خطاب الملك سلمان.. رسائل سلام وخارطة طريق للاستقرار والازدهار
رسائل هامة وحصاد وافر من الإنجازات في مختلف المجالات تضمنها الخطاب السنوي للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز أمام مجلس الشورى.
خطاب وجهه العاهل السعودي، مساء الأربعاء، في افتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة الثامنة لمجلس الشورى عبر الاتصال المرئي، بحضور الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.
وتضمن الخطاب الملكي رسائل عديدة تدعم الأمن والاستقرار والازدهار للمنطقة وشعوبها، وإن جاءت الرسالة الأبرز دعوة إيران "لتغيير سياستها وسلوكها السلبي في المنطقة، وأن تتجه نحو الحوار والتعاون".
رسالة هامة أيضا وجهها لدول الخليج داعيا إياهم لـ"تسريع إجراءات التكامل الخليجي"، مشددا على "أهمية تعزيز وحدة الصف".
كما أكد العاهل السعودي تمسك بلاده بالحلول الساسية لأزمات المنطقة ولاسيما في اليمن وسوريا وليبيا.
وجدد الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود التأكيد على مبادرة المملكة لإنهاء الصراع الدائر في اليمن - في إشارة إلى مبادرة السلام التي تم إطلاقها مارس الماضي- ودعا الحوثيين إلى "أن يحتكموا لصوت الحكمة والعقل".
الخطاب الملكي السنوي كان أيضا بمثابة خريطة طريق، حدد فيها خطط السعودية وسياستها على المستويين الداخلي والخارجي على مدار الفترة المقبلة.
وجدد في خطابه الحديث عن ثوابت المملكة في سياسته الخارجية وهي "حفظ السلم والأمن الدوليين، وبذل مساعيها الحميدة لحل النزاعات الإقليمية، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية".
وأكد أن "تمتع المملكة بثقل إقليمي ودولي، ينبع من ريادتها العالمية ودورها المحوري في السياسة الدولية، والتزامها بالمواقف الراسخة نحو إحلال الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة والعالم".
كما تناول الخطاب خارطة المملكة التنموية ضمن رؤية 2030 وأبرز مشاريعها وفرص العمل المتوقع توفيرها، محاولا إبراز جهودها الإنسانية لإغاثة المنكوبين والمحتاجين حول العالم.
العلاقة مع إيران.. حوار مشروط
وحول ملف العلاقات مع إيران، قدم العاهل السعودي رسائل إيجابية عديدة، دعا من خلالها إلى إقامة جسور للتعاون والحوار ، ورهن ذلك بتغيير طهران سلوكياتها السلبية.
وقال: "إن إيران دولة جارة للمملكة، نأمل في أن تغير من سياستها وسلوكها السلبي في المنطقة، وأن تتجه نحو الحوار والتعاون".
وعدد الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في خطابه نماذج من هذا السلوك السلبي والسياسة الإيرانية المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة.
وأشار إلى "إنشاء ودعم الميليشيات الطائفية والمسلحة والنشر الممنهج لقدراته العسكرية في دول المنطقة، وعدم تعاونه مع المجتمع الدولي فيما يخص البرنامج النووي وتطويره برامج الصواريخ الباليستية".
وأضاف: لهذا السلوك السلبي أيضا دعم النظام الإيراني لميليشيا الحوثي الإرهابية".
دعوة لتسريع التكامل الخليجي
وفي إطار حديثه عن سياسة بلاده الخارجية في خطابه، نوه العاهل السعودي بجهود المملكة في الحفاظ على كيان مجلس التعاون لدول الخليج العربية من خلال القمتين الخليجتين التي استضافتهما بلاده مطلع ونهاية العام الجاري ( قمة العلا 5 يناير/كانون الثاني الماضي وقمة الرياض 14 ديسمبر /الأول الجاري).
وأشاد بنتائج قمة العلا، مشيرا إلى أنها تمكنت في "إعادة العمل المشترك إلى مساره الطبيعي، وتعزيز أواصر الود والتآخي بين شعوب المنطقة".
كما نبه إلى نجاح القمة الخليجية الـ 42 بالرياض في "الاتفاق على المبادئ والسياسات لتطوير التعاون الاستراتيجي والتكامل الاقتصادي والتنموي بين دول المجلس وتحقيق تطلعات مواطنيها".
وأشاد بزيارات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الخليجية وما أسفر عنها "من نتائج مهمة على مستوى العلاقات الثنائية وعلى مستوى تعزيز العمل الخليجي المشترك".
وأسهمت جولة خليجية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود، زار خلالها سلطنة عمان والإمارات وقطر والبحرين والكويت، على التوالي، خلال الفترة من 6 إلى 10 ديسمبر/كانون الأول الجاري، في بلورة رؤى خليجية موحدة تجاه مختلف القضايا.
على صعيد مستقبل التعاون بين دول الخليج، دعا الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى "تسريع إجراءات التكامل الخليجي، وفقا لمبادرته التي أقرها مجلس التعاون".
ومن بين أبرز القضايا التي شملتها مبادرة العاهل السعودي ضمن رؤيته لتعزيز التضامن الخليجي استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة، وتنسيق المواقف بما يعزز من تضامن واستقرار دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
القضايا العربية والإسلامية
في خطابه أمام مجلس الشورى، أوضح العاهل السعوي موقف بلاده من مختلف قضايا الأمتين العربية والإسلامية، والذي ظهر خلالها جليا دعم المملكة لحلول سياسية لمختلف أزمات المنطقة.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ، أكد أنها "تأتي على رأس أولويات سياسة المملكة الخارجية"، مجددا التأكيد على "دعم الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على الأراضي بحدود عام (1967) وعاصمتها القدس الشرقية".
وفي الشأن اليمني، جدد التأكيد التأكيد على مبادرة المملكة لإنهاء الصراع الدائر في اليمن.
واعتبر أنها تدعم الجهود الأممية والدولية للتوصل إلى حل سياسي، وفقا للمرجعيات الثلاث: "المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن الدولي 2216".
ودعا الحوثيين إلى "أن يحتكموا لصوت الحكمة والعقل، وتقديم مصالح الشعب اليمني الكريم على سواها".
وفي الشأنين السوري والليبي أكد دعم بلاده جميع الجهود الرامية للوصول إلى الحلول السياسية التي تحافظ على سيادة ووحدة وسلامة البلدين.
كما أكد وقوف المملكة إلى جانب الشعب اللبناني، داعيا "جميع القيادات إلى تغليب مصالح شعبها، والعمل على تحقيق ما يتطلع إليه الشعب اللبناني الشقيق من أمن واستقرار ورخاء، وإيقاف هيمنة حزب الله على مفاصل الدولة".
وفيما يتعلق بالعلاقات مع العراق، أكد العاهل السعودي إن بلاده تدعم "أمن وسيادة واستقرار العراق، وارتباطه بعمقه العربي".
وأعلن ترحيب المملكة بما توصلت إليه أطراف المرحلة الانتقالية في السودان من اتفاق حول استكمال مهام المرحلة الانتقالية لتحقيق تطلعات الشعب السوداني وصولا إلى إجراء الانتخابات في موعدها المتفق عليه.
وفي الشأن الأفغاني، أكد الملك سلمان على "أهمية استقرار وأمن أفغانستان وألا تكون ملاذا للتنظيمات الإرهابية".
ودعا إلى "تكثيف الجهود الإقليمية والدولية لتقديم المساعدات الإنسانية للتخفيف من معاناة الشعب الأفغاني ".
رؤية 2030.. استثمارات تريليونية
على صعيد سياسة المملكة التنموية في إطار تنفيذ رؤية 2030، كشف العاهل السعودي في خطابه عن استثمارات تريلونية سيتم ضخها في الاقتصاد المحلي.
وبيّن أن المرحلة الثانية من رؤية المملكة 2030، بدأت منذ مطلع 2021 وستسير إلى 2025 مستهدفة دفع عجلة الإنجاز.
وأكد أن المشاريع الكبرى التي تم إطلاقها في إطار الرؤية مثل "نيوم" و"ذا لاين" و"أمالا" ومدينة نيوم الصناعية "أوكساغون".
ونبه إلى أن مشروع "ذا لاين" سيوفر (380) ألف فرصة عمل، ويضيف (180) مليار ريال إلى الناتج المحلي بحلول عام 2030، فيما يتوقع أن يوفر مشروع "أمالا" (22) ألف فرصة عمل.
وشدد على أن الاستراتيجية الوطنية للاستثمار التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 11 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي تشكل أحد الروافد المهمة لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وقال إنه سيتم من خلالها ضخ استثمارات تفوق (12) تريليون ريال في الاقتصاد المحلي حتى 2030.
وأوضح أن الاقتصاد الوطني سيحظى بضخ حوالي (10) تريليونات أخرى من الإنفاق الحكومي من خلال الميزانية العامة للدولة، وضخ ما يزيد عن (5) تريليونات ريال سعودي من الإنفاق الاستهلاكي.
وشدد على أنه سيصبح بذلك مجموع الإنفاق مقاربا لـ27 تريليون ريال حتى عام 2030.
وذكر أن رؤية المملكة 2030 أولت قطاع الترفيه عناية كبيرة، ومن المتوقع أن تصل مساهمته بحلول 2030 إلى 4.2% من الناتج المحلي، إضافة لتوفير 450 ألف فرصة عمل.
على صعيد قضايا الطاقة، قال العاهل السعودي إن المملكة حريصة على استمرار العمل باتفاق "أوبك بلس"، لدوره الجوهري في استقرار أسواق البترول، مؤكدا على أهمية التزام جميع الدول المشاركة بالاتفاق.
ولفت إلى أنه يجري العمل حثيثا على تطوير مدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك) للحصول على القيمة الاقتصادية الكاملة من السلع والخدمات المرتبطة بالطاقة في المملكة وجميع أنحاء المنطقة.
إنجازات دولية
وعدد الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في خطابه الإنجازات الدولية التي حققتها بلاده في أكثر من مجال.
فعلى الصعيد الأمني، بين أن المملكة جاءت الثانية عالميا في المؤشر العالمي للأمن السيبراني.
وأشار إلى أنها حققت المركز الأول عالميا في ثلاثة مؤشرات دولية أخرى وهي:" استجابة الحكومة لجائحة كورونا "، و" استجابة رواد الأعمال لجائحة كورونا"، إضافة إلى حفاظ المملكة على المرتبة الأولى عالميا بتفوقها في مؤشر "المعايير الغذائية" في عام 2020م، وهذا المؤشر هو أحد مكونات الأمن الغذائي العالمي.
وبين أنها حافظت كذلك على المرتبة الأولى عربيا في أبحاث الكيمياء وعلوم الأرض والبيئة والحياة والعلوم الفيزيائية.
مكافحة كورونا
وأكد أن الاقتصاد السعودي نجح في اجتياز الكثير من العقبات والتحديات التي واجهها العالم هذا العام، والعام الماضي بسبب جائحة كورونا.
وفي معرض حديثه عن نجاح جهود المملكة في مكافحة كورونا، أشار العاهل السعودي إلى رفع الطاقة التشغيلية للحرم المكي الشريف خلال موسم شهر رمضان الماضي، مما أسهم في استفاردة أكثر من (17.5) مليون شخص من الخدمات التي توفرها التطبيقات الرسمية المخصصة للتعامل مع هذه الجائحة؛ لأداء العمرة والصلاة في الحرمين الشريفين.
وأوضح أنه كان لتطبيق الإجراءات التنظيمية والوقائية الدور البارز في نجاح موسمي حج العام الماضي 1442هـ والعام الذي قبله 1441هـ.
خطط مستقبلية
وفي إطار حديثه عن الخطط المستقبلية للمملكة، أشار إلى الإعلان عن إطلاق مدينة الأمير محمد بن سلمان غير الربحية في (عرقة) التي ستكون أول مدينة غير ربحية في العالم، ممكنة للتعليم وحاضنة للأكاديميات والكليات والمتاحف ومراكز المؤتمرات بالإضافة إلى مراكز الإبداع ومدارس مسك.
كما تعرض الملك سلمان بن عبدالعزيز في خطابه إلى خططه المستقبلية لمدينة الرياض، موضحا أنه من المستهدف أن تتقدم الرياض لتكون ضمن أكبر عشر مدن اقتصادية في العالم، حيث سيتم إنشاء أكبر مدينة صناعية في العالم، كما أنها ستكون وجهة سياحية - ترفيهية، ومقصدا صناعيا عالميا.
وفي إطار جهود المملكة الإصلاحية، نوه العاهل السعودي بتعديل بعض مواد نظام وثائق السفر والأحوال المدنية الذي سمح للمرأة بالحصول على حقوقها النظامية كافة، دون تمييز بينها وبين الرجل.
مكافحة التغير المناخي
وفي إطار جهود المملكة لمكافحة التغير المناخي، أكد الملك سلمان بن عبدالعزيز في خطابه التزام المملكة بمواجهة التحديات المتزايدة للتغير المناخي، والعمل على تعزيز تطبيق اتفاقية باريس، ودعم مبادرتي (السعودية الخضراء) و ( الشرق الأوسط الأخضر).
وأكد استهداف الوصول للحياد الصفري في عام 2060 من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون.
وتتضمن "مبادرة الشرق الأوسط الأخضر" أكبر برنامج لإعادة التشجير في العالم ويشمل زراعة 50 مليار شجرة في الشرق الأوسط.
جهود إنسانية
وعلى صعيد الجهود الإنسانية للمملكة، أكد العاهل السعودي وقوف بلاده إلى جانب الدول الأقل دخلا، والدول المنكوبة والمتضررة، واللاجئين والمتضررين.
وبين أنها لم تألوا جهدا في تقديم المساعدات التنموية والإنسانية التي شملت الصحة والتعليم والإيواء وتوفير المواد الغذائية والمساعدة في تحقيق الأمن الغذائي، استفاد منها قرابة (42) مليون شخص من اللاجئين والنازحين .
وشدد على أنها نجحت خلال ترؤس قمة العشرين العام الماضي في إطلاق مبادرة مجموعة العشرين لتعليق مدفوعات خدمة الدين، وتوفير سيولة عاجلة لـ (73) دولة من الدول الأشد فقراً.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن الصندوق السعودي للتنمية قدم قروضأ ومنحا لأكثر من (54) دولة أفريقية، بقيمة تتجاوز (50) مليار ريال، وقدمت المملكة عدة مبادرات مختلفة لعدد من الدول الأفريقية، بما يتجاوز (4) مليارات ريال؛ لتخفيف وطأة وآثار التقلبات السياسية والاقتصادية التي تمر بها تلك الدول، إضافة إلى تقديمها تبرعا بقيمة (20) مليون ريال، لمكافحة كورونا في الدول الأعضاء الأقل نموا في منظمة التعاون الإسلامي.
aXA6IDE4LjIyNS4xNzUuMjMwIA== جزيرة ام اند امز