لا بد من الإشارة هنا إلى نجاح الاستراتيجية الأميركية في خنق التمدد الإيراني في المنطقة،
مع اقتراب قوات الشرعية اليمنية إلى أقل من 20 كيلومتراً من ميناء الحديدة، الذي تستغله المليشيات الحوثية للحصول على السلاح الإيراني وعمليات القرصنة ونهب سفن الإغاثة، واستمرار الانتصارات ضد المتمردين على الساحل الغربي، لم يجد عبد الملك الحوثي سوى الاعتراف بصراحة بخسائر مليشياته المتتالية، بعد أن بدأت الدائرة تضيق على قواته، حيث عبّرت تصريحاته عن إفلاس عسكري وروح انهزامية واضحة وغير مسبوقة، وربما ذلك مرده إلى أن مرحلة الحسم لتحرير الحديدة من يد المتمردين قد اقتربت، خاصة مع إقرار الحوثيين بصعوبة المحافظة على المدينة التي يوجد فيها أهم الموانئ اليمنية، ولم يجد سوى مناشدة أفراد المليشيا عدم الهلع وترك ساحات القتال، بالإضافة إلى استجدائه في كلمته القبائل عدم الانفضاض من حوله، فمع تحرير محافظة الحديدة ومينائها الاستراتيجي سيتمكن التحالف العربي وقوات الشرعية من إحكام الحصار على الانقلابيين وإغلاق آخر المنافذ المهمة التي يتحكمون بها.
قوات الشرعية اليمنية بمساندة من التحالف العربي مقبلة على أيام مصيرية، في ظل انتصارات عسكرية متتالية وبشكل سريع في جبهات القتال على الساحل الغربي، وهو ما يضغط أكثر على الحوثيين الذين في النهاية لن يجدوا غير الرضوخ لكل شروط وقرارات المجتمع الدولي بتسليم السلاح والانسحاب من صنعاء.
التطورات الحاصلة في الحديدة تشير إلى أن الأزمة اليمنية تدخل مرحلة حاسمة عسكرياً، بعد أن رفض الحوثيون كل الفرص السياسية التي منحها لهم التحالف العربي لإنهاء هذه الحرب، حيث أبدى الانقلابيون تعنتاً إزاء كل خرائط الطرق الأممية لحل النزاع، وعلى الرغم من المحاولات الحثيثة التي سعى من خلالها المبعوثون الأمميون جميعاً لإحداث اختراق في جدار الأزمة، فإن الصلف الحوثي جعل حظوظ الحل السياسي غائبة بشكل تام، وحتى مع زيارة المبعوث الأممي لليمن السبت المقبل، وهو الذي رفض الحوثيون استقباله طويلاً، فإن فرص الحل السياسي للأسف تتضاءل يوماً تلو آخر، فكل التجارب السابقة أثبتت أن التعنت الحوثي خلفه إصرار على إطالة أمد الأزمة وزيادة المعاناة الإنسانية، طمعاً من قبل الحوثيين في استغلال تلك المعاناة لكسب تعاطف العالم، والتحريض ضد التحالف العربي باعتباره يقود حرباً ضد اليمنيين، بينما الحقيقة أن من يحارب الحوثيين على الأرض هم قوات الشرعية اليمنية التي تسيطر، بدعم من التحالف، على نحو 85 % من المساحة الكلية لليمن، وكل تلك المحاولات الإيرانية لاستغلال الحرب لمآرب أخرى، تخفي في أساسها أن أصل الأزمة وبلاءها هو انقلاب الحوثي على الشرعية وليس العكس.
لابد من الإشارة هنا إلى نجاح الاستراتيجية الأميركية في خنق التمدد الإيراني في المنطقة، الذي يبدو نموذجه في اليمن يعاني بشكل جلي، إثر الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي وفرض عقوبات غير مسبوقة على طهران بسبب سياستها العدوانية، كما لا يمكن إغفال إعلان واشنطن دعمها صراحة للتحالف العربي من أجل القضاء على الحوثيين ضمن استراتيجية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجديدة، وكذلك إعلان وزارة الدفاع الأميركية أنها ستواصل العمل مع حلفائها في التحالف العربي وتدريب طياريها على دقة الضربات والحيلولة دون وقوع ضحايا مدنيين.
قوات الشرعية اليمنية بمساندة من التحالف العربي مقبلة على أيام مصيرية، في ظل انتصارات عسكرية متتالية وبشكل سريع في جبهات القتال على الساحل الغربي، وهو ما يضغط أكثر على الحوثيين الذين في النهاية لن يجدوا غير الرضوخ لكل شروط وقرارات المجتمع الدولي بتسليم السلاح والانسحاب من صنعاء، ثم الدخول في تفاوض سياسي مُرغَمين عليه وليس برغبتهم.
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة