انتخابات الكويت.. تفاؤل بـ"تصحيح مسار المشهد السياسي"
وسط تفاؤل واسع بنجاح الانتخابات البرلمانية الكويتية في"تصحيح مسار المشهد السياسي"، أغلق باب الترشح للانتخابات المقررة في 29 سبتمبر.
وثمة مؤشرات عديدة تعزز فرص نجاح انتخابات مجلس الأمة القادمة في تحقيق أهدافها وقيادة الكويت نحو مرحلة أكثر استقرارا بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
أولى تلك المؤشرات دعم القيادة الكويتية لعملية تصحيح مسار المشهد السياسي كما أكد ذلك ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في الخطاب الذي ألقاه نيابة عن أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح في 22 يونيو/حزيران الماضي، وأعاد التأكيد عليه في مرسوم حل مجلس الأمة 2 أغسطس/آب الماضي.
وثاني تلك المؤشرات حسن أداء الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح رئيس الوزراء الكويتي منذ تعيينه رئيسا للحكومة 24 يوليو/تموز الماضي، الأمر الذي يعزز قدرته على تشكيل حكومة جديدة بعد إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية.
ثالث تلك المؤشرات إجراء تعديلات في العملية الانتخابية تعزز نزاهتها، حيث تمتاز الانتخابات المقبلة بتجربة التصويت بالبطاقة المدنية حسب مكان الإقامة الفعلي والدائم لكل مواطن للمرة الأولى في التاريخ، وإضافة مناطق جديدة إلى الدوائر الانتخابية.
رابع تلك المؤشرات هو تلافي وجود أي صدام محتمل بين الحكومة والبرلمان القادم حول رئاسة المجلس، بعد إعلان مرزوق الغانم، رئيس البرلمان السابق، اعتذاره عن عدم الترشح.
376 مرشحا
استعدادا للفصل التشريعي السابع عشر لمجلس الأمة الكويتي، أغلق باب الترشح لانتخابات 2022 المقرر عقدها 29 سبتمبر/أيلول الجاري.
وبعد أن تم فتح باب الترشح على مدار 10 أيام متتالية، تقدم 26 مرشحاً، بينهم 3 مرشحات، للترشح في اليوم الأخير، ليصبح العدد الإجمالي للذين تقدموا 376 مرشحاً، بواقع 349 رجلاً و27 امرأة.
ويسود تفاؤل باستعادة المرأة لمقعدها البرلماني في مجلس الأمة القادم، بعد فشلها في الفوز بأي مقعد في المجلس المنحل.
وخلال الفترة نفسها، أعلن 6 مرشحين عن تنازلهم عن الترشح، فيما تستمر إدارة الانتخابات في استقبال طلبات المرشحين الراغبين بالانسحاب حتى 22 سبتمبر/أيلول أي قبل أسبوع من موعد الاقتراع.
يأتي تنظيم تلك الانتخابات بعد أزمة سياسية شهدتها البلاد على مدار الفترة الماضية نتيجة التوترات بين الحكومة والبرلمان.
وأدت التوترات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الكويت إلى إعاقة عمل الحكومة منذ الانتخابات البرلمانية التي جرت في 5 ديسمبر/كانون الأول 2020.
وتم على إثر تلك التوترات تقديم الحكومة برئاسة الشيخ صباح خالد الحمد الصباح استقالتها 3 مرات خلال تلك الفترة القصيرة كان آخرها 5 أبريل/نيسان الماضي، والذي تم قبولها في 10 مايو/أيار الماضي، مع استمرارها بتصريف العاجل من الأمور.
خارطة طريق
قرار تم الإعلان عنه خلال خطاب ألقاه ولي العهد الكويتي نيابة عن أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، رسم خارطة طريق شاملة "لتصحيح مسار المشهد السياسي" في البلاد.
وبعد أن حمل أمير البلاد المسؤولية عن الأزمة السياسية في البلاد للسلطتين التشريعية والتنفيذية دون أن يخلي مسؤولية أي منهما، أعاد الكرة إلى ملعب المواطن ليقرر عبر الانتخابات التي ستجرى لحل تلك الأزمة.
وقال ولي عهد الكويت في الخطاب الذي ألقاه نيابة عن أمير البلاد: "قررنا اللجوء إلى الشعب باعتباره المصير والامتداد والبقاء والوجود ليقوم بنفسه بإعادة تصحيح مسار المشهد السياسي من جديد بالشكل الذي يحقق مصالحه العليا".
وبين أن "هدفنا من هذا الحل الدستوري الرغبة الأكيدة والصادقة في أن يقوم الشعب بنفسه ليقول كلمة الفصل في عملية تصحيح مسار المشهد السياسي من جديد باختيار من يمثله الاختيار الصحيح والذي يعكس صدى تطلعات وآمال هذا الشعب".
وبالفعل بدأت القيادة الكويتية في أعقاب ذلك الخطاب بتنفيذ خارطة طريق لإعادة تصحيح مسار المشهد السياسي في البلاد، كان أبرز ملامح تلك الخطة ما يلي:
24 يوليو/تموز: صدر أمر أميري بتعيين الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح رئيسا للوزراء.
1 أغسطس/آب: مرسوم أميري بتشكيل الحكومة الجديدة من 12 وزيراً.
2 أغسطس/آب: مرسوم بحل مجلس الأمة عقب أداء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية.
17 أغسطس/ آب: مجلس الوزراء يوافق على مشروعي مرسومين بقانوني "ضرورة" يقضيان بالتصويت بالبطاقة المدنية وإضافة مناطق جديدة للدوائر الانتخابية.
28 أغسطس/آب: صدور مرسوم بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة يوم 29 سبتمبر/أيلول الجاري.
29 أغسطس/آب: فتح باب الترشح لانتخابات مجلس الأمة على مدار 10 أيام متتالية انتهت الأربعاء 7 سبتمبر/أيلول الجاري.
خارطة طريق تجسد دعما واضحا من القيادة السياسية لإعادة تصحيح مسار المشهد السياسي في البلاد، تمهيدا للتركيز على مرحلة البناء والازدهار عبر تعاون السلطتين التشريعية والتنفيذية في المرحلة المقبلة.
أداء الوزراء
رغم قصر الفترة التي تولى خلالها الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح رئاسة الوزراء ( قبل نحو شهر)، تشرف حكومته على الانتخابات البرلمانية المرتقبة، إلا أن أداءه حظي بإشادات واسعة وترحيب شعبي كبير.
ويرى مراقبون أنه يمضي بخطوات ثابتة وواضحة الأهداف نحو تصحيح نهج عمل الإدارات الحكومية السابقة، مشيدين بما يقوم به من جولات ميدانية مكثفة في مرافق الدولة الخدمية.
وهناك توقعات تتنبأ بتشكيل حكومة جديدة –في حال إعادة تكليفه بتشكيل الوزارة كما يتوقع مراقبون- قادرة على تعزيز التعاون مع البرلمان لخدمة الوطن والمواطن، بعد الأزمات المتلاحقة بين الحكومة السابقة والبرلمان المنحل.
ومن المقرر أن تستقيل الحكومة بحكم الدستور بعد إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية المقبلة، ومن ثم تشكيل حكومة جديدة.
نزاهة العملية الانتخابية
ومن المؤشرات التي تعزز فرص نجاح الانتخابات المرتقبة في تحقيق أهدافها، هو إجراء تعديلات في العملية الانتخابية تعزز نزاهة العملية الانتخابية.
ووافق مجلس الوزراء 17 أغسطس/آب الماضي على مشروعي مرسوم بقانوني (ضرورة) بإضافة مناطق جديدة إلى الدوائر الانتخابية الأولى والثانية والرابعة والخامسة، وبشأن اعتماد التصويت لانتخابات أعضاء مجلس الأمة وفق عنوان السكن المسجل بالبطاقة المدنية.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تحقق مبدأ العدالة والمساواة في توزيع الدوائر، ومقاعدها مقارنة مع أعداد الناخبين، ما يعزز نزاهة الانتخابات، فضلا عن تعزيز ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية.
تلافي أسباب الصدام
أيضا من المؤشرات التي تعزز فرص نجاح انتخابات مجلس الأمة في تصحيح مسار المشهد السياسي في البلاد، هو تلافي وجود أي صدام محتمل بين الحكومة والبرلمان القادم حول رئاسة المجلس.
وشهدت قائمة المرشحين لانتخابات مجلس الأمة حضور أسماء كانت غائبة عن الترشح لسنوات، أبرزها القطب البرلماني البارز ورئيس البرلمان الأسبق أحمد السعدون، وغاب عنها أسماء تصدرت المشهد لسنوات أبرزهم مرزوق الغانم، رئيس البرلمان السابق، الذي اعتذر عن عدم الترشح.
وأعلن الغانم عدم ترشحه للانتخابات، مؤكداً أن قراره "مرحلي ستعقبه عودة ذات تأثير أقوى لإكمال مسيرة الحفاظ على مصلحة الوطن".
وشهد انتخاب البرلمان المنحل لرئيسه مرزوق الغانم جدلا واسعا على خلفية اتهام المعارضة الحكومة بالتصويت له وإيصاله لرئاسة البرلمان.
وتعهد ولي العهد الكويتي في الخطاب الذي ألقاه 22 يونيو/حزيران الماضي بأن الدولة: "لن نتدخل في اختيارات الشعب لممثليه ولن نتدخل كذلك في اختيارات مجلس الأمة القادم في اختيار رئيسه أو لجانه المختلفة ليكون المجلس سيد قراراته".
ومن المتوقع أن يحصل السعدون على رئاسة المجلس الجديد، خاصة بعد عدم ترشح الغانم، وهو ما يعني تلافي وجود أي صدام محتمل بين الحكومة والبرلمان القادم حول رئاسة المجلس.