لبنان.. هل يحل قائد الجيش أزمة المخاض الرئاسي المتعثر؟
فيما ساد الغموض موعد انتخاب رئيس جديد للبنان، ظهر بقوة اسم العماد جوزيف عون قائد الجيش كمرشح محتمل للمنصب الشاغر منذ أكثر من 3 أشهر.
ووسط أزمة الشغور الرئاسي وغياب التوافق عن المشهد السياسي اللبناني، طرحت كتل نيابية بارزة اسم عون لشغل المنصب، فيما لم يصدر عن نبيه بري رئيس مجلس النواب أي دعوات لجلسة جديدة لانتخاب الرئيس.
وعقد مجلس النواب اللبناني 11 جلسة منذ انتهاء ولاية الرئيس المنتهية ولايته ميشال عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، انتهت كلها دون تحقيق الهدف المرجو منها.
"القوات اللبنانية" يفضح "حزب الله": انقلب على الدستور ونسف الجمهورية
ويشترط في رئيس الجمهورية اللبنانية أن يكون مسيحيا مارونيا (أكبر الطوائف المسيحية في لبنان)، وأن يحصل على ثلثي أصوات نواب البرلمان (86 نائبا من أصل 128).
ويأتي الشغور الرئاسي الذي يعيشه لبنان، بالتوازي مع أزمة اقتصادية طاحنة، أدت إلى انهيار سعر العملة المحلية، وارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية والطاقة، بالإضافة مع أزمة سياسية عطلت رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن تشكيل حكومته منذ مايو/أيار الماضي.
حل وسط محتمل
وخلال الساعات الماضية، اتسعت دائرة تداول اسم قائد الجيش جوزيف عون بين الكتل والقوى السياسية؛ كحل وسط بين المرشح المحتمل رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، الذي لم يعلن عن ترشحه بعد ويدعمه حزب الله وحركة أمل، فيما يضع التيار الوطني الحر "فيتو" في وجه ترشحه.
أما المرشح الآخر فهو النائب ميشال معوّض، الذي حظى خلال الجلسات السابقة لانتخاب الرئيس؛ بدعم نواب "الجمهورية القوية" وحزب الكتائب و"التقدمي الاشتراكي" وبعض نواب التغييريين، لكنه لم يستطع الوصول للأكثرية النيابية اللازمة لانتخابه رئيسا.
وجاء طرح اسم قائد الجيش بقوة من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي استقبل أمس وفدا من تكتل "اللقاء الديمقراطي" (التكتل النيابي للحزب التقدمي الاشتراكي) ضم النواب تيمور جنبلاط، وائل أبوفاعور، وراجي السعد.
وعقب اللقاء، قال النائب راجي السّعد إنه "لا اتفاق على اسم معيّن للرئاسة، ولكن هناك تراتبية بالأسماء، واسم قائد الجيش العماد جوزيف عون في الصّدارة، وهذا الأمر نتيجة الاجتماعات التي جرت بين الكتل".
وأضاف أنه "إذا حدث اتفاق على قائد الجيش فسنسعى إلى تعديل الدستور".
وأكد السعد أن البطريرك الراعي لم يتّخذ موقفاً ولم يُعطِ أولوية لأي اسم، وقال "ما من مرشح يحظى بتأييد 65 نائباً حتى الآن".
واعتبر أن "بكركي (مقر البطريركية المارونية)، هي أساس في الشراكة الوطنيّة وهي الدّاعم الأساس للطائف والدستور"،
وقال "نتفق مع البطريرك بطرس الراعي على أهمية التمسك بالطائف والوحدة الوطنية ورفض المشروعات التي تتناقض مع ميثاق العيش المشترك"".
من جانبه، قال النائب مروان حماد عضو تكتل اللقاء الديمقراطي، عقب لقائه البطريرك الماروني إن "جنبلاط أعلن خلال لقائه مع وفد "حزب الله" موافقته على ترشح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية"، وفقا لوسائل إعلام محلية.
مساعي جنبلاط
وقبل أيام، بادر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بالتحاور مع عدد من القوى السياسية، من بينها حزب الله، في محاولة لإيجاد مساحة مشتركة للاتفاق.
والتقى جنبلاط مع وفد من "حزب الله" للبحث في الاستحقاق الرئاسي، وجرى طرح 3 أسماء جديدة للتوافق حولها، وفي مقدمتها اسم جوزيف عون، لكن الحزب لم يعلن موقفه خلال اللقاء من ترشيح عون.
وعقب لقاء وفد "حزب الله" منذ أيام تحدثت وسائل إعلام محلية عن لقاء جمع جنبلاط، مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، كما اجتمع جنبلاط قبل يومين مع رئيس حزب "الكتائب" النائب سامي الجميل، وزار أمس رئيس مجلس النواب نبيه بري، للبحث في الملف الرئاسي.
وحول تحركات الحزب التقدمي الاشتراكي، في الملف الرئاسي، قال النائب بلال عبدالله، عضو تكتل اللقاء الديمقراطي، لـ"العين الإخبارية"، إن "تكتل اللقاء يسعى لحل وسط لمشكلة الانقسام الحالي بين القوى السياسية، والاصطفاف العمودي الحالي"
وأضاف أن "اسم قائد الجيش هو أحد الأسماء بانتظار مواقف القوى السياسية، ونحن نحاول إحداث خرق في ظل الجمود الرئاسي؛ لإنجاز الاستحقاق.. هناك العماد عون، جهاد أزعور وبعض الأسماء التي يمكن أن تشكل حلا ومخرجا للأزمة القائمة".
وتعاطت قوى سياسية وتكتلات نيابية بارزة بإيجابية مع الدفع بقائد الجيش، رئيسا للبلاد، حيث لم يمانع حزب القوات اللبنانية، من الدفع بجوزيف عون رئيسا.
وأكد رئيس حزب" القوات اللبنانية" سمير جعجع، في تصريحات صحفية اليوم، أنه "إذا كانت المشكلة تحل بانتخاب قائد الجيش، فلا مانع لدينا".
وردا على سؤال حول إمكانية تأييد حزب القوات لقائد الجيش، في حال اتفقت أكثرية النواب عليه؟ أجاب: "إننا نفضل أن يكون الرئيس سياسيا، والعماد جوزيف عون يحتاج انتخابه إلى تعديل دستوري، وهو قاد المؤسسة العسكرية بأفضل ما يمكن في هذه الظروف الصعبة، ولديه من الاستقامة والسمعة الجيدة ما يجعلنا لا نضع فيتو عليه.
وزاد :"إذا جرى تأمين غالبية 86 نائبا لتعديل الدستور لانتخاب العماد عون فلن يكون لدينا مانع وسنصوت له".
ومن جهته، أكد النائب فادي كرم عضو تكتل الجمهورية القوية (التكتل النيابي لحزب القوات) لـ"العين الإخبارية" أن "موقفنا إيجابي تجاه العماد جوزيف عون إن كانت الظروف تسمح لوصوله إلى الرئاسة".
وأضاف: "لكننا نرى حالياً أن إمكانية انتخاب رئيس غير متاحة كون محور الممانعة ما زال مصراً على مرشحه سليمان فرنجية، ولأنه غير قادر على إيصاله فهو لن يُسهّل الانتخاب حالياً، أي ما زلنا نواجه التعطيل من محور الممانعة".
وحول موقف التيار الوطني الحر، من جوزيف عون، قال عضو التكتل النائب سليم عون، في تصريح لافت اليوم، إن التيار قد يغض النظر عن اسم المرشح الرئاسي إذا تم التوافق على القضايا الأساسية.
ونفى وضع مواقف رئيس التيار جبران باسيل الأخيرة في خانة استهداف المؤسسة العسكرية، وقال: "نحن ولدنا ونشأنا من رحم هذه المؤسسة"، مشيرا إلى أن "قائد الجيش كان خيار الرئيس السابق ميشال عون".
وقبل يومين، هاجم رئيس التيار الوطني الحر في مؤتمر صحفي، بشكل مباغت قائد الجيش، متهما إياه بـ"مخالفة قوانين الدفاع والمحاسبة العمومية".
وقال "يأخذ عون بالقوّة صلاحيات وزير الدفاع، ويتصرّف على هواه بالملايين، بصندوق للأموال الخاصة وبممتلكات الجيش".
الغموض يكتنف موعد جلسة مجلس النواب
وتأتي التحركات والاتصالات المرتبطة بالملف الرئاسي، وسط غموض يكتنف موعد الجلسة النيابية القادمة لانتخاب رئيس الجمهورية.
وقالت مصادر مقربة من رئيس مجلس النواب نبيه بري لوسائل إعلام محلية، إنه لم يعد من الوارد الدعوة إلى جلسات تجريبية، أو غير جدية لانتخاب رئيس الجمهورية".
وأوضحت أن رئيس المجلس النيابي بات يربط الدعوة إلى أي جلسة جديدة بظهور مؤشرات إيجابية توحي بإمكان الاقتراب من إنهاء المخاض الرئاسي المتعثر، والوصول لانتخاب رئيس جديد.
وبحسب المصادر ذاتها فإن "الأمور لا تزال في نطاق الجعجعة بلا طحين، وليس هناك من نور يلوح في النفق حتى الآن، موضحة أن بري مقتنع بأنه لو حصلت تمايزات مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي أحيانا، فإننا نعود ونلتقي في المفاصل الأساسية.
وبدا من الجلسات السابقة لانتخاب رئيس الجمهورية بمجلس النواب انقسام نيابي واضح يتوزع بين نحو 44 صوتا لرئيس حركة الاستقلال النائب المرشح ميشال معوض، من نواب الجمهورية القوية وحزب الكتائب والتقدمي الاشتراكي وبعض نواب التغييريين، و44 للورقة البيضاء، فيما لم يحدد النواب الآخرون ومن بينهم المستقلون ونواب قوى التغيير، موقفا واضحا من الاستحقاق الرئاسي.
aXA6IDE4LjExNy4xNTQuMjI5IA== جزيرة ام اند امز