اليوم الوطني الـ94.. السعودية تحقق أحلام ضيوف الرحمن
تحتفل السعودية، الإثنين، بيومها الوطني الـ94 في وقت تواصل فيه جهودها لرعاية الحرمين الشريفين والارتقاء بالخدمات المقدمة لضيوف الرحمن.
وباحتفال المملكة بيومها الوطني هذا العام، تكون أكملت نحو 103 أعوام في خدمة ضيوف الرحمن منذ المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود وصولا إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.
أهمية خاصة
ويحمل احتفال المملكة بيومها الوطني هذا العام أهمية خاصة لأكثر من سبب، أبرزها أنه يأتي بعد 3 شهور من نجاح قياسي لموسم حج 1445هـ/2024 م، على مختلف الأصعدة الدينية والأمنية والصحية، أكدته لغة الأرقام في موسم حج شهد خدمات وتقنيات تقدم لأول مرة للتيسير على ضيوف الرحمن.
أيضا يحمل أهمية خاصة كونه يأتي بعد شهرين من إطلاق رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، خطة موسم العمرة لعام 1446 هـ، التي تعد الأكبر من نوعها في تاريخ الرئاسة، لإثراء تجربة القاصدين والمعتمرين والزائرين، وتهيئة الأجواء التعبدية لهم، من خلال حزمة من مئات المبادرات والبرامج العلمية الدينية طوال موسم العمرة، واستقطاب الآلاف من المتطوعين في الحرمين الشريفين.
وتجسد النجاحات التي حققتها المملكة في خدمة ضيوف الرحمن والنهوض بها شعار الاحتفال باليوم الوطني هذا العام "نحلم ونحقق"، في إشارة إلى نجاح القيادة السعودية في تحويل أحلام وطموحات السعوديين إلى حقائق تتجسد بوضوح في مشاريع ضخمة تضمنتها "رؤية المملكة 2030"، والتي يأتي على رأسها النهوض بخدمة ضيوف الرحمن.
وهو أمر يتجسد على أرض الواقع، وتؤكده لغة الأرقام، التي كشفت تجاوز مستهدفات الرؤية في هذا الصدد بعد 8 سنوات فقط من إطلاقها، حيث سجَّلت المملكة زيادة تاريخية في أعداد المعتمرين من الخارج، حيث بلغت 13.56 مليون معتمر، متجاوزة مستهدف عام 2023 المقدر بـ10 ملايين، ومقارنة بخط الأساس البالغ 6.2 ملايين معتمر، ويبلغ المستهدف العام للرؤية 30 مليون معتمر، فيما بلغ عدد المتطوعين لخدمة ضيوف الرحمن أكثر من 131 ألف متطوع، متجاوزًا مستهدف العام البالغ 110 آلاف متطوع.
103 أعوام
ويوافق اليوم الوطني السعودي ذكرى اليوم الذي أعلن فيه الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود توحيد البلاد تحت مسمى المملكة العربية السعودية، للمرة الأولى في التاريخ، وتوحيد رؤيتها تحت راية الإسلام وشهادة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" يوم الخميس 23 سبتمبر/أيلول 1932، الموافق 21 جمادى الأولى 1351هـ.
ورغم أنه يؤرخ لتأسيس المملكة العربية السعودية في عام 1351 هـ، إلا أن تدشين بداية عهد رعاية ضيوف الرحمن من قبل الملك المؤسس يعود إلى عام 1343هـ (قبل 103 أعوام هجرية).
فقبل أن يكتمل توحيد المملكة، أخذ الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن على عاتقه مسؤولية رعاية وأمن وأمان وإكرام ضيوف الرحمن، لتكون الركن الأساس في بناء الدولة منذ اللبنات الأولى لتأسيسها.
وبعث رسمياً رسائل إلى أمراء المدن التي دخلت الحكم السعودي، آنذاك، لبدء الاستعداد لاستقبال الحجاج مبكراً في 15 من محرم عام 1343هـ.
تطورات متلاحقة
واستمرت العناية بالحجاج والمعتمرين منذ ذلك التاريخ مرورا بتأسيس المملكة، وعبر ملوكها المتعاقبين، وصولا لعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي تولى مقاليد الحكم 23 يناير/كانون الثاني 2015 ، وشهدت رعاية ضيوف الرحمن في عهده نقلة نوعية وإنجازات قياسية، مكنت المملكة من تنظيم الحج على مدار 3 مواسم متتالية (2020 و2021 و2022)، في ظل جائحة كورونا، بنجاح منقطع النظير، دون تسجيل أي إصابات.
وبعد عام واحد من توليه الحكم، أطلق الملك سلمان عام 2016 خارطة طريق لرسم مستقبل البلاد تحمل اسم "رؤية 2030" تقود لنهضة شاملة في مختلف المجالات.
وفي 28 مايو/أيار 2019، دشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بحضور ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، برنامج خدمة ضيوف الرحمن أحد برامج رؤية المملكة 2030.
وشهدت خدمة ضيوف الرحمن تطورات متلاحقة خلال الأعوام الماضية تحت مظلة رؤية المملكة 2030، كان أبرزها استمرار التوسعة السعودية للحرمين وزيادة المساحات والخدمات لزيادة طاقتها الاستيعابية، من خلال زيادة التوسع في منظومة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن والارتقاء بها مع التحسين الجذري للإجراءات، وإثراء الرحلة الدينية والتجربة الثقافية، وعكس الصورة الحضارية للمملكة في خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن.
وأخذ برنامج خدمة ضيوف الرحمن على عاتقه، قيادة التجربة التحولية لقطاع الحج والعمرة، ضمن باقة من المبادرات نفذ بعضها وأخرى تحت التنفيذ بتمكين الجهات ذات العلاقة.
ويأتي على رأس تلك المنجزات خلال الفترة بين 2019 و2021: إطلاق التأشيرة الإلكترونية للحجاج والمعتمرين، ما أسهم في تقليص مدة الحصول على التأشيرة من 14 يوماً إلى 5 دقائق، وإعادة هيكلة شركات أرباب الطوائف للتحول من مؤسسات أفراد إلى شركات، وإطلاق "شركة كدانة للتنمية والتطوير"؛ لتكون الذراع المختص بتطوير وتنمية المشاعر المقدسة وحماها بمدينة مكة المكرمة، ورفع الطاقة الاستيعابية للمشاعر لإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من المسلمين لأداء فريضة الحج على أكمل وجه، وتهيئة المشاعر المقدسة والاستخدام الأمثل لها على مدار العام.
تلك التطورات ساعدت المملكة في تنظيم الحج على مدار المواسم الثلاثة الماضية في ظل جائحة كورونا بنجاح منقطع النظير.
حج 2024.. نجاح قياسي
ويأتي الاحتفال باليوم الوطني الـ94 ، بعد 3 شهور من موسم حج 2024 شهد نجاحا على مختلف الأصعدة الدينية والأمنية والخدمية والصحية، أكدته لغة الأرقام في موسم خلا من تسجيل أي تفشيات أو مؤثرات على الصحة العامة.
ووظفت وزارة النقل السعودية 32 تقنية خلال موسم حج 2024، للتيسير على نحو مليون و833 ألف حاج أدوا المناسك هذا العام من 200 دولة، من بينها 17 تقنية جديدة.
أبرز تلك التقنيات والتجارب الجديدة هي "التاكسي الطائر" و"الأسفلت المطاطي" و"النظارة التفتيشية"، هذا إلى جانب التوسع في تقنيات وخدمات سابقة مثل الطرق المبردة واستخدام الطائرات المسيرة (الدرونز)، وخدمة حج بلا حقيبة.
وحقق مشروع ترجمة خطبة عرفة رقما قياسيا جديدا بالوصول إلى 621 مليون مستفيد ومستمع، في رقم هو الأكبر في تاريخ رئاسة الشؤون الدينية للحرمين.
على صعيد ذي صلة بأمن وأمان الحجاج، شهد هذا العام استخدام النيابة العامة جهاز "ترجمان"، الذي يتولى ترجمة أقوال المتهمين ترجمة فورية بنسبة خطأ لغوي لا يتجاوز "صفر%" لأول مرة في حج هذا العام.
أيضا شهد حج هذا العام إطلاق "بطاقة نسك الرقمية" التعريفية التي تحتوي على المعلومات الخاصة بالحاج والخدمات المقدمة له، وتمكن الجهات من تقديم الخدمة له بسرعة وكفاءة عالية، وتحتوي تلك البطاقة على سمات أمنية خاصة ساعدت الجهات الأمنية على تمييز الحاج النظامي من غير النظامي.
وتتواصل خلال الفترة الحالية اللقاءات التحضيرية بين وزارة الحج والعمرة ومكاتب شؤون الحجاج في الخارج، لبحث الخطوات والإجراءات العملية لإنفاذ متطلبات وثيقة الترتيبات الأولية، ومؤشرات الالتزام بالجدول الزمني، في إطار الاستعداد المُسبق لموسم حج 1446هـ / 2025م.
خدمة المعتمرين.. أكبر خطة
أيضا على صعيد خدمة ضيوف الرحمن، أطلقت رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، يوليو/ تموز الماضي، خطة موسم العمرة لعام 1446 هـ، التي تعد الأكبر من نوعها في تاريخ الرئاسة، لإثراء تجربة القاصدين والمعتمرين والزائرين، وتهيئة الأجواء التعبدية لهم، من خلال حزمة من مئات المبادرات والبرامج العلمية الدينية طوال موسم العمرة، واستقطاب الآلاف من المتطوعين في الحرمين الشريفين.
وأوضح رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس أنّ خطة موسم العمرة انطلقت مع بداية العام الهجري الجديد 1446، وستستغرق ٩ أشهر، تنقسم لثلاثة مراحل، وتنتهي بنهاية شهر شعبان عام 1446 ، حيث تنطلق بعدها خطة شهر رمضان المبارك.
وكشف أنّ الرئاسة بصدد إطلاق العديد من الروبوتات الدينية الذكية التي تسهم في تقديم الخدمة للقاصدين بشكل فعال في المسجد الحرام والمسجد النبوي للتسهيل على ضيوف الرحمن، والوصول للخدمات في كل الأوقات.
وأوضح أنّ الرئاسة حرصت في خطتها لموسم العمرة على تكريس العمل التطوعي والإنساني، حيث يعد الحرمان الشريفان بيئتين جاذبتين للعمل التطوعي، ويُستهدف أن يكون الحرمان الشريفان أكبر مجتمعين تطوعين في العالم، إيماناً بقدرات شباب المملكة وفتياتها في خدمة ضيوف الرحمن.
أيضا تستهدف الخطة تزويد الحرمين الشريفين بما يصل إلى مليون مصحف موزعة في المسجد الحرام والمسجد النبوي، في موسم العمرة حتى يتسنى للقاصد الكريم تلاوته وقراءته، مع إتاحة عدد من حلقات تعليم وتحفيظ القرآن الكريم، يقوم عليها كوكبة من المدرسين والمحفظين من ذوي المهارة والقدرة، بهدف خدمة المعتمر والزائر.
وحرصت رئاسة الحرمين في خطتها لموسم العمرة عام 1446 هـ، على تنويع المبادرات والبرامج والخدمات لتحقيق أقصى مراحل الراحة للقاصد الكريم تيسيراً وتخفيفاً له، حتى يؤدي المعتمرون مناسكهم بيسر وسهولة، في بيئة إيمانية خاشعة صحية، فضلًا عن تكثيف الدروس العلمية والإرشادية وزيادة حلق القرآن والتوعية الميدانية الدينية، مع استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي، ورقمنة البرامج، وتسخير التطبيقات الإلكترونية في مختلف المجالات خدمةً للقاصدين، ومخاطبتهم باللغات العالمية، لتسهيل نُسكهم وإثراء تجربتهم.