من رصيف المشردين إلى قمة الثراء.. رحلة "كوباياشي"
حين تعتقد أن الوصول إلى حلم بعيد المنال أمر مستحيل، عليك فقط الاسترشاد بقصص المُلهمين، ومنهم الياباني تايهي كوباياشي.
قبل عقدين من الزمان طُرد كوباياشي من المنزل بواسطة والديه اعتراضا على قرار الطالب الياباني آنذاك بترك مدرسته في المرحلة الثانوية، والاتجاه إلى عزف الموسيقى.
على أثر ذلك تحولت حياته رأسا على عقب، فبات يعزف الموسيقى صباحا، وينام في شوارع طوكيو ليلا، مستخدما الصناديق الكرتونية للتدفئة خلال ليالي الشتاء القارصة.
ويقول كوباياشي البالغ الآن من العمر 37 عاما لوكالة أنباء بلومبرج: "والداي لم يوافقا على قرار الانقطاع عن المدرسة، لأنَّهما وضعا خطَّة مالية تتيح له تلقي التعليم الجامعي".
"كان قرارهما مغادرة المنزل، والنزول لمواجهة مصيري في الشارع، فالشتاء بارد، حتى شعرت أحيانا أن الحياة قطعة من الجحيم، فالموت يرفرف من حولي، وأقضي نحو 80% من الوقت في مكان ما بالعراء".. هكذا يحكي كوباياشي.
استمرت حياته على هذا النحو عاما ونصف العام حتى عرض مدير نادٍ للموسيقى على كوباياشي العمل في النادي، لينتشله من الشارع، واستمر في العمل لمدة 6 سنوات.
ووضع بعدها الشاب الياباني قدميه على أول طريق الأعمال بيع التسجيلات الموسيقية عبر الإنترنت.
نقطة التحول
شاهد كوباياشي إعلانا عن وظيفة بشركة برمجيات لا تتطَّلب أي مؤهلات أو خبرة، الأمر كله يقتصر على خوض اختبار.
وبالفعل دخل اختبارا يقيس المهارات الرياضية، والتفكير المنطقي، ومعدل الذكاء. واجتاز كوباياشي الامتحان وبدأ العمل في الشركة التي دربته ليصبح مهندس برمجيات.
من هنا طرق الشاب عالم جديد، سيكون بوابته لترأس شركة ناشئة تتجاوز قيمتها الآن المليار دولار، وتسمى "Sun".
دخول عالم الأعمال
قابل كوباياشي مُبدعا آخر يدعى ماكوتو هيراي، حيث اتفقا على أن بإمكانهما تأسيس شركة تضم مهندسي البرمجيات المبدعين، الذين بإمكانهم خلق نماذج أعمال عملية.
وبالفعل، في عام 2012 سافر الشاب الياباني إلى فيتنام لاختيار من مجموعة المهندسين الشباب، تمهيدا للمشاركة في تأسيس شركة "Framgia " في مارس/آذار 2013، والتي تحولت إلى علامة "Sun" في 2019.
اعتمدت فكرة المشاركة على مساعدة الشركات اليابانية الناشئة التي كانت تكافح من أجل بناء أنشطة قابلة للاستمرار.
ويعلق كوباياشي: "كان موقفنا هو أن نلزم أنفسنا بتطوير تلك الشركات الناشئة، بغض النظر عن الخسارة أو الربح".
نجحت الشركة في بناء قاعدة أعمال جيدة حتى تجاوز عدد عملائها 70 عميلا، وتضم قائمة عملائها شركات عملاقة مثل سوفت بنك.
قمة الثراء
هذه مرحلة جديدة في حياة كوباياشي، بدأت في يوليو/تموز 2020 حين تم طرح أسهم الشركة فيما يعرف بقسم "الأمهات" المعني بالشركات الناشئة ببورصة طوكيو.
خلال شهرين فقط تضاعفت قيمة أسهم الشركة 6 مرات تقريبا ووصلت إلى إلى أعلى مستوى لها في سبتمبر/ أيلول، لتتجاوز قيمتها السوقية 1.4 مليار دولار.
وتراجعت أسهم الشركة بعد ذلك بنسبة 37% لتنخفض قيمتها دون المليار دولار، وتشكل حصة كوباياشي منها 7.9% ما يعادل 74 مليون دولار.
وسجَّلت "Sun" خلال أول 9 أشهر من 2020 صافي ربح بلغ 649 مليون ين (6.2 مليون دولار).
ويؤكد كوباياشي: "نريد أن نكون جادين في تقديم خدماتنا للشركات الكبرى.. هذا هو سبب وجودنا، وطرحنا في البورصة".
ويقول ميتسوشيجي أكينو، كبير المسؤولين التنفيذيين في شركة "إيتشيوشي" لإدارة الأصول، "إن هناك طلبا جيداً على خدمات الشركة، لكن المبيعات والأرباح لا تزال منخفضة وقد تكون المنافسة شديدة".