برلمان لبنان ينتخب رئيسه الثلاثاء.. هل يشهد سيناريو العراق؟
يتجه مجلس النواب اللبناني إلى معركة جديدة تتمثل في انتخاب رئيسه ونائبه وسط تخوّفات من تكرار سيناريو العراق الذي يواجه أزمة أغلبية تعيق انتخاب رئيس البلاد وكذلك تشكيل الحكومة.
دعا رئيس مجلس النواب اللبناني المنتهية ولايته، نبيه بري، الخميس، إلى جلسة لانتخاب رئيس جدد للبرلمان وهيئة المكتب الثلاثاء المقبل.
فبعكس جميع التوقعات، أفرزت الانتخابات الأخيرة في لبنان مفاجأة، تمثلت بخسارة "حزب الله" لأغلبيته البرلمانية بالدرجة الأولى، وبدخول كتلة من النواب تحت مسمى "المجتمع المدني" والتغييريين وهم مجموعة من الناشطين الذين شاركوا في مظاهرات 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019 وما تلاها.
وبهذه النتيجة، أصبح البرلمان اللبناني مؤلفا من عدد من الكتل النيابية، لا يملك أي منها أغلبية مطلقة بإمكانها السيطرة على القرار وفرض أي مشروع أو قرار.
وقبل الاجتماع الأول للمجلس الجديد الذي دخل ولايته الفعلية في 21 مايو/أيار، تدور معركة سياسية، حول رئاسة المجلس الذي بحسب العرف اللبناني وليس الدستور تذهب للطائفة الشيعية.
وهنا برزت الإشكالية حيث سيطر "حزب الله"، وحليفته حركة "أمل" على جميع نواب هذه الطائفة بالرغم من عدم امتلاكهما الأكثرية النيابية مع حلفائهما، وبالتالي أصبح مستحيلاً طرح أي شخصية من خارج هذا الثنائي لترؤس المجلس، وهو ما أعاد ترشيح رئيس البرلمان نبيه بري إلى هذا المجلس.
لكن يبدو هذه المرة الأمور مختلفة بالنسبة لبري الذي رأس البرلمان لمدى 6 دورات متتالية من عام 1992 حتى اليوم، ولم يتأثر بتغيّر الظروف التي مرت على لبنان من الانسحاب السوري إلى اغتيال رفيق الحريري والانقسام العامودي الذي تحكّم بالحياة السياسية بين ما كان يعرف بقوى 14 آذار (ضد الحكومة السورية وحزب الله)، وتحالف 8 آذار (حلفاء سوريا وحزب الله)، حيث كان بري الرجل الثابت في رئاسة المؤسسة التشريعية وبرضا الأغلبية المطلقة.
ووفق الدستور اللبناني، يرأس المجلس الجديد في الجلسة الأولى أكبر الأعضاء سناً وعليه أن يدعو البرلمان لانتخاب رئيسه خلال مهلة 15 يوماً، والصدفة هذه المرة حكمت أن يكون بري نفسه هو رئيس السن، وبالتالي أصبح أمر الدعوة بيده، وهو ما أقدم عليه متأخراً بانتظار الاتصالات التي يجريها.
وفي هذا الإطار، كشفت مصادر سياسية لـ"العين الإخبارية"، عن أن جميع المشاورات التي أجريت منذ انتهاء الانتخابات حتى اليوم لم تفض إلى نتيجة تتيح لبري امتلاك أكثرية النواب، لا بل أضيفت إليه مشكلة أساسية تمثلت برفض حليف "حزب الله"، أي التيار الوطني الحر من الاقتراع لبري، رغم الحلف الانتخابي الذي جمع الفريقين.
وأشارت إلى أن هناك محاولات مستمرة لمحاولة تأمين الأكثرية عبر مقايضة "التيار" بمقعد نائب الرئيس، وإقناع النائب السابق وليد جنبلاط الذي فاز بكتلة من 9 نواب بالتصويت إلى جانب بري وهو يعتبر "صديقه الشخصي".
ولفتت إلى أن "الاتصالات مع جنبلاط نجحت وهو يتجه لتسميته لرئاسة المجلس إلّا أنها مع التيار الوطني الحر ما زالت متعثرة، وإذا لم تنجح يعني أن الأكثرية غير مؤمنة".
واستناداً إلى أحكام الدستور ولا سيّما المادة 44 منه والنظام الداخلي للمجلس النيابي ولا سيّما المادتان الثانية والثالثة منه، يتعين عند بدء ولاية البرلمان الجديد أن يجتمع الأخير خلال مهلة خمسة عشر يوماً من تاريخ بدء ولايته من أجل انتخاب رئيس مجلس نواب ونائب رئيس مجلس نواب وأميني سرّ وثلاثة مفوضين بناءً على دعوة من رئيس السن وبرئاسته وإذا تعذر عليه الحضور فبرئاسة أكبر الأعضاء سناً.
وحق توجيه الدعوة إلى جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب محصورة بيد رئيس السن من بين النواب المنتخبين الـ 128 وليس من نصّ في الدستور ولا في النظام الداخلي يعطي هذه الصلاحية لسواه إذا لم يمارسْها، في حين أنّ ترؤس جلسة الانتخاب منوط برئيس السن ولكن إذا تعذّر عليه الحضور يترأسها أكبر الأعضاء سناً من بين الحاضرين استناداً إلى الفقرة الثانية من المادة الثانية من النظام الداخلي للمجلس النيابي.
وحول الأغلبية المطلوبة للفوز برئاسة مجلس النواب، يجب توافر النصاب الدستوري من أجل صحة انعقاد الجلسة وافتتاحها وهو الأغلبية المطلقة من عدد الأعضاء الذين يتألف منهم البرلمان، أي 65 نائباً على الأقل من أصل 128، على أن يفوز المرشح المفترض برئاسة مجلس النواب، وكذلك الأمر في ما خصّ جولة انتخاب نائب رئيس البرلمان، وكلّ من الجولتين تتمّ على حدة، بالأغلبية المطلقة من أصوات المقترعين بموجب اقتراع سري، وتبنى النتيجة في دورة اقتراع ثالثة على الغالبية النسبية، (أي من ينال العدد الأكبر من الأصوات، بغض النظر عن النصف زائد واحد). وإذا تساوت الأصوات فالأكبر سناً يُعدُّ منتخباً، واستناداً إلى المادة 12 من النظام الداخلي للمجلس النيابي لا تدخل في حساب الأغلبية في أي انتخاب يجريه البرلمان الأوراق البيضاء أو الملغاة.