رئيس بيرو المعزول.. هل تعرض للعنصرية بسبب ماضيه الفقير؟
اعتبر الفقراء والفلاحون فوز بيدرو كاستيلو برئاسة بيرو العام السابق، قبل عزله الأربعاء الماضي، بمثابة انتصار لمن يعيشون في أعماق جبال الأنديز ومن تم تجاهل نضالاتهم.
كان أنصار كاستيلو، زعيم شعبوي صاحب أصول متواضعة، يأملون أن يتمكن من انتشالهم من الفقر - أو على الأقل أن يتمكنوا من المشاركة في الحياة السياسية، وفقا لوكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية.
لكن كاستيلو واجه خلال الأشهر الـ17 التي قضاها في المنصب قبل الإطاحة به واحتجازه يوم الأربعاء الماضي، العنصرية والتمييز.
وأضافت الوكالة :" لقد تعرض للسخرية لارتدائه قبعة تقليدية ومعطفا، وسخر الكثيرون من لهجته وانتقدوه لإدماجه احتفالات السكان الأصليين في الاحتفالات الرسمية. كما غصت شبكات التواصل الاجتماعي بالعنصرية ضده".
ووفق "أسوشيتدبرس" فإنه" للسخرية من كاستيلو استخدم المحتجون حمارًا - رمزًا للجهل في أمريكا اللاتينية - يرتدي بقبعة مماثلة لتلك التي يرتديها الرئيس".
كما لم تتوقف تلك الهجمات، لدرجة أن مراقبين من منظمة الدول الأمريكية وثقوها خلال زيارتهم للدولة التي تشهد انقسامات عرقية كبيرة.
لكن كاستيلو بدد تلك الشعبية التي كان يتمتع بها بين الفقراء، إلى جانب أي فرصة للوفاء بوعوده لتحسين حياتهم، عندما فاجأ الأمة بقراره بحل الكونغرس يوم الأربعاء، وتلاه الإطاحة به واعتقاله بتهمة التمرد. وجاء عمله الانتحاري السياسي، الذي استدعى بعض أحلك أيام ماضي الأمة المناهض للديمقراطية، قبل ساعات من استعداد الكونجرس لبدء محاولة عزله الثالثة.
ومع وجود كاستيلو قيد الاحتجاز وتولي نائبته السابقة، دينا بولوارت، يبقى أن نرى ما إذا كانت ستتعرض هي أيضًا لنفس التمييز، وفقا للوكالة الأمريكية.
بولوارت، محامية عملت في وكالة الدولة التي توزع وثائق الهوية قبل أن تصبح نائبة الرئيس، ليست جزءًا من النخبة السياسية في بيرو أيضًا. ونشأت في بلدة فقيرة في جبال الأنديز، وتتحدث إحدى لغات السكان الأصليين في البلاد، وهي لغة الكيتشوا، وهي يسارية مثل كاستيلو وعدت "بالنضال من أجل المهمشين".
أشارت منظمة الدول الأمريكية، في تقرير نُشر الأسبوع الماضي، إلى أن بيرو تعاني من وجود "قطاعات تروج للعنصرية والتمييز ولا تقبل أن يشغل شخص من خارج الدوائر السياسية التقليدية كرسي الرئاسة".
وقال التقرير: "أدى ذلك إلى توجيه إهانات لصورة الرئيس".
بعد أداء اليمين كرئيس يوم الأربعاء، دعت بولوارت إلى هدنة مع نواب الذين أطاحوا بكاستيلو بتهمة "العجز الأخلاقي الدائم".
وشهدت بيرو ستة رؤساء في السنوات الست الماضية، ثلاثة منهم خلال أسبوع واحد عام 2020.
لم يشغل كاستيلو، مدرس بمدرسة ريفية، منصبًا رفيعا قط قبل أن يفوز بفارق ضئيل في جولة الإعادة في يونيو/ حزيران 2021 لوعوده التي قطعها في حملته الانتخابية بتأميم صناعة التعدين الرئيسية في بيرو وإعادة كتابة الدستور، وحاز على دعم واسع في الريف الفقير.
تعد بيرو ثاني أكبر مصدر للنحاس في العالم ويشكل التعدين ما يقرب من 10 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي و60 بالمائة من صادراتها. لكن اقتصادها شهد تدهورا خلال جائحة فيروس كورونا، مما أدى إلى زيادة أعداد الفقراء وتدهور المكاسب التي حققتها البلاد خلال عقد من الزمان.
وفاز كاستيلو بأغلبية 44 ألف صوت فقط على أحد أكثر الأسماء شهرة بين الطبقة السياسية في بيرو: كيكو فوجيموري ، ابنة الزعيم القوي السابق ألبرتو فوجيموري، الذي يقضي عقوبة السجن 25 عامًا بسبب الإعدامات التي نفذت خلال فترة حكمه من قبل جيش سري.
غالبًا ما يطلق أنصار كيكو فوجيموري على كاستيلو لقب "تيروكو" أو الإرهابي، وهو مصطلح يستخدمه اليمين غالبًا لمهاجمة اليسار والفقراء وسكان الريف.
واحتج بعض من تبقى من أنصار كاستيلو وأغلقوا الطرق في جميع أنحاء البلاد عقب اعتقاله. كما تجمعوا خارج مرفق الاحتجاز حيث يُحتجز هو وألبرتو فوجيموري.
وقال فرناندو بيكاتوست، أحد مؤيدي كاستيلو يوم الجمعة خارج السجن "أطلقوا عليه كل الألقاب العنصرية. وفي الكونجرس، تجرأ النواب الذين يفترض أنهم يمثلون الشعب بإهانة الرئيس".