السعودية والإمارات.. أخوة أبدية تعززها المناسبات الوطنية
تشارك دولة الإمارات، السعودية احتفالها باليوم الوطني الـ94، في وقت تمضي فيها الأخوة التاريخية والشراكة الاستراتيجية بين البلدين إلى آفاق أرحب.
شراكة استراتيجية أضحت معها المناسبات الوطنية في البلدين احتفالية مشتركة، تجمع قلوب الشعبين وتجسد علاقات الأخوية التاريخية بين البلدين التي تتوثق وتزداد تلاحما وقوة عاما بعد آخر، ومناسبة تلو أخرى بتوجيهات من قيادتي البلدين.
أخوة أبدية تصب في صالح دعم أمن واستقرار والسلم الدولي ويجني ثمارها البلدان والمنطقة والعالم أجمع.
ويصادف اليوم الوطني السعودي، الذي يحل الإثنين، 23 سبتمبر/أيلول من كل عام، وهو اليوم الذي أعلن فيه الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود توحيد البلاد تحت اسم "المملكة العربية السعودية" في شهر جمادى الأولى عام 1351هـ الموافق 23 سبتمبر/أيلول 1932.
وتحتفي دولة الإمارات بتلك المناسبة المهمة، في وقت تتواصل فيه الزيارات المتبادلة وتتزايد المباحثات المتواصلة بين قادة ومسؤولي البلدين لدعم العلاقات وتنسيق الجهود وزيادة التعاون بينهما.
لقاءات القادة
وقبل شهر، تلقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، دعوة موجهة من الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في المملكة العربية السعودية، لحضور النسخة الثامنة من منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار لعام 2024 في مدينة الرياض في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
دعوة جاءت بعد أسابيع، من لقاء جمع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، بقصر العزيزية بالمنطقة الشرقية في السعودية 17 مايو/أيار الماضي.
وأكد الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات في تغريدة له آنذاك، أن "زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولقاءه أخاه الأمير محمد بن سلمان تؤكد أن التواصل والتعاون والتكامل مع المملكة العربية السعودية الشقيقة هو السبيل إلى ازدهار واستقرار المنطقة وأمنها".
وتابع قرقاش، في تغريدة عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا)، إن "لقاءات قائدي التنمية والتحديث فيها الخير لشعوبنا وأوطاننا".
جاء هذا اللقاء بعد عدة أشهر من مشاركة الزعيمين في أول قمة خليجية مع رابطة دول الآسيان التي عُقدت في الرياض 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وكان الأمير محمد بن سلمان في مقدمة مستقبلي أخيه رئيس دولة الإمارات والوفد المرافق لدى وصوله مطار الملك خالد الدولي.
وشارك في القمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي وممثلوهم، إضافة إلى قادة دول رابطة الآسيان التي تضم 10 دول من جنوب شرقي آسيا وهي (إندونيسيا، وماليزيا، والفلبين، وسنغافورة، وتايلاند، وبروناي، وكمبوديا، ولاوس، وميانمار، وفيتنام)، وتضمن البيان الختامي المكون من 42 بندا خارطة طريق لتعزيز التعاون في مختلف المجالات.
وترأس الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وفد دولة الإمارات المشارك في القمة التي افتتحها الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
وتضمن البيان الختامي، إشادة القادة المشاركين بجهود دولة الإمارات لمواجهة التحديات والمخاطر المشتركة، وعلى رأسها تغير المناخ وندرة المياه.
أيضا سبق أن التقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي العهد السعودي على هامش مشاركتهما في قمة العشرين بالهند سبتمبر/أيلول الماضي.
3 لقاءات بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والأمير محمد بن سلمان على مدار نحو عام تتوج علاقات الأخوة والمحبة التي تجمع البلدين.
زيارات متبادلة
وإضافة إلى لقاءات القادة، لا تتوقف الزيارات المتبادلة لوفود ومسؤولين ورجال أعمال من البلدين لتعزيز التعاون.
ضمن أحدث أوجه هذا التعاون، وقّعت هيئة كهرباء ومياه وغاز الشارقة في 4 سبتمبر/ أيلول الجاري اتفاقية تعاون مع “أكوا باور” الشركة السعودية المتخصصة في مجال تحوّل الطاقة، لإنشاء أول محطة مستقلّة لتحلية المياه في منطقة الحمرية بالشارقة تلبيةً لسد احتياجات الإمارة من المياه.
اتفاقية جاءت بعد عدة شهور، من زيارة وفد من هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية في المملكة العربية السعودية إلى دولة الإمارات مايو/أيار الماضي للاطلاع على أبرز ممارسات وزارة الطاقة والبنية التحتية في مجال السياسات العامة والتشريعات لتنظيم قطاع الطاقة والبنية التحتية، والسُبل المتبعة لضمان جودة البنية التحتية وفق معايير الريادة والتنافسية العالمية.
أيضا أعلنت مجموعة موانئ دبي العالمية “دي بي ورلد”، والهيئة العامة للموانئ السعودية (موانئ)، في 26 من الشهر نفسه، إطلاق مشروع لبناء المنطقة اللوجستية التابعة لمجموعة موانئ دبي العالمية في ميناء جدّة الإسلامي بقيمة تصل إلى 900 مليون ريال سعودي (250 مليون دولار).
وسيوفر المشروع أحدث مرافق التخزين والتوزيع، إضافة إلى مساهمته في تعزيز قدرات تدفق التجارة في المملكة العربية السعودية والمنطقة على نطاق أوسع.
وستكون المنشأة الجديدة أكبر المناطق اللوجستية المتكاملة في المملكة، على مساحة تصل إلى 415 ألف متر مربع؛ وتضمّ ساحات واسعة مخصّصة للمخازن متعدّدة الأغراض تصل مساحتها إلى 185 ألف متر مربع، إلى جانب 390 ألف منصّة تخزين، لتضمن التدفق السلس لبضائع المتعاملين من جدّة وإليها.
وتأسّس المشروع في عام 2022 في إطار عقد امتياز مدته 30 عاماً، وسيتم تطويره على مرحلتين؛ حيث من المقرر افتتاحه في الربع الثاني من 2025.
على صعيد التعاون البرلماني، شهد الشهر نفسه لقاء جمع الدكتور طارق حميد الطاير النائب الأول لرئيس المجلس الوطني الاتحادي مع الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ رئيس مجلس الشورى السعودي، في الجزائر العاصمة وذلك على هامش المشاركة في المؤتمر السادس والثلاثين للاتحاد البرلماني العربي.
وأكد الجانبان خلال اللقاء متانة العلاقات الأخوية والتاريخية التي تربط البلدين الشقيقين وبحثا سبل تعزيز علاقات التعاون البرلمانية بين المجلسين، والتنسيق والتشاور في المشاركات البرلمانية حيال مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يجسد رؤية قيادتي البلدين ويواكب المصالح المشتركة والمتنامية بين البلدين والشعبين الشقيقين علاوة على القضايا المطروحة على جدول أعمال المؤتمر وأهمية توحيد الجهود البرلمانية العربية المشتركة.
التضامن العربي
لقاءات وزيارات واتفاقيات تجسد متانة وقوة العلاقات التي تجمع البلدين.
علاقات ثنائية مميزة شكلت نقطة ارتكاز أساسية في جهود تعزيز أمن واستقرار المنطقة والعالم؛ حيث تعمل الدولتان على تعزيز العمل العربي المشترك، وصون مسيرة مجلس التعاون الخليجي، ومكافحة الإرهاب، والتصدي للتدخلات الخارجية في شؤون الدول العربية، وتعملان على إيجاد حلول دائمة لأزمات ونزاعات المنطقة المختلفة.
وتلعب حاليا دولة الإمارات والسعودية دورا بارزا في محاولة حل الأزمة السودانية، عبر منصة ALPS الجديدة (منصة متحالفين لتعزيز إنقاذ الحياة والسلام في السودان) التي تم إنشاؤها حديثًا وتضم الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وجمهورية مصر العربية والاتحاد السويسري والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، وعقدت محادثات بهذا الشأن الشهر الماضي في سويسرا.
أيضا يتفق البلدان في رؤيتهما لحل أزمة غزة، وسبق أن بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال اتصال هاتفي جرى أبريل/ نيسان الماضي- مع الأمير محمد بن سلمان تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وخطورة انعكاساتها على الأمن والاستقرار في المنطقة، مؤكدين ضرورة تحلي الأطراف كافة بأقصى درجات ضبط النفس وتجنيب المنطقة وشعوبها مخاطر الحروب وتبعاتها الوخيمة.
كما تناول الاتصال الجهود المبذولة لتعزيز الاستجابة للأوضاع الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة،مؤكدين في هذا السياق أهمية تكثيف الجهود والمساعي للوقف الفوري لإطلاق النار في القطاع، وتوفير الحماية الكاملة للمدنيين وفق قواعد القانون الدولي الإنساني، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية الإغاثية الكافية إلى سكان القطاع بشكل مستدام دون عوائق.
وشددا على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لمنع توسيع الصراع في المنطقة وتجنيبها تبعات أزمات جديدة، بجانب العمل على إيجاد أفق سياسي للسلام العادل والشامل والدائم على أساس "حل الدولتين" والذي يضمن الاستقرار والأمن الإقليميين.
وقبل أيام، أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، في الخطاب الملكي السنوي لدى افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى 18 سبتمبر/أيلول الجاري والذي ألقاه نيابة عنه الأمير محمد بن سلمان، أن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وتابع " نجدد رفض المملكة وإدانتها الشديدة لجرائم سلطة الاحتلال الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، متجاهلة القانون الدولي والإنساني في فصل جديد ومرير من المعاناة، ولن تتوقف المملكة عن عملها الدؤوب، في سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ونؤكد أن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون ذلك".
أيضا أكدت الإمارات في 14 سبتمبر/أيلول الجاري أنها "غير مستعدة لدعم اليوم التالي من الحرب في غزة دون قيام دولة فلسطينية".
رسالة إماراتية مهمة للعالم، تؤكد عبرها "دار زايد" أحد أبرز محددات دعمها لليوم التالي من الحرب في القطاع، أي مرحلة ما بعد انتهاء الحرب.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، في تدوينة على منصة "إكس" أن "الإمارات غير مستعدة لدعم اليوم التالي من الحرب في غزة دون قيام دولة فلسطينية".
دعم واضح وقوي ومستدام لإقامة دولة فلسطينية أمر سبق أن أكدته الإمارات مرارا وتكرارا، وأوضحت ملامحه بشكل تفصيلي خلال عرض رؤيتها عن اليوم التالي للحرب في غزة، أي مرحلة ما بعد انتهاء الحرب.
علاقات تاريخية
وتعد العلاقات الأخوية التي تربط دولة الإمارات والمملكة، أنموذجا فريدا، بالنظر إلى عمقها وتكاملها، وما تتضمنه من تاريخ حافل بالتعاون على مختلف الأصعدة التي شملت المجالات كافة.
وتؤكد مشاركة دولة الإمارات للمملكة احتفالاتها بهذه المناسبة، خصوصية ومتانة العلاقات بين قادة وشعبي البلدين الشقيقين، التي باتت تمثل عمقا حقيقيا للعمل الخليجي والعربي والإقليمي، وأحد أهم مرتكزات الاستقرار والنماء والازدهار في المنطقة.
وتوطدت العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، بفضل جهود المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، وامتدت لتصل إلى الشراكة الكاملة في ظل رؤى المغفور لهما الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، والملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود.
وتواصل قيادتا البلدين برئاسة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، تعزيز تلك العلاقات، وضمان الارتقاء بها إلى أعلى المستويات.
وانعكست العلاقات المثمرة بين الدولتين بشكل إيجابي، على واقع التنمية الشاملة والمستدامة في دولة الإمارات والسعودية، بمختلف المجالات، بما في ذلك التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي والاستثمار المشترك، والتنسيق والتشاور.
وشكلت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين دولة الإمارات والمملكة، نموذجا استثنائيا وثريا، للتعاون والتكاتف، حيث شهد التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين خلال السنوات الماضية قفزات كبيرة، إذ ارتفع خلال 10 سنوات بنحو 69% ليصل حوالي 135 مليار درهم خلال 2023، مقارنة بمستواه عند 79.9 مليار درهم خلال 2013، وفقا لبيانات وزارة الاقتصاد.
وبلغت نسبة النمو السنوي المركب بين عامي 2013 و2023، نحو 5.4%، فيما تخطت قيمة التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين الشقيقين خلال 10 أعوام (2014 - 2023) حاجز التريليون درهم، لتصل إلى نحو 1.032 تريليون درهم.
وتوزع التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين خلال الأعوام العشرة الماضية، بين 252.46 مليار درهم للواردات، و255.5 مليار درهم للصادرات، و524 مليار درهم لإعادة التصدير.
ووفقا لبيانات الهيئة العامة للإحصاء في السعودية، بلغ حجم التبادل التجاري بين دولة الإمارات والسعودية، خلال النصف الأول من العام الجاري 17.53 مليار دولار، بنسبة نمو وصلت إلى 22.50% مقارنة بـ 14.31 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2023.
وارتفعت صادرات الإمارات إلى السعودية بنسبة 10.26% إلى 6.80 مليار دولار، خلال النصف الأول من عام 2024، مقارنة مع 6.16 مليار دولار خلال النصف الأول 2023، بينما سجلت واردات الإمارات من السعودية 10.73 مليار دولار، خلال النصف الأول 2024، مقارنة مع 8.15 مليار دولار خلال النصف الأول 2023.
وكان البلدان قد أعلنا في عام 2016 عن تأسيس مجلس التنسيق السعودي الإماراتي، الذي يعمل على وضع رؤية مشتركة لتعميق واستدامة العلاقات المشتركة، وتعزيز المنظومة الاقتصادية المتكاملة بين البلدين.