التوغل الأوكراني في روسيا.. مقامرة أم مرحلة جديدة من الحرب؟
في واحدة من أكبر الهجمات الأوكرانية على روسيا منذ اندلاع الحرب، كانت كييف ترسم عناوين جديدة للقتال لا تخلو من فرضيات "المقامرة".
فمنذ أيام، تخوض القوات الروسية معارك ضد نظيرتها الأوكرانية، بعد اختراق الأخيرة للحدود في منطقة كورسك، في هجوم يصفه كثيرون بأنه "جريء" على أكبر قوة نووية في العالم.
لكن في المقابل قد يراه آخرون بأنه "مقامرة" حتى وإن كانت أوكرانيا تبحث عن نصر، أو تدشين لمرحلة جديدة من الحرب التي اندلعت في فبراير/شباط 2022.
وفي السادس من الشهر الجاري، وفي واحدة من أكبر الهجمات الأوكرانية على روسيا منذ بدء الحرب، اقتحم نحو 1000 جندي أوكراني الحدود بالدبابات والمركبات المدرعة، تحت غطاء جوي من أسراب من الطائرات دون طيار، بحسب وسائل إعلام أوكرانية.
ووردت أنباء عن قتال عنيف بالقرب من بلدة سودجا، حيث يتدفق الغاز الطبيعي الروسي إلى أوكرانيا، مما أثار مخاوف بشأن توقف مفاجئ محتمل لتدفقات العبور إلى أوروبا.
ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الهجوم الأوكراني بأنه "استفزاز كبير".
ومن جهته، التزم الجيش الأوكراني الصمت بشأن هجوم كورسك، على الرغم من أن الرئيس فولوديمير زيلينسكي أشاد بجيش بلاده، الخميس، لقدرته على "المفاجأة" وتحقيق النتائج. ولم يشر صراحة إلى كورسك.
واشنطن تعلق
في الأثناء، أعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة -أكبر داعم لأوكرانيا- لم تكن لديها علم مسبق بالهجوم.
لكن المتحدثة باسم البنتاغون سابرينا سينغ، اعتبرت أن تحرك أوكرانيا بشأن منطقة كورسك يتفق مع السياسة الأمريكية.
وقالت سينغ للصحفيين: "إنهم يتخذون إجراءات لحماية أنفسهم من الهجمات القادمة من منطقة تقع ضمن سياسة الولايات المتحدة حيث يمكنهم العمل، وأسلحتنا، وأنظمتنا، وقدراتنا".
مضيفة "تحرك أوكرانيا ليس تصعيديا، لأنها تفعل ما يجب أن تفعله لتحقيق النجاح في ساحة المعركة".
وأمس الخميس، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها وجهاز الأمن الفيدرالي أوقفا تقدم أوكرانيا ويقاتلان وحدات كييف في منطقة كورسك.
وقالت الوزارة: "تواصل وحدات من مجموعة القوات الشمالية، بالتعاون مع جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، تدمير التشكيلات المسلحة للقوات المسلحة الأوكرانية في منطقتي سودجينسكي وكورينيفسكي في منطقة كورسك، المتاخمة مباشرة للحدود الروسية الأوكرانية".
مقامرة؟
شبكة "سي إن إن" الأمريكية، وفي تقرير لها طالعته "العين الإخبارية"، اعتبرت أن الهدف الاستراتيجي لأوكرانيا من وراء الهجوم "غير واضح، ويمثل لحظة يأس أو إلهام لكييف، وربما يبشر هذا بمرحلة جديدة من الحرب".
ويُعتبر هذا الهجوم تحركا نادرا بالنسبة لكبار القادة الأوكرانيين الذين تعرضت تحركاتهم لانتقادات شديدة في الأشهر الثمانية عشر الماضية بسبب بطء تحركاتهم.
ولكن حتى مع رفض كييف الإدلاء بأي تصريح بشأن ما وصفه الرئيس الروسي بـ"الاستفزاز الكبير"، فإن حكمة هذه المقامرة كانت موضع تساؤل علني من قبل بعض المراقبين الأوكرانيين، وفق "سي إن إن".
ربما تكون هناك استراتيجية أكبر قيد اللعب في تلك المنطقة، حيث تقع مدينة سودجا، التي تخضع الآن جزئيًا على الأقل للسيطرة الأوكرانية، بجوار محطة غاز روسية، على الحدود مباشرة.
وسودجا مفتاح لتوريد الغاز من روسيا، عبر أوكرانيا، إلى أوروبا. ويقال إن هذا الترتيب سينتهي في يناير/كانون الثاني المقبل، وقد يكون هذا محاولة لتقليص مصدر مربح للتمويل لموسكو والذي أغضب كييف منذ بدء الحرب. (حتى يوم الخميس، لم تكن هناك مؤشرات عامة على تأثر إمدادات الغاز).
ومنذ فترة طويلة، طالب الرئيس الأوكراني بطائرات إف-16 لمساعدة بلاده في القتال ضد روسيا.
وتقول "سي إن إن"، إن هذا التقدم الأوكراني يأتي في وقت بدأت فيه جهود كييف ترى فائدة ملموسة من وصول الأسلحة الغربية أخيرا.
وتأتي هذه المعارك في ظل منعطف حاسم في الصراع الذي يُعتبر أكبر حرب برية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وتشعر كييف بالقلق من أن الدعم الأمريكي قد يضعف إذا فاز الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
aXA6IDMuMTUuMjI4LjE3MSA= جزيرة ام اند امز