المساعدات الأمريكية لمصر والأردن تمر بمنعطف تاريخي في عامها الـ46

تُعد المساعدات الأمريكية لكل من مصر والأردن عنصرًا رئيسيًا في العلاقات الثنائية بين واشنطن وهذين البلدين، حيث تلعب دورًا أساسيًا في دعم الاستقرار الإقليمي وتعزيز التعاون الأمني والاقتصادي.
لكن هذه المساعدات لم تكن يومًا بعيدة عن التجاذبات السياسية، إذ استُخدمت أكثر من مرة كورقة ضغط لتحقيق أهداف سياسية.
وعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لإثارة الجدل حولها مجددًا، ملوحًا بإمكانية وقفها إذا لم تتجاوب القاهرة وعمّان مع خططه المتعلقة بغزة.
المساعدات الأمريكية لمصر
منذ توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، بدأت الولايات المتحدة في تقديم مساعدات سنوية للقاهرة، شملت معونات اقتصادية وعسكرية.
وفي عام 1982، تحولت هذه المساعدات إلى منح لا تُرد، حيث بلغت 2.1 مليار دولار سنويًا، منها 1.3 مليار دولار كمساعدات عسكرية و815 مليون دولار كمعونة اقتصادية.
وتراجعت المساعدات الاقتصادية تدريجيًا حتى وصلت إلى نحو 200 مليون دولار في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق، بيل كلينتون، بينما بقيت المعونة العسكرية ثابتة عند 1.3 مليار دولار سنويًا.
ووفقًا للبيانات الصادرة عن موقع المساعدات الخارجية الأمريكي، فإن مصر تُعد ثالث أكبر متلقٍ للمساعدات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بعد إسرائيل والأردن.
وفي السنة المالية 2023، بلغت قيمة المساعدات المقدمة لمصر 1.43 مليار دولار، وارتفعت إلى 1.44 مليار دولار في 2024.
المساعدات الأمريكية للأردن
على غرار مصر، يتلقى الأردن مساعدات أمريكية سنوية تُعد من بين الأعلى في المنطقة، إذ بلغت 1.69 مليار دولار في 2023، وتراجعت إلى 1.3 مليار دولار في 2024، وتُوزع بين مساعدات اقتصادية وعسكرية، إضافة إلى دعم برامج التنمية.
وتُقدم الولايات المتحدة للأردن دعمًا كبيرًا من خلال اتفاقيات مساعدات طويلة الأمد، كان آخرها الاتفاقية التي وقعت في سبتمبر/أيلول 2022، التي التزمت واشنطن بموجبها بمنح عمّان 10.15 مليار دولار بين عامي 2023 و2029، أي بمتوسط 1.45 مليار دولار سنويًا.
وتشمل المساعدات الأمريكية للأردن تمويل القوات المسلحة، وتطوير البنية التحتية، وبرامج دعم اللاجئين، بالإضافة إلى تمويل مشاريع في مجالات المياه والطاقة والصحة والتعليم.
تهديدات ترامب
عاد ترامب لإثارة الجدل مجددًا عندما لوح بإمكانية وقف المساعدات الأمريكية لمصر والأردن، في حال رفضتا خطته المتعلقة بقطاع غزة، التي تتضمن توطين عدد كبير من الفلسطينيين في أراضيهما بشكل دائم.
وتأتي تصريحات ترامب التي نشرتها "فوكس نيوز"، وسط تصاعد التوترات بشأن مستقبل غزة، حيث يسعى الرئيس الأمريكي السابق إلى إحياء مقترح تحويل القطاع إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، وفق تعبيره، من خلال مشاريع استثمارية ضخمة.
لكن خطة ترامب قوبلت برفض قاطع من كلٍ من مصر والأردن، حيث أكدت القيادة الأردنية رفض أي محاولات لضم الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة الغربية وتهجير أهلها.
كما اعتبرت القاهرة أن أي قبول بتهجير الفلسطينيين سيؤدي إلى إنهاء القضية الفلسطينية وخلق تهديدات أمنية على حدودها، خصوصًا مع احتمال تسلل مسلحين ضمن موجات النزوح.
وفي ظل هذا الرفض، عاد ترامب ليؤكد في تصريحات جديدة أن الفلسطينيين لن يعودوا إلى غزة بمجرد إعادة إعمارها، في تناقض مع تصريحات بعض المسؤولين في إدارته الذين زعموا أن النزوح سيكون مؤقتًا.
هل يمكن وقف المساعدات؟
رغم تهديدات ترامب، فإن قرار تعليق المساعدات ليس سهل التنفيذ، إذ يحتاج إلى موافقة الكونغرس الأمريكي، كما أن المساعدات تُقدم في إطار اتفاقيات رسمية طويلة الأمد، أي أن تعليقها أو وقفها قد يخلق توترات دبلوماسية ويؤثر على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط.
علاوة على ذلك، فإن استمرار الدعم الأمريكي لكلا البلدين ليس مجرد مسألة مساعدات مالية، بل هو جزء من ترتيبات أمنية واستراتيجية تشمل مكافحة الإرهاب، والتعاون العسكري والاستخباراتي.
قمة عربية مرتقبة
في ظل تصاعد الجدل حول المساعدات الأمريكية وتهديدات ترامب، أعلنت مصر أنها ستستضيف قمة عربية في 27 فبراير/شباط الجاري، لمناقشة مستقبل القضية الفلسطينية والتطورات الأخيرة، في خطوة يُنظر إليها على أنها رد مباشر على محاولات الضغط الأمريكي.
ومن المتوقع أن تناقش القمة تداعيات مقترحات ترامب، خاصة في ما يتعلق بتوطين الفلسطينيين خارج أراضيهم، وهو ما يتعارض مع المبادئ التي أكدتها الدول العربية مرارًا حول حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على أراضيهم.
aXA6IDMuMTQ0LjE2My4xNSA= جزيرة ام اند امز