بصراحة، الصدى الذي حققته دولة الإمارات خلال مسيرتها التنموية يستحق الوقوف أمامه من كل العرب
الرياضة بشكل عام وكرة القدم على وجه الخصوص هي أكثر الفعاليات الإنسانية تلاقياً وحضارية خلال هذه الفترة من التاريخ نتيجة لما فعلته الجوانب الثقافية الأخرى من شروخ في العلاقات بين البشر.
وهي تكاد تكون محل اهتمام كل شرائح المجتمع في العالم بدءاً من السياسيين وانتهاءً بأفقر الناس، ولم يعد طابعها ثابتاً –كما كان- في كونه مجالا للترفيه والتسلية فقط ولكن تعدى الأمر لأن يكون أحد المجالات المهمة للدول وللأشخاص في تحقيق طموحاتها واستراتيجياتها، وهي مدخل مهم للدبلوماسيات الدولية كونها إحدى أدوات القوة الناعمة.
ليس أدل على أهمية الرياضة في الذاكرة الشعبية للجماهير من تناول الرأي العام العالمي لاسم مدينة العين إعلامياً وفي محركات البحث، حيث سجلت مدينة العين مكاناً متميزاً في الإنترنت باعتبارها إحدى المدن الأكثر تكراراً مقارنة مع العواصم العالمية مثل واشنطن وطوكيو
لذا فإن تهنئة كل من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وكذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، نادي ريال مدريد بطل أبطال أندية العالم وكذلك نادي العين الإماراتي والعرب عموماً، كونه إنجازا عربيا وليس محليا فحسب، الذي حل وصيفاً له بعدما قدم مستوى كرويا لفت انتباه الرأي العام العالمي تجاه الدولة وتجاه منطقتنا العربية هو أمر يتعلق بمدى إدراك القيادة الإماراتية ما باتت تفعله الرياضة من صدى وأثر في نفوس الشعوب في العالم.
بصراحة، الصدى الذي حققته دولة الإمارات خلال مسيرتها التنموية يستحق الوقوف أمامه من كل العرب بدلاً من الحملات الإعلامية المغرضة ضدها التي يديرها نظام الحمدين، إذا كنا نتكلم عن منطق أن العرب أمة واحدة كي تكتمل الصورة الرائعة والجميلة، والعمل على إصدار التوصيات التي تمكن هذه الأمة من اللحاق بالمجتمعات الأخرى ومنافستها، لأن ما وضحته دولة الإمارات أن العمل الجاد المدعوم برؤية استراتيجية تضمن له نتيجة غير متوقعة، هذا ما حدث خلال الـ47 عاماً الماضية وأكده "الزعيم العيناوي" قبل يومين.
قبل نتيجة المباراة الأولى لنادي العين الإماراتي في هذه البطولة لم يكن أحد يتوقع أن فريقاً عربياً وليس إماراتياً أو خليجياً يمكنه أن يحتل مركزا متقدما في الترتيب العالمي لكرة القدم، خاصة في حضرة تلك الأندية العالمية، التي تغلب عليها "الزعيم الإماراتي"، لكن حضور الإرادة الإماراتية التي لا تعترف بلغة المستحيلات، وهي سر النهضة الإماراتية عامة، تغيرت الصورة وأصبح الأمر رائعاً ولم تعد القوى التقليدية في كرة القدم حاجزا غير قابل للهزيمة، مستذكرين في ذلك المجالات الأخرى التي كانت تعد حكراً على بعض الدول مثل غزو الفضاء وغيرها من المجالات الإنسانية، ما يعني أن أي دولة أو شخص يتحلى بـ"الإرادة" كمنهج في تحقيق طموحاته لا بد أن يحدث انقلاب في خارطة السياسة والاقتصاد والمعرفة العالمية وليس الرياضة.
وليس أدل على أهمية الرياضة في الذاكرة الشعبية للجماهير من تناول الرأي العام العالمي لاسم مدينة العين إعلامياً وفي محركات البحث، حيث سجلت مدينة العين مكاناً متميزاً في الإنترنت باعتبارها إحدى المدن الأكثر تكراراً مقارنة مع العواصم العالمية مثل واشنطن وطوكيو، في دلالة على محاولة البعض لمعرفة هذا النادي وبالتأكيد معرفة دولة الإمارات والمنطقة بشكل أكبر، خاصة أنه فريق استطاع أن يهزم ممثلي ثلاث قارات كبيرة، فكان الفريق الأول عربياً وآسيوياً يصدم الرأي العام العالمي ويترك بصمة ستبقى في الأذهان لمدة زمنية طويلة وستعمل على تمهيد الأرضية لاستحقاقات رياضية وغيرها للدولة وللمنطقة.
لكن ما أهمية الربط بين وصول نادي العين إلى المباراة النهائية وبين الرأي العام العالمي؟! لقد تكوّنت صورة ذهنية غير متسامحة عن منطقتنا تسببت فيها بعض الأفكار المتطرفة، وقد أسهم الإعلام الغربي وبعض وسائل الإعلام العربية للأسف الشديد في صناعتها، وهو ما مثّل تحدياً كبيراً في تغييرها بسهولة ولكن ما فعله "الفريق العيناوي" أنه تمكن من إعادة تقديم منطقتنا الجغرافية بصورة مغايرة عما هو متعارف عليه في مخزون الذاكرة الغربية البعيدة، حيث غيّرت تلك المحطات، من أقصى الكرة الأرضية نيوزلندا مروراً بالقارة الأفريقية وأمريكا اللاتينية صاحبة الجنون الكروي إلى أوروبا، الصورة النمطية عن هذه المنطقة بأنها فوضوية ولا يُعرف عنها سوى البذخ باعتبار أن الإعلام الغربي لا ينقل إلا هذه الصورة ويساعده أحيانا كثيرة إعلام عربي ناطق بالإنجليزية.
الإمارات بشكل عام قدمت للعالم صورة غير تلك التي مدفونة في النفوس لدى الآخر، وبالتالي فإن من لا يريد تغيير ما هو عالق في الذهن نتيجة لكسله وتعنته في الاعتراف بحقيقة ذلك بسبب سوء التواصل وعدم قبول التغيرات العالمية وتفسيرها، فإن هذا أمر راجع إليه باعتبار أنه لا يريد أن يرى غيره إلا من خلال تلك الصورة التي كونه له إعلامه الحاقد، أو أنه لا يريد أن يعترف بالنجاح الإماراتي الذي لفت أنظار العالم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة