كريستالينا غورغييفا.. "مديرة الصندوق" في مهمة استثنائية (بروفايل)
تطل "كريستالينا غورغييفا" المدير العام لصندوق النقد الدولي عبر القمة العالمية للحكومات 2023، لاستشراف مسار أفضل للاقتصاد العالمي.
من إدارتها لأكبر ميزانيات المساعدات الإنسانية في العالم، إلى إدارة صندوق النقد الدولي وأزمات الاقتصاد العالمي؛ تعمل كريستالينا غورغييفا اليوم على رسم خطط وسياسات مستقبلية لمساعدة العالم في مواجهة المتغيرات والتحديات المتسارعة، والعبور إلى مستقبل مستقل ومزدهر يُسهم في بلوغ مستهدفات الرخاء والنماء للمجتمعات والشعوب.
وتشارك المدير العام لصندوق النقد الدولي في جلسة رئيسية باليوم الأول للقمة العالمية للحكومات، التي تُعقد في دبي خلال الفترة 13-15 فبراير/شباط 2023، تحت عنوان "اقتصاد العالم.. ما بين تحديات جذرية وفرص نوعية"، لمناقشة كيف ستبدو الحوكمة في الحقبة الجديدة، في ظل الاضطرابات العالمية الأخيرة، وازدياد الصراعات الدولية، والمعاناة من العوامل الخارجية الاقتصادية التي فرضتها الجائحة العالمية، والسعي للحفاظ على التنمية الاجتماعية في العالم المحفوف بالمخاطر البيئية؟ هل سيصبح نموذج الحوكمة الحقيقي الجامع المتمثل في الاقتصاد الشامل هو الوضع المثالي الجديد؟
رائدة استثنائية بمجال الخدمة العامة
وقد ولدت كريستالينا غورغييفا في صوفيا بدولة بلغاريا عام 1953، وحصلت على درجة الدكتوراه في علم الاقتصاد والماجستير في الاقتصاد السياسي وعلم الاجتماع من جامعة الاقتصاد الوطني والعالمي في صوفيا، حيث كانت أستاذًا مشاركًا بين عامي 1977 و1993، وأثناء حياتها الأكاديمية كانت زميلًا زائرًا في كلية لندن للاقتصاد وفي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
وفي عام 2010 منحتها مجلة "صوت أوروبا" لقب "أوروبية العام" و"مفوضة الاتحاد الأوروبي للعام" تقديرًا لقيادتها عمل الاتحاد الأوروبي في مجال الاستجابة الإنسانية للأزمات. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020 حصلت على جائزة القيادة الدولية المتميزة من المجلس الأطلسي اعترافا بمساهماتها الاستثنائية والمتميزة على مدار حياتها العملية في مجال الخدمة العامة.
وقد بدأت غورغييفا حياتها العملية في مجال الخدمة العامة بالعمل في البنك الدولي كخبير اقتصادي لشؤون البيئة في عام 1993. وبعد 17 عامًا من العمل وتقلد عدد كبير من المناصب العليا، بما في ذلك عملها مديرا للتنمية المستدامة، ومديرا لشؤون الاتحاد الروسي، ومديرًا لشؤون البيئة، ومديرًا مسؤولا عن البيئة والتنمية الاجتماعية في مكتب شرق آسيا والمحيط الهادئ، بلغت ذروة مسيرتها المهنية في البنك الدولي بتعيينها نائبا لرئيس مجموعة البنك الدولي وأمينًا عامًا للمجموعة في عام 2008. وبهذه الصفة قامت بتيسير الحوار بين الإدارة العليا لمجموعة البنك الدولي ومجلس المديرين التنفيذيين والبلدان المساهمة في المجموعة.
وتعد عضوًا في كثير من اللجان الدولية، بما في ذلك عملها رئيسًا مشاركًا للجنة العالمية المعنية بالتكيف، ورئيسا مشاركا للفريق رفيع المستوى التابع للأمين العام للأمم المتحدة والمعني بتمويل الشؤون الإنسانية. وقد ألفت وشاركت في تأليف أكثر من 100 عمل منشور عن السياسة البيئية والاقتصادية، بما في ذلك مراجع عن الاقتصاد الكلي والاقتصاد الجزئي.
إدارة الأزمات.. وميزانيات المساعدات الإنسانية
وتشغل كريستالينا غورغييفا حاليا منصب المدير العام لصندوق النقد الدولي، وهو المنصب الذي اختيرت له في 25 سبتمبر/أيلول 2019 وتشغله منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2019 ولمدة 5 سنوات. وهي أول شخص من اقتصادات الأسواق الصاعدة يتولى قيادة الصندوق منذ إنشائه عام 1944.
وقبل انضمامها إلى الصندوق كانت غورغييفا مديرًا تنفيذيًا للبنك الدولي من يناير/كانون الثاني 2017 إلى سبتمبر/أيلول 2019، وخلال تلك الفترة عملت رئيسا مؤقتًا لمجموعة البنك الدولي لمدة ثلاثة أشهر.
وقبل ذلك، ساعدت غورغييفا على تحديد ملامح جدول أعمال الاتحاد الأوروبي أثناء عملها نائبًا لرئيس المفوضية الأوروبية لشؤون الميزانية والموارد البشرية. وبهذه الصفة كانت تشرف على ميزانية الاتحاد الأوروبي التي يبلغ حجمها 161 مليار يورو (175 مليار دولار أمريكي) و33 ألف موظف، كما أشرفت على استجابة الاتحاد الأوروبي لأزمة الدين في منطقة اليورو وأزمة اللاجئين في عام 2015. وقبل ذلك عملت مفوضًا لشؤون التعاون الدولي والمساعدات الإنسانية والاستجابة للأزمات، حيث كانت تدير واحدة من أكبر ميزانيات المساعدات الإنسانية في العالم.
مهمة خفض "الديون المقلقة"
وخلال مشاركتها في فعاليات منتدى المالية العامة للدول العربية المنعقد في إطار اليوم التمهيدي للقمة العالمية للحكومات الأحد 12 فبراير/شباط 2023، إن الدين العام في العديد من اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "مصدر قلق".
وأضافت "بإمكان دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحقيق المرونة من خلال إطار مالي صلب ومواجهة التحديات المناخية وزيادة الإيرادات الضريبية".
الصورة واعدة.. لكن التطورات السلبية "قائمة"
وقالت كريستالينا غورغييفا، المدير العام لصندوق النقد الدولي، إن النمو العالمي ارتفع بنسبة 3.4% في 2022، ومتوقع أن يتراجع حاليًا إلى 2.9% خلال عام 2023، ليسجل تحسنًا طفيفًا في عام 2024؛ حيث سيصل إلى 3.1%.
وأضافت المدير العام لصندوق النقد الدولي، خلال كلمتها أمام المنتدى السابع للمالية العامة بالدول العربية، أن مكافحة التضخم من الأولويات في عام 2023، لافتة إلى تراجع التضخم من 8.8% في عام 2022 إلى 6.6% هذا العام و4.3% في عام 2024 وإن كان سيظل متجاوزًا مستويات ما قبل الجائحة في معظم البلدان، مشيرة إلى أنه من العوامل المساعدة إعادة فتح اقتصاد الصين، وصلابة أسواق العمل والإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وقالت المدير العام لصندوق النقد الدولي "وبينما تبدو الصورة واعدة لا تزال التطورات السلبية هي الكفة الراجحة في ميزان المخاطر، فمن الممكن أن يظل التضخم متجاوزًا للتوقعات، مما سيقتضي المزيد من التشديد النقدي، الذي قد يؤدي إلى عمليات إعادة تسعير مفاجئة في الأسواق المالية، وربما تتصاعد الحرب الروسية في أوكرانيا مخلفة اقتصادًا عالميًا أكثر تفككًا".