"بطولة" قيد الكتمان لـ50 عاما.. قصة أمريكي أسقط 4 مقاتلات سوفياتية

في أحد أيام نوفمبر/تشرين الثاني عام 1952، أسقط رويس ويليامز أربع مقاتلات سوفياتية، وأصبح أسطورة لم يُسمع عنها شيء لأكثر من 50 عاما.
وخلال حفل الجمعة، في كاليفورنيا، تلقى الطيار البحري السابق البالغ من العمر 97 عاما وسام صليب البحرية؛ ثاني أعلى وسام عسكري في البحرية الأمريكية، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
ما الذي فعله؟
في 18 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1952، كان ويليامز يحلق بـ"بانثر إف 9 إف"؛ أول مقاتلة للبحرية الأمريكية، في مهمة خلال الحرب الكورية.
وأقلع الطيار آنذاك من حاملة الطائرات "يو إس إس أوريسكاني"، التي كانت تعمل مع ثلاث حاملات أخرى في قوة مهام ببحر اليابان، الذي يعرف أيضا ببحر الشرق، 100 ميل قبالة ساحل كوريا الشمالية.
وتلقى ويليامز، الذي كان حينها بعمر 27 عاما، مع 3 طيارين مقاتلين آخرين أوامر بدورية جوية قتالية في الجزء الشمالي من شبه الجزيرة الكورية، قرب نهر يالو، الذي يفصل كوريا الشمالية عن الصين، وفي الجزء الشمالي الشرقي (روسيت)، الذي كان آنذاك جزءا من الاتحاد السوفيتي، الذي دعم كوريا الشمالية في الصراع.
ومع قيام طياري البحرية الأمريكية بدوريتهم، واجه قائد المجموعة والطيار المساعد أعطالا ميكانيكية، ليعودا إلى قوة المهام قبالة الساحل. وترك ذلك ويليامز ومساعده بمفردهما في المهمة.
وفجأة، رٌصدت سبع مقاتلات سوفيتية من طراز "ميغ-15" تتجه نحو قوة المهام الأمريكية. وقال ويليامز خلال مقابلة عام 2021 مع مركز المحاربين القدامى الأمريكيين: "لم يخرجوا من روسيا ويشتبكوا معنا بأي طريقة من قبل".
وأمر القادة القلقون في قوة المهام، مقاتلات البحرية الأمريكية بوضع أنفسهم بين طائرات الميغ الروسية والسفن الحربية الأمريكية. وأثناء تنفيذ المقاتلات الأمريكية لذلك، اتجهت أربع طائرات ميغ سوفيتية نحو ويليامز وفتحت النار، بحسب قوله.
وقال ويليامز إنه أطلق النار على ذيل "الميغ"، لتنسحب من التشكيل السوفيتي المكون من أربع طائرات، ليتبع الطيار المساعد لـ"ويليامز" الطائرة السوفيتية.
وفي تلك المرحلة، أمره القادة الأمريكيون المتواجدون على حاملة الطائرات، بالاشتباك مع السوفيتيين، وهنا قال ويليامز: "قولت: أنا مشتبك".
لا خيار سوى القتال
وقال ويليامز إنه علم أيضًا أنه بسبب سرعة المقاتلات السوفيتية مقارنة بطائرته، فإذا حاول التوقف فجأة سيلحقون به ويقتلونه، مضيفا: "حينها كانت ميغ-15 أفضل طائرة مقاتلة في العالم". وكانت طائرة ويليامز مناسبة للقتال الجو-أرض، وليس المعارك الجوية.
لكنه انخرط في معركة، مع ست طائرات سوفيتية وليس واحدة.
وما تلا ذلك كان قتالا جويا استمر لأكثر من نصف ساعة، مع دوران ويليامز ومناورته، وهو المجال الوحيد الذي يمكن لطائرة ويليامز منافسة السوفيات فيه، ما منع الـ"ميغ" المتطورة من توجيه أسلحتها عليه.
وقال: "تصرفت بشكل أوتوماتيكي، كنت أتحرك كما تدربت وكذلك كان السوفيات، لكن في بعض الأحيان... ارتكبوا أخطاء"، بحسب قوله.
وبينما كانت إحدى الطائرات تحلق أمامه، توقفت عن إطلاق النار وأصبحت أسفله، ليكتشف ويليامز أن الطيار قتلته النيران التي أطلقها عليه.
كما تحدث عن كيف ظهرت أمامه طائرة ميغ أخرى، وضربها بنيرانه، وتحطمت، مما دفع ويليامز للمناورة لتجنب الحطام مع سقوط الطائرة.
وطوال فترة القتال، أطلق ويليامز جميع الـ760 طلقة من قذائف المدفعية عيار 20 ملم التي حملتها طائرته.
لكن السوفيتيين وجهوا ضربات لويليامز أيضًا، مما تسبب في تعطيل أسطح توجيه الدفة والجناح، وجعله يستخدم الروافع الموجودة بالجزئي الخلفي من الطائرة لتحريكها لأعلى وأسفل.
ولحسن الحظ، بحسب قوله، كان في هذه المرحلة يتحرك باتجاه قوة المهام الأمريكية قبالة الساحل. لكن إحدى المقاتلات السوفيتية المتبقية كانت في إثره. وقال إنه تحرك صعودا وهبوطا مع إطلاق النيران فوق وأسفل طائرته، بينما كان الطيار السوفيتي يحاول توجيه ضربة واضحة.
وكان أمام ويليامز مهمة صعبة أيضا تتمثل في إعادة الطائرة المتضررة إلى الحاملة، في ظل حذر قوة المهام من احتمال مهاجمة الطائرات السوفيتية لها.
وفي البداية، اعتقدت الدفاعات الجوية الأمريكية المتأهبة على حاملة الطائرات أن طائرة ويليامز إحدى طائرات الميغ، وفتحت المدمرات التي تحرس الحاملات الأمريكية النار عليه.
لكن تحرك ويليامز وقائده بسرعة لوقف ذلك. وعلى متن الحاملة، وجد طاقم البحرية 263 ثقبا في طائرة ويليامز.
ووصلت أنباء أعمال ويليامز البطولة إلى القيادة، حيث كان الرئيس – آنذاك - دوايت آيزنهاور بين كبار المسؤولين الأمريكيين المتلهفين للتحدث مع الطيار.
وصنف المسؤولون الأمريكيون سجلات المعركة الجوية التي خاضها ويليامز سرية على الفور، وأقسم الطيار على إبقائها سرية، مما يعني أن الأمر قد يستغرق أكثر من خمسة عقود قبل إدراك انتصاراته كاملة.
وفي عام 1953، تم تقليد ويليامز وسام النجمة الفضية، لكن دون الإشارة إلى الطائرات السوفيتية، فقط طائرات "العدو".
ولم يعرف عن الطائرة الرابعة حتى نشر سجلات الأرشيف الروسية في التسعينيات. وفي عام 2002، عندما رفعت السرية عن السجلات الأمريكية، تمكن ويليامز حينها فقط من إخبار المقربين منه، وكان أول شخص أخبره عنها زوجته.
aXA6IDE4Ljk3LjE0LjgxIA== جزيرة ام اند امز