الملك سلمان والذكرى الـ 6 للبيعة.. عطاء يتوج مسيرة الإنجازات

يحيي السعوديون، الأربعاء، ذكرى مرور 6 أعوام (هجرية) على تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود مقاليد الحكم.
وتمت مبايعته ملكًا للمملكة العربية السعودية يوم 3 ربيع الآخر 1436هـ الموافق 23 يناير/كانون الثاني 2015 .
وتحل تلك الذكرى فيما يسعى خادم الحرمين الشريفين بكل قوة وعزم وحزم إلى توفير الخير والرفاهية للمواطن الذي يبادله الحب والولاء في صورة تجسد أسمى معاني التفاف الشعب حول القيادة.
يحتفل السعوديون بتلك الذكرى وهم يستذكرون سيرة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، التي ترتبط بشكل وثيق بمسيرة المملكة ونهضتها وتطورها على مدار 9 عقود.
فقد ولد الملك سلمان في 31 ديسمبر/كانون الأول 1935 بعد 3 أعوام فقط من قيام والده بتوحيد الدولة وتحويل اسمها من مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها إلى المملكة العربية السعودية يوم 23 سبتمبر عام 1932م، الموافق 17 جمادى الأولى عام 1351هـ.
وقد عاصر الملك سلمان جميع ملوك المملكة منذ تأسيسها على يد والده، وعمل معهم منذ أن دخل العمل السياسي في الـ19 من عمره أميرا لمنطقة الرياض بالنيابة عام 1954، ليُكّون سيرة زاخرة بالعطاء والخبرات.
خبرات وظفها لإحداث نقلة نوعية ونهضة تنموية في المملكة عقب توليه مقاليد الحكم في 3 ربيع الآخر 1436هـ الموافق 23 يناير/كانون الثاني 2015، ليقود المملكة في سنوات معدودة إلى ما بات يوصف بـ"سعودية جديدة" .
ولم يكتفي بالملك سلمان بتطوير الحاضر بل رسم ملامح مستقبل مشرق للمملكة، عبر خارطة طريق أطلقها بعد عام واحد من توليه الحكم تحمل اسم "رؤية 2030" تقود لنهضة شاملة في مختلف المجالات.
لذا يحتفل السعوديون بالذكرى السادسة للبيعة، وهم يستذكرون بمشاعر الفخر والاعتزاز والتقدير والامتنان والوفاء سيرة مليكهم التي ترتبط ارتباطا وثيق بمسيرة مملكتهم.
نبوغ من الصغر
ولد الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في 31 ديسمبر/كانون الأول 1935 في الرياض، وهو الابن الخامس والعشرون من أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، ونشأ مع إخوته في القصر الملكي في الرياض، حيث كان يرافق والده في اللقاءات الرسمية مع ملوك وحكام العالم.
تلقى تعليمه المبكر في مدرسة الأمراء بالرياض، حيث درس فيها العلوم الدينية والعلوم الحديثة، وختم القرآن الكريم كاملاً، وهو في سن العاشرة على يد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ عبدالله خياط، وأبدى منذ الصغر اهتماماً بالعلم، وحصل على العديد من الشهادات الفخرية والجوائز الأكاديمية.
دخول العمل السياسي
دخل الملك سلمان بن عبدالعزيز العمل السياسي في الـ19 من عمره بتعيينه، في 16 مارس/آذار 1954، أميراً لمنطقة الرياض بالنيابة عن أخيه الأمير نايف.
وفي العام التالي عين أميراً لمنطقة الرياض إحدى أكبر مناطق السعودية في المساحة والسكان وعاصمة الدولة، وذلك خلال الفترة من 18 أبريل/نيسان 1955 حتى استقالته في 25 ديسمبر/كانون الأول 1960، لكن في 4 فبراير/شباط 1963 أعيد تعيينه أميراً لمنطقة الرياض.
واستمر أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من 5 عقود، أشرف خلالها على عملية تحول المنطقة من بلدة متوسطة الحجم يسكنها نحو 200 ألف نسمة إلى إحدى أسرع العواصم نمواً في العالم العربي اليوم.
ولم تخلُ فترة النمو هذه من التحديات الصعبة التي ترافق مسيرة التنمية، لكنه أثبت قدرة عالية على المبادرة وتحقيق الإنجازات، وباتت الرياض اليوم إحدى أغنى المدن في المنطقة ومركزاً إقليمياً للسفر والتجارة.
وشهدت الرياض خلال توليه الإمارة إنجاز العديد من مشاريع البنية التحتية الكبرى، مثل الطرق السريعة والحديثة والمدارس والمستشفيات والجامعات، إلى جانب المتاحف والملاعب الرياضية ومدن الترفيه وغيرها.
كما تضم العاصمة السعودية عدداً من المعالم المعمارية البارزة، وهي تمتد على مساحة عمرانية تجعلها إحدى أكبر مدن العالم مساحة، وعلى مدار أكثر من نصف قرن قضاها أميراً للرياض، نقل خلالها العاصمة من مدينة صغيرة إلى واحدة من أسرع مدن العالم نمواً وتطوراً وحداثة.
ولاية العهد
وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، صدر قرار من الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز بتعيين الأمير سلمان بن عبدالعزيز آنذاك وزيراً للدفاع، وشهدت الوزارة في عهده تطويراً شاملاً لجميع القطاعات في التدريب والتسليح.
وفي 18 يونيو/حزيران 2012، أصدر الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمراً باختياره ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء، مع احتفاظه بمنصب وزير الدفاع.
مبايعة الملك سلمان
وعقب وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في 23 يناير/كانون الثاني 2015 (الموافق 3 ربيع الآخر 1436هـ) تمت مبايعته ملكاً، ليصبح الملك سلمان بن عبدالعزيز سابع ملك للمملكة العربية السعودية.
وشهدت المملكة منذ مبايعته المزيد من الإنجازات التنموية العملاقة على امتداد مساحاتها الشاسعة في مختلف القطاعات الاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية.
وعقب توليه الحكم، أعاد العاهل السعودي تشكيل مفاصل الدولة على مختلف الأصعدة، فقد أصدر أمرا ملكيا في 29 يناير/كانون الثاني 2015 تضمن إلغاء 12 لجنة ومجلسا، أبرزها مجلس الأمن الوطني والمجلس الاقتصادي الأعلى.
واستبدلهما بمجلسين يرتبطان تنظيميا بمجلس الوزراء هما "مجلس الشؤون السياسية والأمنية" و"مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية"، ويترأسهما ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ويقومان برسم سياسات المملكة على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
وسعى خادم الحرمين الشريفين بكل قوة وعزم وحزم إلى توفير الخير والرفاهية للمواطن الذي يبادله الحب والولاء في صورة جسدت أسمى معاني التفاف الشعب حول قائد مسيرة التنمية.
اقتصاديا، ولمواجهة تحدي انخفاض أسعار النفط، أعلنت السعودية في 25 أبريل/نيسان 2016 رؤية اقتصادية لعام 2030، تهدف إلى خفض اعتمادها على النفط، المصدر الرئيسي للدخل.
وتمضي السعودية بخطى ثابتة وواثقة لخفض اعتمادها على النفط وتنويع مصادر الدخل، في إطار رؤية 2030.
ووضع الملك سلمان بن عبدالعزيز إطارا عاما في خطابه أمام مجلس الشورى، في 14 ديسمبر/كانون الأول 2016، لسياسة بلاده الخارجية، مؤكدا أن رؤية بلاده هي أن "خيار الحل السياسي للأزمات الدولية هو الأمثل لتحقيق تطلعات الشعوب نحو السلام"، وهي السياسة التي تلتزم بها المملكة حتى اليوم في إطار حرصها على دعم الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
السعودية الجديدة
وضمن إصلاحات واسعة في عهده، قاد الدولة إلى ما بات يطلق عليه العالم "السعودية الجديدة"، تم خلال العام الأول من حكم العاهل السعودي إجراء أول انتخابات بلدية تشارك فيها المرأة كناخبة ومرشحة في تاريخ المملكة يوم 12 ديسمبر/كانون الأول 2015، وتوجت بفوز 21 امرأة بمقاعد في انتخابات المجالس البلدية في دورتها الثالثة.
وتوالت الإصلاحات، حيث بدأت السعوديات في قيادة السيارات منذ 24 يونيو/حزيران 2018، تنفيذا لأمر تاريخي أصدره العاهل السعودي في 26 سبتمبر/أيلول 2017، يقضي بالسماح للمرأة باستصدار رخصة قيادة سيارة "وفق الضوابط الشرعية".
وفي 14 فبراير/شباط 2018 تم السماح للمرأة بالبدء بعملها التجاري والاستفادة من الخدمات الحكومية دون الحاجة لموافقة ولي الأمر.
وفي العام الخامس من حكم الملك سلمان بن عبدالعزيز، حصلت المرأة السعودية على حزمة مكاسب، بموجب تعديلات على أنظمة وثائق السفر والأحوال المدنية والعمل جرت في 2 أغسطس/آب 2019.
ومنحت هذه التعديلات المرأة المزيد من الحقوق على أكثر من صعيد، وأتاحت لها استخراج جوازات سفر ومغادرة البلاد دون شرط موافقة ولي الأمر.
وشهد عام 2019 شغل المرأة السعودية لأول مرة منصب "سفير"، حيث تم تعيين الأميرة ريما بنت بندر سفيرة للمملكة لدى الولايات المتحدة في 23 فبراير/ شباط من العام نفسه، لتكون أول امرأة تتقلد هذا المنصب.
أيضا شهد عام 2020 تعيين أول امرأة في الحرس الملكي السعودي، وتعيين الدكتورة ليلك بنت أحمد الصفدي رئيساً للجامعة الإلكترونية، كأول امرأة ترأس جامعة سعودية يضم طلابها الجنسين من الذكور والإناث.
وفي إطار الثقة الملكية الكاملة بالمرأة وأنها على قدر المسؤولية للقيام بجهود نوعية في مختلف المجالات، صدر أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، القاضي بإعادة تشكيل مجلس هيئة حقوق الإنسان، في دورته الرابعة لمدة 4 سنوات، وتعيين 13 امرأة في مجلس الهيئة، بما يمثل نصف عدد أعضاء المجلس.
وخلال الشهر الماضي فقط، حققت المرأة السعودية إنجازات ومكاسب تاريخية جديدة، من بينها تقلد آمال يحيى المعلمي، منصب سفيرة لبلادها لدى النرويج، 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي لتصبح ثاني امرأة تشغل مثل هذا المنصب، بعد تعيين الأميرة ريما بنت بندر، في 2019، سفيرة للمملكة لدى واشنطن.
وجاء تعيين المعلمي بعد يومين من إصدار الملك سلمان، أمرا ملكيا بتعيين الدكتورة حنان بنت عبدالرحيم بن مطلق الأحمدي، مساعدًا لرئيس مجلس الشورى بالمرتبة الممتازة، لتكون أيضا أول امرأة تتولى المنصب.
الإمارات في القلب
وحظيت دولة الإمارات العربية المتحدة بمكانة خاصة لدى الملك سلمان بن عبدالعزيز، وشهدت العلاقات بين البلدين نقلة نوعية في عهده.
وخلال العام الثاني من حكمه تم تأسيس مجلس التنسيق السعودي الإماراتي، الذي تم توقيع الاتفاق على إنشائه في مايو/أيار 2016، بحضور العاهل السعودي والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.
ومع ختام العام الثاني لتوليه الحكم، قام الملك سلمان بن عبدالعزيز بجولة خليجية هي الأولى له منذ توليه الحكم استهلها بزيارة الإمارات في 3 ديسمبر/كانون الثاني 2016.
وخلال تلك الزيارة، منح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الملك سلمان بن عبدالعزيز "وسام زايد"، تقديرا وعرفانا بدوره المحوري في تعزيز التعاون الأخوي بين البلدين ودعم العمل الخليجي والعربي المشترك.
ومضت مسيرة التعاون بين البلدين نحو تعزيز الشراكة وتحقيق التكامل في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، بما يسهم في تحقيق الخير والرفاهية لشعبي البلدين، ومواجهة التحديات في المنطقة وعلى رأسها مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
جوائز وأوسمة
نال خادم الحرمين الشريفين عن جهوده الإنسانية العديد من الأوسمة والميداليات من دول عدة، من أبرزها إضافة إلى "وسام زايد"، قلادة الشريف الحسين بن علي وهي أرفع وسام في الأردن، وقلادة مبارك الكبير أرفع وسام في الكويت، وقلادة النيل وهي أرفع وسام في مصر.
كما تقلد وسام "كنت" من أكاديمية برلين - براندنبرغ للعلوم والعلوم الإنسانية، ووسام الكفاءة الفكرية المغربي في الدار البيضاء، ووسام البوسنة والهرسك الذهبي، ووسام نجمة القدس، ووسام نسر الإستيك من درجة القلادة أرفع وسام في الولايات المتحدة المكسيكية، ووسام القلادة الكبرى وهو أعلى وسام في دولة فلسطين، ودرع الأمم المتحدة لتقليل آثار الفقر في العالم.
فيما أصبح العاهل السعودي يلقب داخليا بـ"ملك الحزم"، على خلفية قراراته الحازمة داخليا وخارجيا، اختارته مجلة "فوربس" الأمريكية ضمن أوائل الشخصيات الأكثر نفوذا في العالم لعام 2015.
وتصدر الملك سلمان قائمة أقوى الشخصيات في العالم العربي والرابع عشر عالميا، في القائمة التي نشرتها المجلة في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وشملت رؤساء وملوكا ورجال أعمال وشخصيات اقتصادية وسياسية شهيرة.
كما فاز بجائزة "الملك فيصل" العالمية لخدمة الإسلام لعام 2017، وقالت لجنة الاختيار للجائزة: "إنها قررت منحها للملك سلمان بن عبدالعزيز لمبررات عدة، منها "عنايته بخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما"، وسعيه الدائم لجمع كلمة العرب والمسلمين لمواجهة الظروف الصعبة التي تمر بها الأمتان العربية والإسلامية، ومنها إنشاؤه التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب".
هذا فضلا عن "مواقفه العربية والإسلامية عبر عقود من الزمن تجاه قضية فلسطين المتمثلة في الدعم السياسي والمعنوي والإغاثي"، بجانب "إنشائه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية (مايو/أيار 2016)، ودعمه بسخاء ليقدم العون للشعوب العربية والإسلامية المحتاجة".
مسيرة الإنجازات تتواصل
تأتي الاحتفالات بالذكرى السادسة للبيعة هذا العام والمملكة تعيش واقعاً جديداً حافلاً بالمشروعات التنموية الضخمة في مختلف المجالات، رغم جائحة فيروس كورونا التي ضربت العالم أجمع وتسببت في تداعيات جمة.
وتحتفي المملكة بالذكرى، وهي تتبوأ مكانة إقليمية ودولية، وثقة عالمية متينة تحظى بها في جميع المحافل، توجتها برئاستها لمجموعة دول العشرين لهذا العام 2020، فيما تواصل سعيها الدؤوب لخدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية.
وتمضي المملكة في طريقها لتحقيق المزيد من الإنجازات من خلال رؤية 2030، مستهدفة تعزيز النمو الاقتصادي واستدامته في المجالات كافة، وإرساء أسس جديدة لتنويع مصادر الدخل.
aXA6IDUyLjE0Ljc4LjI0NiA= جزيرة ام اند امز