لماذا يلاحق قاضٍ لبناني حاكم المصرف المركزي رياض سلامة؟
ثلاثة عقود و5 ولايات، مشوار وعمر طويل قضاه رياض سلامة على رأس مصرف لبنان، لكن يبدو أن الوداع لن يكون سلسًا وسط مشهد متأزم.
اتهامات بغسل أموال واختلاس وثراء غير مشروع
من جانبه، اتهم قاض لبناني حاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة وشقيقه، رجاء، بارتكاب جرائم تتعلق بغسل الأموال والاختلاس والإثراء غير المشروع، وذلك بعد تحقيقات استمرت 18 شهرًا.
لكن رياض سلامة نفى في أول رد له نقلته رويترز، الاتهامات، مؤكدًا التزامه بالإجراءات القضائية.
وتنتهي ولاية سلامة في يوليو/ تموز المقبل، بعد بقائه على رأس المؤسسة لفترة 5 ولايات، مدة كل منها 6 سنوات منذ 1 أغسطس/آب 1993.
وقال سلامة، مؤخرًا، في لقاء تليفزيوني الأسبوع الماضي إنه لا ينوي الاستمرار في منصبه حتى لو طُلب منه تمديد أو تجديد ولايته.
وبحسب مجلة "فوربس"، كانت تحقيقات لبنانية وأوروبية في قضايا تتهم سلامة وشقيقه "باختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو (5.4 مليون دولار) على التوالي، بين 2002 و2021"، قد بدأت منذ أكثر من سنة.
واستمع محققون أوروبيون منتصف شهر يناير/كانون الثاني الماضي إلى مزيد من الشهود في الاتهامات الموجهة إلى سلامة، ومن المقرر أن يعود القضاة الأوروبيون إلى لبنان خلال أسابيع.
وكانت وحدة التعاون القضائي الأوروبية (يوروجست)، أعلنت في 28 مارس/ آذار الماضي، أن فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ جمدت 120 مليون يورو (129.5 مليون دولار) من الأصول اللبنانية إثر تحقيق استهدف سلامة و4 من المقربين منه، بينهم شقيقه.
ومنذ يوليو/ تموز 2021، يحقق القضاء المالي الفرنسي في ثروة سلامة، وقد وجه في ديسمبر/ كانون الأول الماضي تهم غسل أموال واحتيال ضريبي إلى سيدة أوكرانية مقرّبة منه.
إضراب مفتوح للمصارف
في غضون ذلك، ما زال القطاع المصرفي اللبناني في إضراب مفتوح منذ أكثر من أسبوعين، احتجاجًا على قرارات قضائية بحق عدد من البنوك وكبار مسؤوليها، وذلك رغم الكتاب الذي وجهه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى وزير الداخلية، واتخاذ الأخير قرارًا يطلب فيه من القوى الأمنية عدم التجاوب مع طلبات تصدرها مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون التي تحقق في ملفات البنوك ومصرف لبنان، والتي أصدرت الاستدعاءات القضائية وادعت على عدد من رؤساء مجالس إدارة البنوك بجرائم تبييض أموال.
وتتذرع المصارف اللبنانية بأن هذه القرارات القضائية ستؤدي إلى قطع علاقة البنوك المراسلة في الخارج معها.
وفي المقابل، اعتبر خبراء دستوريون وماليون أن ما أقدم عليه ميقاتي ووزير الداخلية هدفه كف يد القاضية عون عن متابعة تحقيقاتها، وهو يعتبر تعديًا على الدستور الذي ينص على استقلالية السلطة القضائية.
أزمة اقتصادية عاصفة
وتسلط الاتهامات الموجهة إلى سلامة مزيدًا من الضوء على الأزمة المالية اللبنانية، التي صنّفها البنك الدولي بين أشد 10 أزمات مالية عالمية منذ منتصف القرن التاسع عشر.
وتفاقمت الأزمة في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، عندما بدأت بعد توقف المصارف عن العمل لفترة 3 أسابيع، وامتنعت بعد ذلك عن إعادة أموال المودعين المحجوزة منذ ذلك التاريخ، وهي تعادل تقريبًا 100 مليار دولار.
ويتخذ المصرف المركزي منذ ذلك الحين إجراءات تقيد وصول المودعين إلى أموالهم بالدولار، ما أدى إلى اقتحامات للبنوك بالسلاح، وإحراق مداخل بعض البنوك خلال الأسابيع الأخيرة.
وانهارت الليرة اللبنانية، ووصل سعر صرف الدولار إلى 80 ألف ليرة، مقارنة مع 1507 ليرات في أكتوبر 2019.
وتشير التحقيقات مع سلامة إلى إمكانية تدهور الأزمة المالية في البلاد، مع عجز البرلمان عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وإشارة وزير المال اللبناني، يوسف الخليل، الأسبوع الماضي إلى صعوبة إيجاد بديل لسلامة الذي يشغل المنصب منذ ثلاثة عقود.
aXA6IDE4LjIyNC43MC4xMSA=
جزيرة ام اند امز