غموض يحيط بشاحنات تسلا في لاس فيغاس.. ابتكار شرطي أم دعاية مقنّعة؟
أثارت شرطة لاس فيغاس الأمريكية جدلا واسعا بعد أن دفعت بأسطول غير مألوف من السيارات إلى شوارع المدينة.
وتكوَّن هذا الأسطول من عشر شاحنات كهربائية من طراز تسلا سايبرتراك، جرى تزويدها بتجهيزات شرطية كاملة، تشمل أضواء تحذيرية وصفارات إنذار وكسوة بالألوان الرسمية.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، بدا المشهد وكأنه إعلان عن مستقبل الشرطة، لكنه في الوقت نفسه فتح الباب أمام تساؤلات سياسية وأخلاقية وتقنية حول مصدر هذه السيارات وجدواها الأمنية.
وخلال مؤتمر صحفي، وصف قائد الشرطة هذه الشاحنات بأنها «تمثل الابتكار»، معتبرًا أنها أكثر من مجرد سيارات دورية تقليدية.
وكان الإعلان عن الأسطول الجديد قد سبقته منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي أثارت حماس البعض وقلق آخرين، خاصة مع تأكيد الشرطة أن السيارات لم تُشترَ بأموال دافعي الضرائب، بل قُدِّمت كتبرع كامل من جهة داعمة، كانت مجهولة في البداية.
وغذّى هذا الغموض التكهنات، خصوصًا في ظل التراجع الملحوظ في مبيعات تسلا وتزايد الجدل المحيط برئيسها التنفيذي إيلون ماسك. وتبيَّن لاحقًا أن المتبرعين هما رجل أعمال بارز في وادي السيليكون وزوجته، وهما من الداعمين المعروفين للشرطة في لاس فيغاس، وقد أُنجز التبرع عبر مؤسسة خيرية داعمة لإنفاذ القانون، وبلغت قيمته التقديرية نحو 2.7 مليون دولار.
وكشفت المراسلات الداخلية للشرطة أن الصفقة كانت قيد الإعداد منذ فترة، وأن الرهان لم يكن أمنيًا فقط، بل معنويًا أيضًا؛ إذ رأت قيادات في الشرطة أن السيارات الجديدة سترفع من معنويات الضباط وتعزز صورة الحداثة والتقدم داخل الجهاز. ولم يقتصر التبرع على سيارات الدوريات، بل شمل شاحنة إضافية مخصصة لوحدات التدخل الخاصة، لاستخدامها في حالات عالية الخطورة، مثل احتجاز الرهائن.
ومع ذلك، لم يخلُ الأمر من انتقادات. فقد عبّر ناشطون حقوقيون عن قلقهم من أن استخدام سايبرتراك قد يُفسَّر بوصفه ترويجًا غير مباشر لشركة مثيرة للجدل، مؤكدين أن المجتمعات لا تطالب بسيارات «تبدو مذهلة»، بل بإحساس حقيقي بالأمان. كما تساءل منتقدون عن جدوى اختيار هذا الطراز تحديدًا، مقارنة بسيارات تقليدية أثبتت كفاءتها في العمل الشرطي.
ويتضاعف الجدل بالنظر إلى السجل التقني لسايبرتراك؛ إذ واجهت الشاحنة، خلال عامين، عددًا كبيرًا من عمليات الاستدعاء، شملت أعطالًا تتعلق بالألواح الجانبية والإضاءة، وحتى دواسة الوقود. كما تراجعت مبيعاتها بشكل حاد، وارتبط اسمها بحوادث تخريب واحتجاجات استهدفتها بشكل مباشر. ورغم ذلك، تؤكد شرطة لاس فيغاس أنها عالجت جميع مشكلات الاستدعاء قبل إدخال السيارات الخدمة.
ومن جانبها، ترى قيادة الشرطة أن هذه الخطوة تعكس طموحها في أن تكون «الأكثر تطورًا تقنيًا»، معتبرة أن الشاحنات الجديدة تجمع بين الأداء العالي والمتانة، إلى جانب عامل رمزي لا يمكن تجاهله، يتمثل في إظهار الشرطة بمظهر عصري ومهيب. وبينما تواصل سايبرتراك دورياتها الأولى في شوارع المدينة، يترقب المواطنون ما إذا كان هذا الحضور اللافت سينعكس فعليًا على مستويات الأمن التي تتحقق.