لبنان يتجه لتقنين زراعة "القنب" في ضربة موجعة لحزب الله
لبنان، وفق الأمم المتحدة، يُعد ثالث منتج لعجينة الحشيشة في العالم بعد أفغانستان والمغرب.
أقرت لجان نيابية في لبنان، اقتراح قانون يهدف لتنظيم زراعة "القنب" للاستخدام الطبي والصناعي؛ تمهيدا لإقراره في البرلمان، وسط معارضة كبيرة من حزب الله أكبر المتضررين.
وجاء إقرار القانون بموافقة معظم الأحزاب، باستثناء حزب الله، الذي خرج نوابه من الجلسة بعد إعلانهم تحفظهم عليه، معتبرين أن مردوده الاقتصادي محدود عكس ما يشاع.
- وزيرة لبنانية سابقة: حزب الله ذراع إيرانية يسعى لتغيير هوية البلد
- الخناق يضيق على "حزب الله".. أستراليا تتجه لتصنيفه إرهابيا
إلا أن جهات سياسية تشير إلى أن رفض الحزب ينطلق من تضرّره من تشريع هذه النبتة التي يستفيد منها بشكل مباشر أو غير مباشر في منطقة البقاع الشمالي الخاضعة لسيطرته.
ويُعد لبنان، وفق الأمم المتحدة، ثالث منتج لعجينة الحشيشة في العالم بعد أفغانستان والمغرب.
ويجد المنتج اللبناني الذي يتميز بجودته بشكل أساسي أسواقا رائجة في الشرق الأوسط، وخصوصا سوريا والأردن ومصر وإسرائيل وقبرص وتركيا.
وشكلت الحشيشة اللبنانية المعروفة بـ"نوعيتها الجيدة" صناعة مزدهرة خلال الحرب الأهلية (1975- 1990).
وكان "القنب" يدر ملايين الدولارات، قبل حملات الدولة للقضاء عليه، واعدة بزراعات بديلة، وهو ما لم يتحقق.
وهذا الأمر جعل عددا كبيرا من مزارعي البقاع، يستمرون في زراعته رغم تعرضهم بين حين وآخر إلى ملاحقات قانونية وحملات موسمية أدت إلى توقيف الآلاف منهم.
لكن في السنوات الأخيرة كان لافتا تراجع هذه الحملات فيما يمكن اعتباره غض نظر من قبل الدولة على هذه الزراعة في موازاة العمل على قانون لتشريعها.
ورغم أن المزارعين وأصحاب الأراضي يقومون بزراعة الحشيشة، لكن يحتكر بيعها تجار كبار تشير مصادر عدة إلى أنهم مقربون أو يتمتعون بغطاء سياسي من حزب الله، وهو ما يبرّر معارضته للقانون.
وقال مصدر نيابي لـ"العين الإخبارية" إن حزب الله رفض التشريع لأنه يحتكر تجارتها عبر تجار مقربين منه ويقوم بتهريبها، وبالتالي فإن تشريعها يؤدي لدخول أطراف جديدة على الخط، وخسارته لمردود مادي كان يحققه لسنوات طويلة".
وأكد النائب في "القوات اللبنانية" وهبي قاطيشا أن المبرر الذي يقدمه حزب الله لرفضه تشريع "القنب" ينطلق من أسباب دينية تمنع زراعته.
وقال لـ"العين الإخبارية" إن الرفض خلفه أسباب أخرى في الوقت الذي توافق عليه معظم الكتل النيابية، وبالتالي هناك أسباب، ومصالح شخصية خلف رفض حزب الله".
وأضاف: "من يستفيد من زراعة الحشيشة وتهريبها اليوم هم تجار لديهم غطاء سياسي من الجهة التي ترفض القانون، أي حزب الله، من هنا لا بد من السؤال، لماذا يؤمنون الحماية للتجار؟ بالتأكيد يستفيدون بشكل مباشر أو غير مباشر".
ولا يختلف موقف النائب في "كتلة الجمهورية القوية" أنطوان حبشي الذي سبق له أن قدم اقتراح قانون لزراعة الحشيشة، عن موقف قاطيشا، مؤكدا أن "قانون تشريع الحشيشة مرّ بخطوات كثيرة، ويمكن الاستفادة من هذه النبتة لتكون هي الزراعة الفعلية البديلة".
وقال حبشي في حديث تلفزيوني: "قلق حزب الله من هذا الموضوع واضح وطبيعي، المزارع الآن لا يستفيد من زراعة الحشيشة ولا يستطيع أن يعطي إلا للتجار.. ومن يستفيد إذا؟ التاجر فقط، والتاجر ليستفيد يريد أن يقطع المطار والمرفأ إذاً هو مدعوم من جهة للقيام بشبكات ترويج محلية أو عالمية"، في إشارة إلى حزب الله.
وحول أهمية "زراعة القنب" التي كانت قد أوصت شركة "ماكينزي الأمريكية" بتشريع زراعته مقدرة أن يدرّ على خزينة الدولة مليار دولار سنويا، يقول حبشي: "جودة منتج لبنان هي الأفضل عالمياً، وبالتالي أي شركة إضافية قادرة أن تستثمر في لبنان".
ولفت إلى أن "هناك دواءين من القنّب مصنعين ومعترف بهما دولياً وأكثر من 400 دواء في طور التجربة، ما يعني أنه سوق لا يزال ببداياته وسيكبر كثيراً في السوق العالمي، لذلك دخولنا إليه مسألة مهمة".
بدوره، يقول قاطيشا: "تشريع هذه الزراعة سيساهم في حل مشكلات اقتصادية واجتماعية، لا سيما في منطقة البقاع، كما أنه سيحصر الزراعة بالقنب الذي يستخدم في الصناعة الطبية فقط وبالتالي يبعد المزارعين عن الأنواع السيئة منها التي يعتمد عليها في التهريب لأغراض مخدّرة".
وأكد أن كل ذلك تحت إدارة هيئة منظمة لإدارة القطاع، وفق نص القانون، تحت وصاية مجلس الوزراء، مؤكدا أن "القانون شامل وواضح لجهة مراقبة زراعتها كما يفرض عقوبات على المخالفين".
وإضافة إلى النوعية الجيدة يلفت قاطيشا إلى أن تكلفة إنتاج الحشيشة المتدنية مقارنة مع أنواع أخرى، ويعطي مثالا على ذلك، أن تكلفة كل كيلوجرام واحد من الحشيشة في كندا دولار بينما في لبنان تكلف 17 سنتا".
وتقدر مساحة الأراضي المزروعة في البقاع، اليوم بما بين 3 و4 آلاف هكتار، ومن المرجح أن تتضاعف مع إقرار القانون الذي ربط تشريعها بشروط ومعايير تمنح وفقها التراخيص.
وتقع مهمة منح التراخيص والمراقبة على الهيئة الناظمة، بدءاً من استيراد البذور والشتول، وإنشاء مشاتِل القنّب والزرع والحصاد والتصنيع وإنشاء مراكز الأبحاث والمختبرات والتصدير والنقل والتخزين والبيع والتوزيع واستيراد المواد الكيميائية.
والتراخيص نفسها تعطى أيضا لشركات لبنانية لصناعة الأدوية مرخصة من قبل وزارة الصحة العامة وشركات صناعية وتعاونيات زراعية المُنشأة أصولاً في لبنان، كما أنها تعمل على تحديد النطاق الجغرافي للزراعة وأهلية التربة والمياه وغيرها.