"حراس الليل".. صلاحيات مطلقة لـ"مليشيا أردوغان"
حزب أردوغان يريد منح حراس الأسواق والأحياء صلاحية القبض على المشتبه وتسليمهم للسلطات
عاد الجدل من جديد في تركيا حيال المشروع الذي تقدم به نظام الرئيس رجب طيب أردوغان إلى لجنة المحليات في البرلمان، من أجل تعديل قانون "حراس الأسواق والأحياء الليليين".
وبحسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "سوزجو" التركية المعارضة، الأربعاء، فإن هذا الجدل حول القانون الذي طرح في يناير/كانون الثاني الماضي، تجدد عقب مقترح جديد تقدم به نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم، تمنح حراس الليل (حراس الأسواق والأحياء ) صلاحية استخدام السلاح، مثل أفراد الشرطة.
و"حراس الليل" فكرة أمنية لنظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدأ تطبيقها بعد نحو عام من محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، عبر تعيين المئات من أفراد حزب العدالة والتنمية لحماية الأحياء.
ويبدأون عملهم اليومي من غروب الشمس حتى شروقها في اليوم التالي، ويُخصص لكل حي حارسان اثنان.
وتنص المادتان المثيرتان للجدل على منح حراس الأسواق والأحياء صلاحية القبض على المشتبه وتسليمهم لسلطات إنفاذ القانون.
وطالب نواب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان، في نص المقترح بـ"منح الحراس الصلاحية لمنع المشتبه بهم من الإضرار بأنفسهم أو الإضراب بالآخرين، واتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة للحفاظ على الأدلة أو عدم إفسادها والحصول على بيانات وهويات وعناوين شهود العيان حال تواجدهم في أماكن الحوادث، ومنحها إلى الأجهزة المختصة”.
وسيعطى هذا المقترح لحراس الأسواق والأحياء صلاحية إلقاء القبض على الأشخاص الصادر بحقهم قرارات اعتقال أو حبس في حال رصدهم لهم وتسليمهم إلى الأجهزة المعنية التابعين لها.
ومع أول انعقاد للبرلمان بعد توقفه بسبب كورونا، بدأ مناقشة مشروع قانون “حراس الليل” في الأحياء والأسواق، وأبدى نواب المعارضة رفضهم منح صلاحيات مبالغ بها لمليشيات أردوغان.
وتقول المعارضة إن قانون "حراس الليل” هو إضفاء طابع رسمي على “مليشيا” خاصة بالعدالة والتنمية، بينما يزعم أعضاء حزب الحاكم أن الانتقادات لها نوايا أخرى.
وهاجم أعضاء أحزاب الشعب الجمهوري والخير والشعوب الديمقراطي، الكردي في لجنة الشؤون الداخلية بالبرلمان، العدالة والتنمية وحليفه الحركة القومية بسبب ضغطهم لتمرير مشروع القانون.
وحذرت الأحزاب المعارضة من أن نظام أردوغان يحاول تشكيل "مليشيا" أو “حرس مسلح خاص بالحزب”، مؤكدين أن مشروع القانون مخالف للدستور.
وعلق النائب البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري، مراد أمير، على مشروع القانون، قائلًا: “مثل هذه الصلاحيات هي مخالفة مباشرة لمبدأ حماية حق العيش المكفول في الدستور. الأمر يشكل خطرا”.
أما نائب حزب الخير فريدون باهشي، فقال "هنا خطر كبير جدًا من حدوث انتهاك حق حماية أمن وحريات المواطنين المكفول في الدستور".
تشكيل مليشيا خاصة
و المقترح المقدم من قبل حزب أردوغان يتكون من 18 مادة قانونية، ويهدف إلى منح هؤلاء الحراس صلاحيات توازي التي يتمتع بها عناصر الشرطة في البلاد. وهؤلاء الحراس في الأساس أنصار الحزب الحاكم في المدن والبلديات.
وتناقش لجنة المحليات مشروع القانون منذ يناير/كانون ثان الماضي، حيث وافقت على 9 مواد وأثار هذا القانون اللغط في البرلمان وبين النخب السياسية ووسائل الإعلام.
وسعى المقترح إلى زيادة صلاحيات هؤلاء الحراس، بحيث يصبح بوسعهم طلب هويات الأشخاص وتفتيشهم واحتجازهم، وأيقاف السيارات للتفتيش، واستخدام السلاح إن لزم الأمر، وهي صلاحيات تضطلع بها الشرطة.
و"الحراس الليليين" موجودين في تركيا بموجب قانون تم إقراره في 24 أبريل/نيسان 1914، ويعرف باسم "قانون حراس الأسواق والأحياء"، تم تعديله في 14 يوليو/تموز 1966.
وكان من حق هؤلاء الحراس تنظيم دوريات حراسة في الأحياء واستدعاء الشرطة عند الحاجة ومساعدتها، لكن دون حمل السلاح.
وكان آخر تعيين بموجب هذا القانون قد تم في العام 1974، وفي العام 2008 تم دمج أكثر من 8 آلاف من المعينين بموجبه ضمن القوات الأمنية بالبلاد.
غير أن حكومة العدالة والتنمية، وبموجب مرسوم رئاسي صدر عام 2017، أعادت إحياء مثل هذه التعيينات التي أوقفت عام 1974، وذلك في إطار زعمها بأنها ترغب في دعم قوات الشرطة للحفاظ على الأمن العام في الأحياء السكنية.
ويبلغ عدد الحراس الليليين في تركيا حاليًا 21 ألفًا و292، وذلك بحسب بيانات مذكورة على الموقع الإلكتروني لوزارة الداخلية التركية بتاريخ 24 يوليو/تموز 2019.
ومما يثير المخاوف في مشروع القانون الجديد، أن الحراس مدنيون تتولى تعيينهم وزارة الداخلية التركية، وتختارهم من بين الموالين للحزب الحاكم حصرا.
اعتراضات ومخاوف
ويقول الكاتب التركي، ذو الفقار دوغان، كان قد قال في مقال له، إن توسيع صلاحيات حراس الليل وتسليحها يعني تشكيل قوة شبه عسكرية موالية لأردوغان.
وقال الكاتب التركي إن هناك مفارقة غربية في أمر الحزب الحاكم، فهو الذي ألغى في 2007 قوة الحراس الذين كانوا يقومون بدوريات في الأسواق منذ عهد العثمانيين، لكن بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016 أعاد الحزب نفسه بزعامة أردوغان إحياء هذه القوة.
وأوضح الكاتب أن "الكثيرين متأكدين من أن هذه المبادرة تنبع من رغبة حكومة أردوغان في بناء قوة أمنية مسلحة موثوقة، إذ إنها لا تثق في قوات الأمن النظامية، التي طردت الآلاف من عناصرها بشبهة الانتماء لجماعة فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بالضلوع في محاولة الانقلاب المزعومة عام 2016".