قمة المعرفة 2022.. نموذج جديد للتعليم واستراتيجيات مبتكرة لإدارة المخاطر
شهدت قمة المعرفة 2022 تنظيم سلسلة جلسات "فضاء المعرفة"، في القاعة الموازية للجلسات الرئيسية.
وبحثت عدداً متنوعاً من الموضوعات أبرزها؛ نموذج التعليم الجديد، والأمن الغذائي، واستراتيجيات الابتكار في إدارة المخاطر، والاقتصاد الأزرق.
نموذج جديد للتعليم
ناقشت الجلسة الأولى من جلسات فضاء المعرفة، "نموذج جديد للتعليم" بحضور ماجد بن علي النعيمي، وزير التربية والتعليم بمملكة البحرين، والبروفيسور جلال عزين، الرئيس المؤسِّس لكرسي اليونسكو لسياسة العلم والتكنولوجيا والابتكار، وعزيزة عثمان، مؤسِّسة ومديرة تنفيذية، في شركة "مونتي بلاي".
واستعرض ماجد بن علي النعيمي تجربة مملكة البحرين في التعليم خلال أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد، مشيراً إلى الاستجابة السريعة التي انتهجتها الحكومة تجاه هذه الأزمة، بهدف مواصلة العملية التعليمية، وذلك من خلال إطلاق عددٍ من القنوات الفضائية لبث المحتوى التعليمي للطلاب بجميع المراحل التعليمية، مؤكداً أنَّ الأمر لم يكن سهلاً تماماً سواء بالنسبة للمعلمين أو الطلاب، إلا أنَّ البنية التحتية المتطورة التي تمتلكها المملكة ساعدت على نجاح منظومة التعليم الإلكترونية خلال الأزمة.
وتحدَّث عن المنظومة التعليمية الإلكترونية التي تمتلكها المملكة، حيث أطلقت الوزارة 14 قناة تعليمية على موقع "يوتيوب"، وكذلك منصة تعليمية متقدمة عبر الإنترنت، والتي شهدت تطوراً كبيراً خلال العام الماضي ليتجاوز عدد الزيارات نحو 68 مليون زيارة خلال العام الدراسي، ونحو 42 مليون زيارة منذ بداية العام الدراسي الجاري في سبتمبر/ أيلول 2021.
من جهته استعرض البروفيسور جلال عزين التحديات التي تواجه العملية التعليمية، مؤكداً أنَّ الارتقاء بالتعليم هو أحد أهم أدوات التصدي إلى التحديات الصحية والبيئية، حيث إنَّ العالم تحرَّك منذ أكثر من 20 عاماً نحو الارتقاء بمنظومة التعليم من خلال التكنولوجيا المتطورة، والتي كان لها دورٌ مهمٌ خلال أزمة جائحة كوفيد-19 المستجد، مشيراً إلى أنه في الوقت الراهن يشهد العالم ثورة رقمية تعليمية وذلك بفضل المعلومات التي توفّرها التقنيات الحديثة.
وأكّد عزين أهمية تنويع عملية التعليم والتعلُّم وتبنّي الإبداع في المنظومة من خلال ترسيخ التعليم النقدي لدى الأطفال حتى يستطيعوا مواجهة التحديات المستقبلية، وضرورة التكيُّف مع التكنولوجيا من أجل التعليم والتعلُّم بشكل أوسع.
من جانبها، تحدثت عزيزة عثمان عن أهمية تقييم البلدان للنماذج التعليمية التي تقوم عليها العملية التعليمية، من وقت إلى آخر حتى يتسنّى تطوير تلك النماذج من أجل الارتقاء بمستوى التعليم، مشيرة إلى النموذج الألماني في التعليم والذي يعتمد على التقييم باستمرار.
وأوضحت عثمان أنه يجب الاهتمام بهذا الجيل في عملية التعليم والتعلُّم من خلال العمل على تعزيز مهاراتهم في سن مبكرة، مع وجوبية توعية الأسر وأولياء الأمور حول تبنّي نماذج تعليمية مبسّطة في سن مبكرة للأطفال من خلال الاستغلال الأمثل للتكنولوجيا وكذلك توفير الدعم التقني اللازم للآباء.
الأمن الغذائي: بين سلاسل التوريد المستدامة وتحقيق الاكتفاء الذاتي
ناقشت الجلسة الثانية من جلسات "فضاء المعرفة" الأمن الغذائي بين سلاسل التوريد المستدامة وتحقيق الاكتفاء الذاتي، حيث بحث عبد المجيد يحيى، مدير مكتب برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة في الإمارات العربية المتحدة، وأرمن سدركيان، عالم اقتصادي في منظمة الغذاء والزراعة، ولويز ناش، المدير التنفيذي والمؤسِّس لشركة "سيركوليريت"، كيفية إنشاء سلاسل توريد مستدامة لا تتأثر بالأوبئة، وتلبي الحاجات الحالية مع ضمان استمرارية الموارد المستقبلية.
وأكّد عبدالمجيد يحيى أهمية الأمن الغذائي العالمي، الذي شهد تدهوراً خلال السنوات الماضية، حيث إنَّ هناك 365 مليون شخص حول العالم من الفئة الأشد جوعاً، وذلك بفعل الأزمات الصحية، وأزمة التغيُّر المناخي، خاصة في بلدان القارة الإفريقية، مشيراً إلى أنَّ جائحة كوفيد-19 كانت سبباً مباشراً في زيادة التأثيرات غير المواتية، ما نتج عنها زيادة تكاليف الشحن وانخفاض سلاسل الإمداد.
من جانبه، استعرض أرمن سدركيان تجربة دولة الإمارات في توفير جميع احتياجات السكان خلال أزمة الجائحة، قائلاً: "إنَّ الإمارات أكثر دول العالم نسبة في توفير الغذاء، ولديها أمن غذائي قوي، حيث طوَّرت من استراتيجياتها لتأمين الغذاء لتصبح رائدة في تحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاعات متعددة، كما تمتلك استدامة في مواردها بفعل الاهتمام بالإنتاج والبيئة في آن واحد".
في نفس السياق، أكّدت لويز ناش أنَّ العالم يحتاج إلى تحقيق الأمن الغذائي المستدام من خلال تحليل وضع سلاسل الإمداد، والاهتمام بالموارد الطبيعية وذلك من أجل الوصول إلى سلاسل إمداد مستدامة، مشيرة إلى أنَّ زيادة التعليم الغذائي للأطفال أمر بالغ الأهمية من أجل إرساء الثقافة لدى المستهلكين والوصول إلى التوازن في معدلات العرض والطلب.
وأضافت ناش: "إنه من الأهمية العمل على تنويع الاقتصادات ودعم القطاعات الزراعية بشكل أوسع، وترسيخ ثقافة الابتكار، والاستعانة بالأدوات الرقمية في العمليات الزراعية من أجل تعزيز شبكات الإمداد العالمية، ومحاربة الجوع".
عندما يخطئ العلم
ناقش في الجلسة الثالثة من جلسات "فضاء المعرفة"، الدكتور ستويرت ريتشي، المحاضر في معهد الطبي النفسي وعلم النفس وعلم الأعصاب في كينجز كوليدج لندن، دور العلوم السلوكية في صنع السياسات، والمغالطات والتحيُّز في التعليم على الصعيد العالمي، مؤكداً أنَّ العالم يحتاج إلى التفكير بطرق مختلفة خاصة بنشر العلوم والمعرفة في المجتمعات الفقيرة من أجل ضمان تحقيق المساواة المعرفية.
وناقشت الجلسة الرابعة من جلسات "فضاء المعرفة"، ترسيخ وتعزيز استراتيجيات وآليات التعاون والابتكار لإدارة المخاطر، بحضور نيكول مانجر، محلل أول في وحدة الإنذار المبكر للأزمات في وزارة الخارجية الفيدرالية الألمانية، وفيليب ويس، المؤسِّس والرئيس التنفيذي لـ ZN، وبشار كيلاني المدير التنفيذي لمؤسَّسة أكستنشر.
وقال فيلب ويس: "إنَّ العالم سريع التغيُّر بطريقة مخيفة، لذا لا يمكن في كل حال من الأحوال مواجهة مشكلاتنا بنفس طريقة التفكير".
وأكّد ويس أهمية إدراك أنَّ المعرفة هي القوة، وأنَّ مصادر المعرفة أصبحت متاحة وأمام الناس الفرصة للتعليم الذاتي من أجل تشكيل إدراكهم نحو إيجاد حلول للأزمات، مع ترسيخ استراتيجيات التعاون الابتكارية، والتعليم الهجين في المجتمعات والاستفادة المباشرة من الروابط الرقمية، خاصة أنَّ العالم في حاجة ماسة إلى استراتيجيات جديدة لمواجهة التحديات الماثلة أمامه.
من جهتها تحدثت نيكول مانجر عن أهمية وكيفية استغلال إمكانات التقنيات التحليلية، والبيانات والإحصاءات في إدارة المخاطر، مؤكدة أنَّ البيانات والتقنيات التحليلية لها قدرة على إدارة وتوقُّع المخاطر وإيجاد الحلول الملائمة لتفادي حدوثها.
وأشارت مانجر إلى أهمية أنَّ يعمل العالم بشكل متصل نحو ابتكار آليات جديدة لتحليل البيانات، إضافة إلى مشاركة البيانات والمعلومات المتاحة بطرق سهلة فيما بينهما، حتى يتسنّى تحسين ودراسة المخاطر قبل وقوعها.
وذكرت مانجر أنَّ هناك فرصاً واسعة للتعاون بين القطاعين الحكومي والخاص، خاصة أنَّ القطاع الخاص أكثر مرونة ويحتاج إلى وقت أقل على عكس القطاع الحكومي في التحوُّل السريع والتطوُّر والابتكار.
من جانبه استعرض بشار كيلاني تطوَّر الإنترنت والبيانات منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى الآن، ليلقي الضوء في ذات السياق على تجربة دبي الرقمية والفريدة في الارتقاء بالاقتصاد الرقمي وإحداث تحوُّل رقمي شامل في الخدمات، مشيراً إلى أنَّ المستقبل يعتمد على العالم الافتراضي، حيث سيكون كل شيء عبارة عن مزيج ما بين العالمين الواقعي والافتراضي في كافة المجالات، لذا من الأفضل خلال الفترة الحالية العمل على الاهتمام بالمواهب والموهبين، ودعم تطوير المنصات الرقمية.
وقال كيلاني: "إنَّ هناك بعض البلدان في حاجة إلى تسريع الخطى نحو ما سينتقل إليه العالم إلى ما بين الواقعين المادي والافتراضي، حيث ستتيح التقنيات الناشئة إلى التنبُّؤ وإدارة الأعمال في قطاعات متعددة ولكن أبرزها القطاعين الصحي والتعليمي".