ضابط «مطيع» و«كتوم»، بتقاطيع هادئة ومسيرة ناجحة قد تكون ما فتح عينيه على طموح الوصول للرئاسة ودفعته للمجازفة برج عرش الرئيس.
المقدم باسكال تيغري يتصدر الاهتمام هذه الأيام ليس في بنين فقط وإنما في القارة بأسرها وحول العالم أيضا، باعتباره العقل المدبر لمحاولة انقلاب كادت أن تطيح بالرئيس تالون في 7 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
ولأنه عادة ما تتجه الأنظار في مثل هذه الأحداث إلى قائد الانقلاب، فقد ساد الغموض في البداية حول الشخصية، قبل أن تتكشف التفاصيل تباعا بعد أيام من العملية.
وتؤكد سلطات بنين أن تيغري موجود في توغو، لكن عدم تعليق البلد الأخير على هذه الأنباء، نفيا أو تأكيدا، يبقي مجال التخمينات مفتوحا على مصراعيه.
لكن مجلة «جون أفريك» قالت في تقرير لها طالعته "العين الإخبارية" إن بنين لم تقدم دليلا ملموسا على أن قائد الانقلاب موجود حاليا في توغو، ولا تملك غير معلومة يتيمة، مفادها أنه غادر كوتونو بملابس مدنية متوجها مباشرة إلى توغو، ولا يعرف هل يقيم فيها، أم اتخذها معبرا نحو دولة أخرى.
وصباح يوم الأحد،7 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، اندلع إطلاق نار في كوتونو، عاصمة بنين، وظهرت مجموعة من الجنود، في محاولة للاستيلاء على السلطة بالقوة، على شاشة التلفزيون الوطني لإعلان تعليق الدستور وعزل الرئيس تالون.
لكن بعد ذلك بوقت قصير، أصدرت الحكومة بيانات أعلنت فيها سيطرتها على الوضع.
وفي الواقع، هاجم متمردون فجر ذلك اليوم منزل تالون، ثم اقتحموا محطة التلفزيون الرسمية لإعلان عزل الرئيس من منصبه، تحت رعاية "لجنة عسكرية لإعادة التأسيس" بقيادة تيغري.
«كتوم ومطيع»
المقدم تيغري، قائد الانقلاب، الذي ظهر على شاشة التلفزيون الوطني، يوم الأحد، برفقة مجموعة من الجنود، هو عضو في الحرس الوطني.
في الأربعينيات من عمره، وكان حتى قبل محاولة الانقلاب قائدا للقوات الخاصة التابعة للحرس الوطني، وهي وحدة نخبة، ويتألف أفراد هذه الوحدة، التي أُنشئت عام ٢٠٢٠، من أفضل عناصرها.
وتقول تقارير إعلامية غربية إن هذه الوحدة "هؤلاء الكوماندوز مدربون تدريبا عاليا للغاية".
وتضيف "معتادون على أدق العمليات، ويتدخلون في عمليات إنقاذ الرهائن وغيرها من المهام الصعبة. كما أنهم يتلقون تدريبا يمكّنهم من البقاء على قيد الحياة لعدة أسابيع في الأدغال".
وهذا المقدم من بين الضباط الذين لعبوا دورا فاعلا في مكافحة الإرهاب.
من جانبها، نقلت المجلة عن ضباط كبار في بنين قولهم إنهم أصيبوا بالصدمة والذهول عندما اكتشفوا أن من دبّر الانقلاب لم يكن سوى المقدم باسكال تيغري، الذي وصفه مصدر في القصر الرئاسي بأنه "ضابط منضبط ومطيع، ويحترم رؤساءه. ليس من النوع الذي يتمرد، وهو أيضا شديد التكتم".
أما العقيد ديودونيه دجيمون تيفودجري، قائد الحرس الجمهوري، فقال للمجلة: "لقد فاجأنا الأمر لأنه كان معروفا بكونه جنديا كفؤا. لقد حالفه الحظ بالالتحاق بمدرسة تدريب الضباط، مما أتاح له الترقّي في الرتب. لطالما حظي بثقة رؤسائه".
ووفق المجلة، تولى تيغري في بداية مسيرته قيادة "الكتيبة الثالثة للأسلحة المشتركة"، وهي وحدة نخبة في الجيش، قبل أن يتقلد رئاسة المجموعة الثالثة للأسلحة المشتركة التابعة للحرس الوطني، والتي تشكلت في يناير/ كانون ثاني 2023.
لكن بعد عامين، تولى قيادة مجموعة القوات الخاصة، التي يبدو أنها فتحت عينيه على طموح الوصول للرئاسة.
«فار من العدالة»
بحسب إعلام محلي، أعلنت سلطات بنبن تيغري فارا من العدالة، وتفيد التقارير بأن القوات المسلحة تسعى جاهدة للقبض عليه، وكذلك المتحدث باسمها، النقيب ساماري عثمان، والنقيب الرائد كاسترو سامبيني، اللذين ظهرا معه على شاشة التلفزيون الوطني.
وأفادت وكالة فرانس برس، نقلا عن مصدر عسكري، بأن القوات المسلحة ألقت القبض على 12 جنديا.
وأكد المصدر أن "جميع المعتقلين عسكريون، بمن فيهم جندي سبق تسريحه".
فيما أعلن ويلفريد لياندري هونغبدجي، المتحدث باسم الحكومة، عن اعتقال 14 شخصا.
في غضون ذلك، لا يزال مكان تيغري مجهولا رغم كل ما يكتب ويقال حول الموضوع، بينما يظل وجوده في لومي أو حتى مجرد مروره منها غير مؤكد وسط غموض يتفاقم بمرور الأيام.