كما نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة بلغت 6.9% محققاً زيادة سنوية تعد الأعلى منذ العام 2011.
مبادرات تعزز السلام
وعلى صعيد السياسة الخارجية، واصلت مملكة البحرين في عهد الملك حمد مبادراتها الملهمة التي تعزز السلام والتسامح، جنبا إلى جنب مع جهودها ومساعيها من أجل تعزيز علاقاتها بدول العالم كافة والدفاع عن القضايا العربية والإسلامية في كل المحافل والمنابر الدولية.
على الصعيد الدولي، شارك عاهل البحرين في 9 ديسمبر الجاري في قمم الرياض الثلاث (القمة الخليجية الـ43 وأول قمة خليجية صينية وأول قمة عربية صينية)
وتعد مشاركته في القمم الثلاث أحدث نشاطات عام دبلوماسي حافل باللقاءات والمباحثات التي تبرز مكانة وأهمية المملكة وسعيها لدعم الأمن والاستقرار وتعزيز التضامن العربي والخليجي.
جاءت تلك المشاركة بعد أيام من لقاء عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة بالرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، عقب صوله إلى البحرين، 4 ديسمبر الجاري، في زيارة هي الأولى لرئيس إسرائيلي إلى المملكة.
وخلال اللقاء، أكد الملك حمد بن عيسى آل خليفة موقف البحرين الثابت والداعم لتحقيق السلام العادل والشامل والمستدام الذي يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفق حل الدولتين ومبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، والذي سيؤدي إلى الاستقرار والنماء والازدهار للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي وجميع شعوب المنطقة.
تصريحات تؤكد أن معاهدات السلام أسهمت في توفير مسار جديد لدعم القضية الفلسطينية من دول داعمة للسلام، أصبح لها صوت مسموع ومؤثر، وأوضحت لها القدرة على إيصاله لإسرائيل بشكل مباشر.
وعقب خطوة دولة الإمارات الشجاعة بشأن توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل 15 سبتمبر/أيلول 2020، وقعت المنامة في اليوم نفسه إعلان تأييد سلام مع تل أبيب، قبل أن تمضي قدما لتوقيع بيان تاريخي مشترك في 18 أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه بشأن "إقامة علاقات دبلوماسية إيذانا ببداية عهد جديد وواعد في العلاقات بين البلدين".
جاءت زيارة رئيس إسرائيل للبحرين بعد شهر من استقبال عاهل البحرين، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والبابا فرنسيس بابا الفاتيكان بالبحرين نوفمبر الماضي، اللذان شاركا في فعاليات عدة تعزز ثقافة التسامح والأخوة الإنسانية من أبرزها ملتقى البحرين للحوار الذي عقد تحت عنوان" الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني"، برعاية عاهل البحرين.
أيضا تأتي الاحتفالات بعد نحو شهر من زيارة أخوية أجراها عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة للإمارات 19 نوفمبر الماضي، بعد نحو أسبوع، من زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للمملكة في الـ10 من الشهر نفسه، الأمر الي يبرز العلاقات الأخوية المتنامية بين البلدين.
وتحتفل مملكة البحرين بأعيادها الوطنية وهي تتطلع للمستقبل بمزيد من التفاؤل والأمل، في ظل ما تشهده البلاد من إنجازات على مختلف الأصعدة بقيادة الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
aXA6IDMuMTM1LjIxOS4xNTMg جزيرة ام اند امز