السماء تمطر صواريخ.. هل دقت طبول الحرب الكورية الثانية؟
السماء فوق شبه الجزيرة الكورية تمطر صواريخ ترفع منسوب التوتر إلى أقصاه، وقد تدق طبول حرب ثانية تغرق المنطقة في فوضى عارمة.
صواريخ في اتجاهات معاكسة تبعث برسائل تحذير تنضاف لمناورات أجرتها قبل أيام القوات البحرية لكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية واليابان، في تدريبات ثلاثية مضادة للغواصات لأول مرة منذ خمس سنوات.
مناورات وتحذيرات ترفع درجة التوتر على خلفية سلسلة تجارب صاروخية أجرتها كوريا الشمالية، في تطورات تعتبر الأخطر منذ 2017، خصوصا أنها تأتي في سياق مختلف وبعد أقل من شهر على إقرار بيونج يانج قانونا يسمح بالرد "نوويا" ضد أي تهديد.
مد وجزر
الجيشان الكوري الجنوبي والأمريكي أطلقا، الأربعاء، 4 صواريخ أرض-أرض باليستية قصيرة المدى على أهداف وهمية في البحر، في خطوة تأتي غداة إطلاق كوريا الشمالية صاروخا باليستيا متوسط المدى حلّق فوق اليابان، في سابقة منذ خمس سنوات.
ردٌ أعلنته هيئة الأركان الكورية الجنوبية في بيان، قائلة إن الجيشين الكوري الجنوبي والأمريكي أطلقا صاروخين من طراز "أتاكامس" على أهداف وهمية في بحر الشرق، المعروف أيضاً باسم بحر اليابان، مشيرة إلى أن الإطلاق جرى "لإصابة هدف وهمي بدقة".
ولم يخل البيان من رسائل بدت صريحة للجارة الشمالية، حيث أشار إلى أن التدريبات "أظهرت أننا قادرون ومستعدون للقضاء على مصدر الاستفزاز مع الحفاظ على وضعية مراقبة متواصلة".
وجاء رد الجارة الجنوبية وواشنطن غداة إطلاق بيونج يانج صاروخا باليستيا متوسط المدى حلّق فوق اليابان قبل أن يسقط بالمحيط الهادئ، في حادثة دقت ناقوس الخطر في شبه الجزيرة الكورية ودفعت طوكيو لتفعيل نظام الإنذار والطلب من سكان بعض المناطق الاحتماء.
وأعادت الحيثيات إلى الذاكرة تصعيدا مماثلا جرى في 2017 وفجرت حينها أيضا مخاوف من اندلاع حرب كورية ثانية شبيهة بتلك التي ضربت شبه الجزيرة من 1950 إلى 1953.
وها هو السيناريو ذاته يكرر نفسه بالوقت الراهن، لكن في سياق أشد تعقيدا يمنح الفرضية ضمانات أكبر للتجسد.
رد نووي
في سبتمبر/ أيلول الماضي، أقر برلمان كوريا الشمالية قانونا يسمح بالرد "نوويا" وبشكل "تلقائي وفوري" على أي هجوم يهدد البلاد.
إعلانٌ لم يكن عبثيا في ضوء التطورات الحاصلة، فتفاقم التوتر في شبه الجزيرة الكورية خصوصا على خلفية مهاجمة بيونج يانج، مكتب الاتصال بين الكوريتين على الحدود مع جارتها الجنوبية، يفتح المشهد على جميع السيناريوهات المحتملة.
فكوريا الشمالية لن تتوانى عن الرد بقوة في حال محاولة استهدافها وقد يصل الأمر حد اللجوء لأكثر من الصواريخ الباليستية، ما يعني أن قانونها جاء بعنوان تحذير وتهديد في آن، وهذا ما يرفع احتمالات وقوع مواجهة في سماء شبه الجزيرة الكورية.
لكن الجارة الجنوبية هي الأخرى، لن تقف - في كل الأحوال- مكتوفة الأيدي، ولهذا تستعين بحليفتها واشنطن لرد رسائل التحذير أيضا، وهذا ما يفسر المناورات الثلاثية الأخيرة، ردا على صاوروخ كوريا الشمالية.
ومما يمنح المخاوف شرعية إضافية هو أن خطوة بيونج يانج تعتبر الأولى منذ 5 سنوات، أي منذ مرحلة "النار والغضب" التي تبادل خلالها الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب شتائم من العيار الثقيل.
وبفشل المفاوضات مع واشنطن حول إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية، كثفت بيونج يانج برامج أسلحتها المحظورة وأجرت العديد من التجارب العسكرية، في محاولة لتعزيز موقعها الجيوسياسي، خصوصا في ظل العقوبات الدولية التي تستهدفها بسبب برامجها.
فهل تمر الغيوم من سماء شبه الجزيرة الكورية هذه المرة أيضا؟ أم أنها ستتحول إلى عاصفة قد تدرك المدى النووي فتكتب فصلا أليما جديدا في منطقة مثقلة بالتحديات؟