"إنعام" لبنانية تقتحم عالم الجزارة.. قصة عنوانها "القوة والصبر"
اقتحمت اللبنانية إنعام اليوسف واحدة من أصعب مهن الرجال منذ صغرها بعدما التحقت بمحل بيع اللحوم (ملحمة) الخاصة بعائلتها.
في البداية، ساعدت إنعام والدها في تقطيع وبيع اللحوم، ومع الوقت تمرّست واحترفت تفاصيل هذا العالم الشاق الذي تستبعده أي امرأة من تفكيرها واختياراتها عندما تقرر خوض غمار العمل.
عادت إنعام (59 سنة) في حديثها مع "العين الإخبارية" بذاكرتها سنوات طويلة إلى الوراء حين كانت طفلة تبلغ من العمر 12 سنة، تقصد ملحمة والدها في بلدة قليا في البقاع الغربي.
تقول إنعام: "كنت أراقبه كيف يجرم (يفصل اللحم عن العظم)، أعجبني الأمر، بدأت محاولة تقليده، شجعني وعلمني تفاصيل مهنته، لم يكن الأمر سهلاً في البداية؛ فهو بحاجة إلى قوة وفن".
وتضيف: "رغبتي في أن أصبح قصابة محترفة أعطتني القوة والصبر حتى وصلت إلى ما أنا عليه اليوم، معلّمة في المهنة، يقصدني الزبائن لطيب نفسي ونظافتي وخبرتي".
وعمّا إذا كانت تزعجها رائحة الدماء، تعلق إنعام: "على العكس تقويني، مع العلم أن المسلخ منفصل عن الملحمة، ورغم إتقاني للذبح إلا أنني أقوم فقط ببيع اللحوم".
وعن موقف والدتها والمجتمع من انخراطها في هذه المهنة، تشرح إنعام: "والدتي لم تعارض، كما أنني لست وحدي مَن انضم لوالدي في عمله بل كذلك شقيقي وشقيقتي وهي الآن في البرازيل حيث غادرت لبنان للإقامة هناك، أما أبناء البلدة فقد استغربوا الأمر في البداية حيث لم يمر عليهم قصابة، ومع ذلك لم أبال بل أكملت في الطريق الذي اخترته حتى احترموا خياري، بل أصبحوا زبائني".
شاءت الظروف أن تنتقل إنعام وعائلتها إلى بلدة "ضهر الأحمر"، حيث افتتحوا محلاً لبيع اللحوم أسموه "القناعة"، أدارته إنعام مع شقيقها لسنوات، كما استقدمت عمالاً لمساعدتها في مهنتها.
وقبل أربع سنوات عادت إنعام اليوسف إلى بلدتها قليا وافتتحت ملحمة خاصة بها.
وتشير إنعام إلى أن عملها بمهنة الجزارة لم يحل دون زواجها، مضيفة: "تزوجت وأنجبت ابناً اسمه (علي) وهو اليوم يبلغ من العمر 16 عاماً، وهدفي أن يكمل تعليمه ويشق لنفسه طريق النجاح. أما زوجي فيمتلك فرناً للمعجنات".
لكن بعد مرور كل هذه السنوات على عمل إنعام في هذه المهنة هل تندم على اختيارها؟ ترد بقوة قائلة: "أبداً. فلا توجد مهنة حكراً على الرجال، على المرأة أن تعمل في المهنة التي تحبها فأهم ما في الحياة هو ألا تكون تحت رحمة أي انسان".