قرار ألمانيا يزيد الضغوط على حزب الله
سامي نادر مدير مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية في بيروت يرى أن القرار سيزيد من عزلة الحزب وسيصّعب تعامل المجتمع الدولي مع لبنان وحكومته
قال خبراء لبنانيون إن قرار ألمانيا حظر أنشطة حزب الله يزيد من الضغوط على التنظيم ومن خلفه الحكومة اللبنانية المحسوبة عليه، التي لم تصدر أي موقف رسمي حيال هذا القرار.
- بعد ألمانيا.. صفعة جديدة تنتظر حزب الله في النمسا
- ألمانيا و"حزب الله".. الحظر يتوسع عالميا والخناق يضيق
ويرى سامي نادر، مدير مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية في بيروت، أن القرار يأتي ضمن مسار السياسة الأمريكية المتبعة منذ تولي دونالد ترامب الرئاسة عبر الضغط على إيران والتمييز بين الذراع العسكري والسياسي لحزب الله الذي عارضته بداية الدول الأوروبية وعادت لتؤيده واحدة تلو الأخرى.
ويقول نادر لـ"العين الإخبارية" إن خطوة ألمانيا التي لطالما كانت خط التواصل بين إيران والغرب، ستزيد من عزلة حزب الله وستصّعب تعامل المجتمع الدولي مع لبنان وحكومته التي ينظر إليها على أنها حكومته.
ويحذّر مدير مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية من أن يؤثر هذا الأمر سلبا عند توجّه الحكومة اللبنانية لطلب مساعدة صندوق النقد الدولي، حيث إن أبرز الدول المساهمة فيه تلك التي تتجه نحو اتخاذ قرارات مماثلة بشأن حزب الله، وبالتالي تخشى أن تتحول أي مساعدات للحكومة له لتوظيفها في أنشطته".
كذلك، يقول الخبير العسكري والعميد اللبناني المتقاعد خليل الحلو لـ"العين الإخبارية" إن قرار ألمانيا كان متوقعا، وهو يأتي ضمن الضغوط التي تمارس على إيران الممول الرئيسي لحزب الله باعتراف مسؤوليه، حيث تعمل على تسليحه وتدريب عناصره، إضافة إلى أنه يأتي في مرحلة تشهد تصعيدا بين إيران وإسرائيل وبين الأخيرة وحزب الله في لبنان وسوريا.
ويذكّر الحلو بالضغوط التي تتعرض لها أوروبا من قبل أمريكا التي كان أول من اتخذ قرار تصنيف حزب الله منظمة إرهابية، وكانت بريطانيا قد سبقت ألمانيا بهذا القرار.
وعن انعكاس هذا القرار على لبنان يقول الحلو: "في ظل كل الأزمات التي يعاني منها لبنان، لا أعتقد أن قرارا كهذا قد يؤثر عليه، كما أننا لن ننتظر أي موقف من الحكومة لا سلبا ولا إيجابا وأقصى ما قد تقوم به هو التعبير عن أسفها لهذا القرار، في الوقت الذي يسيطر فيه الحزب وحلفائه على قرار الحكومة اللبنانية.
أما عن تأثير القرار على حزب الله، فيذكّر الحلو أن ألمانيا لطالما كانت الوسيط وقناة التواصل الوحيدة بين حزب الله والغرب، وبالتالي مع هذا القرار يكون الحزب قد فقد هذا الرابط في الوقت الحالي.
ومع وجود آلاف اللبنانيين في ألمانيا الذين يرسلون أموالا لعائلاتهم أو لمؤسسات تابعة لحزب الله في لبنان، يشير المحلل العسكري اللبناني إلى أن القيود على التحويلات التي كانت تقتصر على تلك التي ترسل عبر المصارف تجاوبا مع العقوبات المفروضة على حزب الله ستتضاعف بعد هذا القرار، وهي قد تشمل أيضا تلك التي ترسل عبر شركات تحويل الأموال.
وفي هذا الإطار، اعتبر رئيس "حركة التغيير" اللبنانية إيلي محفوض: "أن تصنيف ألمانيا حزب الله كمنظمة إرهابية وحظر أنشطته يضاف إلى عشرات الدول والهيئات التي أدرجته على هذا النحو ومنها على سبيل المثال لا الحصر الجامعة العربية والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ومجلس التعاون الخليجي وكندا وبريطانيا واستراليا ودول أخرى الأمر الذي جعل من لبنان دولة معزولة متروكة باتت على هامش خريطة العالم.. جمهوريتها شارفت على الانهيار ".
وسأل محفوض: "أما حان الوقت لتسليم سلاح حزب الله والانخراط في الدولة تحت سقفها وحل المليشيا المسلحة؟".
وبحسب موقع "دويتشه فيليه" الألماني، فقد بلغ عدد اللبنانيين المقيمين في ألمانيا بحسب المعطيات المتوفرة لدى مكتب الإحصاء الاتحادي الألمانيّ حواليّ ١١٤٠٠٠ لبنانيّ، وذلك دون احتساب عدد حاملي وثائق السفر الفلسطينيِّة وحاملي وثائق قيد الدرس الصادرة عن السلطات اللبنانيّة. وعليه، فإنّ الجالية اللبنانيّة تعتبر إحدى أكبر الجاليات العربيّة المقيمة في ألمانيا.
ولفت الموقع إلى أن هناك الآلاف من اللبنانيين الذين اكتسبوا الجنسية الألمانية، وبالتالي فهم غير مشمولين في الرقم الذي يحصي عدد أبناء الجالية اللبنانيّة والصادر عن مكتب الإحصاء الاتحادي الألمانيّ.
وتشير الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء إلى أنّه منذ عام 1990 ولغاية عام 2005 فقد حصل 29543 لبنانيّا على الجنسيّة الألمانيّة.
وبحسب موقع سفارة لبنان في برلين، يتوزع نشاط المغتربين اللبنانيين على عدة قطاعات لا سيما تجارة السيارات وخدمات المطاعم والمهن الحرة بالإضافة إلى وجود عدد لا بأس به من الأطباء والمهندسين والمحامين وأصحاب الاختصاصات العلمية والأكاديمية الذين استطاعوا تبوء مناصب متقدمة في ألمانيا.
ويعتبر أغلب اللبنانيين وجودهم في ألمانيا مؤقتا، وهذا الأمر يدفعهم إلى توظيف جزء من مدخراتهم في لبنان بشكل مشاريع فردية أو تملك عقارات مما يساهم في دعم الاقتصاد اللبناني.
وقبل قرار اليوم، كانت نشاطات الجناح العسكري فقط لحزب الله، الذي تعتبره دول الاتحاد الأوروبي حركة إرهابية، محظورة لكن ليس نشاطات الجناح السياسي الذي ينظم باستمرار خصوصا تظاهرات أو تحركات ضد إسرائيل.
وكتب ستيف ألتر أحد الناطقين باسم وزير الداخلية الألمانية هورست سيهوفر، في تغريدة على تويتر، أن وزير الداخلية "منع اليوم نشاط المنظمة الإرهابية حزب الله في ألمانيا".
وأضاف: "منذ الفجر جرت تحركات عديدة للشرطة في مناطق عدة" ضد مراكز مرتبطة بحزب الله".
وذكرت مجلة "دير شبيجل" وصحيفة "بيلد" الألمانيتان أن عمليات الشرطة استهدفت ثلاثة مساجد، واحدا في برلين وواحدا في بريمن بشمال ألمانيا وواحدا في مونستر، بالإضافة إلى "مركز للمهاجرين اللبنانيين" في دورتموند بغرب ألمانيا، وشارك مئات من رجال الشرطة في هذه العمليات.
وقدرت السلطات الألمانية نحو ألف عضو هم عدد أعضاء حزب الله الذين تتهمه الاستخبارات الداخلية بجمع تبرعات وتجنيد مؤيدين وتنظيم تظاهرات تدعو إلى تدمير إسرائيل.
وكان السفير الأمريكي السابق في ألمانيا ريتشارد جرينيل الذي أصبح اليوم مستشارا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، دعا ألمانيا في سبتمبر/أيلول الماضي إلى حظر النشاط السياسي للحزب على أراضيها، على غرار ما فعلت بريطانيا وهولندا.
وكتب في مقال نشرته صحيفة "دي فيلت" الألمانية حينذاك أن "هذا سيمنع حزب الله من جمع مؤيدين وتبرعات وسيسمح لألمانيا بتوجيه رسالة قوية تظهر أنها لا تتسامح مع العنف والكراهية المعادية للسامية والإرهاب في أوروبا".
واليوم وعقب القرار، رحب جرينيل، بقرار الحكومة الألمانية، وقال في تغريدة على حسابه بموقع تويتر مشيدا بالقرار الألماني: "نرحب بقرار الحكومة الألمانية اليوم ضد عناصر يشتبه بدعمهم لحزب الله".
وأشار السفير الأمريكي إلى أن قرار المواجهة "يثبت عزم الغرب على مواجهة التهديدات الدولية التي يمثلها حزب الله"، داعيا جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات مماثلة.
وأضاف جرينيل: "لا يمكن السماح لحزب الله باستخدام أوروبا كملاذ آمن لدعم الإرهاب في سوريا وعبر الشرق الأوسط".
وأكد: "نحن مستعدون للعمل مع ألمانيا وجميع الشركاء الأوروبيين من خلال تطبيق القانون وتبادل المعلومات الاستخباراتية لحرمان حزب الله من أي نشاط في أوروبا".
aXA6IDE4LjExOC4xMTkuNzcg جزيرة ام اند امز