الصدر وانتخابات العراق و«دعم السوداني».. خبايا «المنعطف الأخير»

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق، تتكثف النقاشات حول موقف التيار الوطني الشيعي (التيار الصدري سابقاً) من الاستحقاق الانتخابي.
يأتي هذا في ظل صمت رسمي إزاء المشاركة، والتفاعل الشعبي القوي الذي يتمتع به التيار الصدري في الأوساط الشعبية الشيعية.
- الصدر و«الكتلة البديلة».. «مقاطعة مشروطة» تربك المشهد قبل الانتخابات العراقية
- «العراق ليس بحاجة لحروب جديدة».. رسائل الصدر بشأن تصعيد إيران وإسرائيل
وفي هذا الإطار قال عضو كبير في مكتب مقتدى الصدر في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن «توجهات جمهور التيار الوطني الشيعي في الانتخابات المقبلة لن تتحدد بناءً على رغبات فردية أو مزاج شعبي، بل تتوقف بشكل حاسم على الموقف الذي سيعلنه زعيم التيار مقتدى الصدر، إن قرر التدخل أو توجيه قواعده».
وأضاف أن «النقاشات المتصاعدة حول المشهد الانتخابي تضع جمهور التيار الصدري أمام مشهد معقد، حيث تنفتح أمامه فرص متعددة للتصويت، لكن القرار الفعلي بالتحرك في صناديق الاقتراع لا ينطلق إلا بإذن واضح من القيادة».
وأشار إلى أن «الامتناع التنظيمي الحالي عن خوض السباق الانتخابي لا يُترجم بالضرورة إلى صمت مطلق في يوم الاقتراع، خاصة وأن الحق الدستوري في التصويت مكفول لكل فرد».
وأوضح أن «القاعدة الصدرية عُرفت تاريخيًا بانضباطها الشديد واستجابتها المباشرة لتوجيهات الصدر، ما يجعل أي سلوك انتخابي خارج هذا الإطار حدثاً استثنائياً، وليس جزءاً من سلوك عام».
وأكد أن «المشهد لا يزال مفتوحاً على احتمالات، لكن البوصلة الحقيقية لتحرك أنصار التيار ستبقى مرتبطة حصريًا بإرادة زعيمهم».
وعند سؤاله عن تسلم الصدر رسالة من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أجاب عضو المكتب: «التواصل بين الجانبين لم ينقطع لكن لا علم لي بوجود رسالة تخص الانتخابات البرلمانية».
السوداني يراسل الصدر
وفي سياق متصل، كشف مصدر في مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أن الأخير بعث الليلة الماضية عبر أحد كبار المسؤولين في مكتبه رسالة إلى مقتدى الصدر، طلب فيها دعم التيار الصدري للقائمة الانتخابية التي يقودها السوداني في الانتخابات المقبلة.
وبحسب المصدر الذي تحدث لـ"العين الإخبارية"، فإن "السوداني أبدى استعداده لتقديم حقائب وزارية ومناصب أمنية حساسة مقابل دعم التيار الصدري لقائمته، وذلك ضمن سعيه لتوسيع قاعدة الدعم السياسي لائتلافه الانتخابي".
الصدر يرد
وفي خضم هذا الجدل، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي قصاصة منسوبة لمقتدى الصدر جاء فيها: «عدت مكرهاً.. كي لا يُباع الوطن»، لكن عضو مكتبه نفى ذلك، مؤكداً أنها «مزورة».
وبعد ساعات، أصدر الصدر وثيقة مقتضبة، حملت توقيعه، ورد فيها: «حشدُنا لا يركع للفاسدين».
هذا الرد فسّره مراقبون بأنه نفي مباشر وغير تقليدي للقصاصة المزورة، ورسالة مزدوجة موجهة إلى القواعد الشعبية من جهة، وإلى خصومه السياسيين من جهة أخرى، مفادها أن التيار لا يزال في موقع "المراقب القوي" دون أن ينخرط في العملية السياسية الرسمية.
سباق استقطاب «الصدرية الصامتة»
وتُظهر المؤشرات السياسية المتزايدة أن الكتل والأحزاب الشيعية الأخرى بدأت بالفعل التحرك نحو استمالة الكتلة "الصدرية الصامتة"، أي تلك القاعدة الشعبية العريضة التي تُمثل رقماً حاسماً في صناديق الاقتراع، لكن يصعب التنبؤ بسلوكها من دون إيعاز مركزي.
ويقول مراقبون إن «الأحزاب المتنافسة تدرك أن الكتلة الصدرية – رغم قرارها الظاهري بالمقاطعة – تملك إمكانات جماهيرية وتنظيمية لا تزال فاعلة، وقد تُحدث تغييراً كبيراً في موازين القوى إذا ما قرر الصدر دخول المعترك الانتخابي من جديد، سواء بشكل مباشر أو عبر (تحالفات ظل) غير معلنة".
ويُجمع المراقبون أن المشهد الانتخابي المقبل سيبقى رهينة قرار مركزي واحد يصدر من الحنانة، وأن أي إشارات مبطنة أو تسريبات غير موثقة لن تؤثر على القواعد الملتزمة، خصوصًا في ظل حالة التوثب الشعبي والجدل المحتدم حول شرعية المشاركة والقيادة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTkg جزيرة ام اند امز