في ذكراه الأولى.. مؤتمر دوري وجائزة سنوية باسم جمال الغيطاني
الأعلى للثقافة في مصر يحتفل بالذكرى الأولى لرحيل جمال الغيطاني (1945-2015) بحضور عدد كبير من الكتاب والنقاد والمثقفين وأفراد أسرته
أقام المجلس الأعلى للثقافة، أمسية ثقافية إحياءً للذكرى الأولى لرحيل الكاتب والروائي جمال الغيطاني (1945-2015)، الخميس، بحضور الكاتب الصحفي حلمي النمنم وزير الثقافة المصري، ود.أمل الصبان الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، والكاتب يوسف القعيد مقرر لجنة القصة بالمجلس، والناقد د.صلاح فضل، والكاتبة بالأهرام ماجدة الجندي زوجة الراحل، وأفراد أسرته، بالإضافة لعدد كبير من المثقفين والكتاب والشعراء.
استهل وزير الثقافة المصري كلمته قائلا إن رحيل الأدباء والمثقفين يمثل جرحًا غائرًا في جسد الوطن لما يتركونه من فراغ كبير في الساحة الثقافية، مشيرا إلى أن هذه المناسبة تأتي بعد أيام معدودة من خسارة رمزين يُعدان من أهم رموز للثقافة المصرية والعربية؛ الكاتبة نعمات أحمد فؤاد، وهي رحمها الله لطالما سارت هي والروائي الكبير جمال الغيطاني على نفس الدرب، درب الحفاظ على الوطنية المصرية، والرمز الآخر الذي فقدناه الشاعر الكبير فاروق شوشة رحمه الله، فهو من قدّم وقرّب اللغة العربية إلى آذان المصريين والعرب.
وأكد النمنم أن الغيطاني أحد المثقفين الذين أثروا الحياة الإبداعية، لافتًا إلى أن الحديث عنه في جلسة واحدة لن يفي بحقه، فهو واحد من بُناة الثقافة والأدب في مصر والوطن العربي، ومؤسس جريدة أخبار الأدب، وطالب النمنم من الجهات المعنية بالوزارة أن ينظم المجلس الأعلى الثقافة مؤتمرًا أدبيًا سنويا يتناول إنتاج الغيطاني الأدبي ومسيرته ودوره الثقافي، موضحًا أن هذا المؤتمر سيشارك فيه كتاب ومثقفون من مصر والوطن العربي.
من جانبها، قالت د.أمل الصبان، أمين المجلس الأعلى للثقافة، نحتفل اليوم بذكرى مرور عام على رحيل جمال الغيطاني الذي يُعد أحد الأصوات الروائية الأصيلة في نصف القرن الأخير، وأسهم بإنتاجه الروائي الغزير في تشكيل ملامح فن الرواية العربي، وفي ترسيخ مكانته في الأدب العالمي المعاصر، وينتمي الغيطاني لجيل الستينيات من كتاب الرواية في مصر، وهو الجيل الأهم في تاريخ الرواية العربية.
الصبان أضافت أنه إذا كان نجيب محفوظ هو المؤسس الحقيقي لهذا الفن في أدبنا العربي الحديث، فإن جيل جمال الغيطاني هو الذي انتقل بهذا الفن إلى آفاق جديدة، وأحدث نقلة نوعية في أشكاله الفنية ومضامينه الحضارية، ورسّخ وجوده على خريطة الأدب في العالم، مشيرة إلى أن ترجمات أعماله نالت رواجا غير مسبوق.
فيما قال الكاتب محمد سلماوي، رئيس اتحاد كتاب مصر الأسبق: "سلكت مع الغيطاني دربا واحدا خلال فترات كبيرة، فقد جمعنا الأستاذ والأديب الكبير نجيب محفوظ، حتى أصبحنا توأمًا في الأدب والسياسية، فكلانا ينتمي لجيل ثورة يوليو"، وأضاف: جمع الغيطاني بين الأدب والصحافة، كان متعدد المواهب بشكل كبير، كانت هواياته الموسيقى ولديه مكتبه في منزله أكاد أشك أن يوجد مثيل لها في أي مكان آخر، كان لديه من الموسيقى الإيرانية والتركية آلاف الساعات المسجلة.
وتابع سلماوي: كان في القلب منه حب الوطن ومصر واستمرارية التاريخ المصري، وكان الغيطاني من الأدباء القلائل الذين لم يعتمدوا على نجيب محفوظ في ترجمة أعمالهم رغم علاقته القوية بمحفوظ والذي أسهم في اهتمام العالم بالأدب العربي، وطالب سلماوي بتخليد الغيطاني من خلال عمل دراسات لأعماله؛ لأنه لم ينل ما يستحقه نقديا بعد. وطرح سلماوي مبادرة لتأسيس جائزة سنوية باسم (جمال الغيطاني) معلنا "سيشرفني أن أكون أول المؤسسين لهذه الجائزة، تعتمد في تمويلها على مساهمة المثقفين والكتاب ومحبي الغيطاني بما يقدرون عليه، ثم تقوم وزارة الثقافة المصرية بالإشراف عليها، ولا يهم القيمة المادية للجائزة؛ فقيمتها الحقيقية تكمن في أنها تحمل اسم الغيطاني".
الناقد والأكاديمي د.صلاح فضل قال إن الغيطاني بعد عام من رحيله لم يخف الوهج الذي صنعه بمعاركه وإشعاعاته وعباراته وإبداعاته ومقالاته اللاذعة، مؤكداً أنه بقي نورا هادئا جميلا مستمرا ومستقرا لا يستقر على رفوف المكاتب، وإنما متداولا في أيدي القراء، اشترك في عصر الصورة والكتابة، وأحيا الصحافة الثقافية وعهد الرسالة والمجلة بشكل أدبي متطور ومتنوع، وعندما أصدر أخبار الأدب عادت مصر إلى أن تكون مركز إشعاع في وطنها العربي وعاد المثقفون العرب.
وقال الكاتب والقاصّ سعيد الكفراوي، أحد الأصدقاء المقربين من الغيطاني، حين أتكلم عن صديقي وأخي الغيطاني أذكر 50 عاماً قضيناها في قلب الثقافة المصرية، له رواية من أهم أعماله وهي "شطح المدينة"، تتحدث عن الهوية والبحث عن ملاذ ومصير ومأوى كُتبها بلغة مفارقة، مضيفا أنه بغياب جمال غابت أشياء كان يشعلها ويُحدثها، غابت أسئلة الثقافة والبحث عن كُتاب جُدد وغاب اهتمامه بكشف الفساد والمفسدين، كان مشغولا بسؤال المصير والكينونة مثل أستاذه نجيب محفوظ.