بين «الإنقاذ» و«الحرب الأهلية».. سلاح حزب الله يُثقل كاهل لبنان
بينما يحاول لبنان تحسس خطواته نحو إنهاء الشغور الرئاسي مُستغلا تأثير الضربات التي مُني بها حزب الله مؤخرا في تصعيده مع إسرائيل، تعثرت مساعيه بعد أن وضعت الجماعة اللبنانية العصي في دواليب الحل.
وكان نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، أكد قبل أيام أنه «قبل وقف إطلاق النار، فإن أي نقاش آخر لا محل له بالنسبة إلينا (..) حزب الله يؤيد الحراك السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري تحت عنوان وقف إطلاق النار»، في إشارة إلى أن ملف الشغور الرئاسي أرجئ إلى حين.
واستدعى سعي القوى السياسية لحسم ملف الشغور الرئاسي، نقاشات حول دور حزب الله والسلاح الذي يمتلكه، مما «أثار انقسامات عميقة في الداخل اللبناني، وكشف عن مخاوف قد تقود البلاد التي على أبواب الدائرة الجهنمية، إلى أتون الحرب الأهلية»، بحسب مختصين استطلعت «العين الإخبارية» آراءهم.
سلاح حزب الله
وإلى ذلك، قال البرلماني اللبناني المستقل، بلال الحشيمي، إن التوافق على حل شامل، يتطلب من جميع الأطراف السياسية تقديم تنازلات والاتفاق على رؤية مشتركة تعالج الملفات الحساسة، مثل دور حزب الله وسلاحه، إضافة إلى القضايا الاقتصادية والأمنية.
وأوضح البرلماني اللبناني في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن التوافق حول مرشح رئاسي يحظى بقبول مختلف الأطراف، إلا أنه يواجه بتحديات كبيرة بسبب الانقسامات العميقة بين القوى السياسية، خصوصًا فيما يتعلق بسلاح حزب الله، وهو الخلاف الذي تصاعد بعد الحرب التي تشنها إسرائيل على لبنان، والتي تفاقمت نتيجة لما يعرف بـ«جبهة الإسناد» التي تبناها الحزب.
وأشار إلى أنه دون تبني هذه الرؤية، ستظل فرص النجاح محدودة في ظل الانقسامات العميقة والصراعات الإقليمية التي تلقي بظلالها على الداخل اللبناني، وفقا للنائب اللبناني المستقل.
حرب أهلية؟
وبسؤاله عن مخاوف البعض من شبح حرب أهلية في ظل الانقسام السياسي الحالي، قال الحشيمي، إن الخلافات بين الفرقاء السياسيين في لبنان غالبًا ما تظل تحت سقف السياسة، إلا أنها تتأثر أحيانًا بعوامل خارجية وتحديات داخلية تجعلها قابلة للتصعيد.
بدوره، قال الدكتور ميشال الشماعي، الباحث والكاتب السياسي اللبناني، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن الخلاف السياسي هو سيد الموقف اليوم، لكنه لن يؤدي إلى الانزلاق للشارع؛ لأنّه لا يوجد سوى طرف واحد مسلح، وهذا الطرف هو حزب الله، الذي فقد قدرته التنظيمية، لكنه لم يفقد بعد قدرته النظامية.
هل يمكن للجيش أن يقود الحل في لبنان؟
قال البرلماني اللبناني المستقل، بلال الحشيمي، إن الجيش اللبناني يمثل الركيزة الأساسية للحفاظ على الأمن والاستقرار، وتجاوز التحديات الحالية دون تصعيد وبدعمه والثقة به، يمكن تجنب أي لجوء إلى السلاح.
وأشار إلى أنه رغم هذه المرحلة الحرجة، التي يعيشها لبنان، إلا أن هناك فرصة حقيقية لتعزيز الوحدة والتضامن بين اللبنانيين، وتوافق القوى السياسية لإنهاء الشغور الرئاسي.
الأمر نفسه أشار إليه، الدكتور ميشال الشماعي، الباحث والكاتب السياسي اللبناني، والذي قال إن الكلمة الفصل في الداخل اللبناني هي للجيش الذي لم يألُ أي جهد في ضبط إيقاع الشارع، بسبب الثقة التي يتمتع بها، وهو ما يمنع تسلل شبح الحرب الأهلية بين اللبنانيين.
هل هناك حلول من الشارع السياسي؟
بحسب الشماعي، فإن الأحزاب السياسية، «أظهرت مستوى عاليا من المسؤولية الوطنية في احتضان النازحين اللبنانيين الذين تسارعوا ليسكنوا في المناطق وعند الأفرقاء».
وكان رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، قال خلال «اللقاء الوطني» الذي عقده الحزب، قبل يومين، تحت شعار «دفاعا عن لبنان»، إنه طرح ما اعتبره «خارطة طريق تبدأ بانتخاب رئيس يعمل لوقف النار ويتعهد بتنفيذ اتفاق الطائف والقرارات الدولية، على أن يتبع انتخاب الرئيس، استشارات نيابيّة ملزمة لتكليف رئيس للحكومة، وتشكيل حكومة على الأسس السيادية».
وفي تعقيبه على تلك المبادرة، قال رئيس جهاز العلاقات الخارجية في «القوات اللبنانية» الوزير السابق، ريشار قيومجيان، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن «ما طرحناه نرى أنه خطة الإنقاذ الوحيدة لبلادنا، وإلا فإننا متجهون لمزيد من القتل والتهجير والبؤس والحرب».
وتابع: «وضعنا تصورنا، وعلى الصعيد العملي لسنا في السلطة لتطبيقه، فهناك قرارات مطلوبة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري».
وأشار إلى أنه على رئيس مجلس النواب نبيه بري، الدعوة إلى جلسة انتخاب رئيس جمهورية يتمتع بمواصفات محددة، مؤكدًا أنه -في الوقت نفسه- هناك مسؤولية على النواب اللبنانيين لانتخاب الرئيس.
لكن.. هل يمكن لإيران السماح بتمرير الحل في لبنان؟
يقول النائب سليم الصايغ، عضو كتلة الكتائب النيابية، والوزير السابق، إنه «على حزب الله ومن خلفه إيران أن يعلنوا أنهم يريدون فعلًا وليس قولًا فقط الالتزام بالتطبيق الفوري للقرار الدولي 1701 بمتدرجاته كافة، لسحب الحجة من إسرائيل».
وأضاف الصايغ، بحسب -موقع الكتائب الإلكتروني-، أن «هناك ضغطًا دوليا كبيرا على بري وميقاتي، للتحدث مع حزب الله في موضوع وقف إطلاق النار، فلديهم وكالة في العملية السياسية وانتخاب رئيس للجمهورية، لكن ليس لديهم وكالة بالنسبة إلى وقف إطلاق النار في جنوب لبنان».
وأشار إلى أن زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي كانت حاسمة فهو طلب من بري ألّا يتخلى عن مرشح الممانعة، وألا يقبل بفك الربط بين ساحة لبنان وساحة غزة، وألا يتم القبول بوقف إطلاق النار في جنوب لبنان، في مطالب ثلاثة كان أعلن عكسها بري وميقاتي وجنبلاط رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق، في اجتماع أخير لهم.
ولحزب الله مرشح واحد دائم، هو زعيم تيار المردة، والوزير والنائب السابق سليمان فرنجية، ويوصف في لبنان بـ«مرشح حزب الله» الذي لا يملك وحلفاؤه أغلبية كافية لفرض انتخابه رئيسا، في الوقت الذي يرفض فيه التخلي عنه للبحث عن مرشح آخر.
وأضاف: رئيس الحكومة، يقول نعم نريد الـ1701، لكن حزب الله لا يريده لأنه يتضمن وقف إطلاق النار وبالنسبة له لا وقف للحرب في لبنان طالما ليس هناك وقف لها في غزة، وبالنتيجة نحن في دائرة جهنمية لا تُكسر إلا عندما يأتي القرار الإيراني الواضح في مثل هذا الموضوع برغم كل النوايا الحسنة اللبنانية التي تريد أن تحقق اختراقًا ما في هذا الوضع.
aXA6IDE4LjE4OC4yMjMuMTIwIA== جزيرة ام اند امز