وزيرة لبنانية سابقة: حزب الله ذراع إيرانية يسعى لتغيير هوية البلد
مي شدياق قالت لـ"العين الإخبارية" إن أزمة لبنان في المقام الأول سياسية قبل أن تتحول إلى اقتصادية ومالية
اتهمت الوزيرة اللبنانية السابقة مي شدياق، مليشيا حزب الله بالسعي إلى تغيير هوية البلد، والزج به في صراعات إقليمية دون النظر لوضعه الاقتصادي المتردي، وعدته امتدادا للحرس الثوري الإيراني.
وأوضحت "شدياق" التي شغلت حقيبة وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، في حوار مع "العين الإخبارية"، أن الحزب يسهم ليس فقط بزيادة التوتر الداخلي، بل يعمل بخطوات متلاحقة على تغيير هوية وثقافة لبنان.
وبرهنت على ذلك برفع المليشيا اللبنانية نصباً تذكارياً، على الحدود مع الأراضي المحتلة، لقاسم سليماني، قائد "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني المصنف إرهابيا، والذي قتل في غارة أمريكية مطلع يناير/كانون الثاني ببغداد.
وأكدت الوزيرة السابقة أن تحركات حزب الله ونصب تمثال لسليماني في الجنوب خطوة للوراء، وإقحام للبنان في صراعات المحاور بالمنطقة، ووضعه في مواجهة مع المجتمع الدولي.
- إفلاس لبنان: إما مصالحة العرب.. أو فليحلّها لاريجاني
- سياسيون لبنانيون: تحرك تيار عون "فولكلوري" والتفاف على الحراك
وأضافت: "بدلا من أن تسعى جميع القوى السياسية لإنقاذ ما تبقى من الاقتصاد، يغرد البعض في مكان آخر، وبإيعاز من قياداته الخارجية"، في إشارة إلى تلقي حزب الله تعليمات من إيران لتنفيذ مخططات الأخيرة في المنطقة.
وأشارت "شدياق" إلى أن حزب الله امتداد للحرس الثوري الإيراني، ومن خلال هذا الامتداد يقوم بخطوات استفزازية تأزم الأوضاع أكثر، في وقت يحتاج فيه البلد للاستقرار، وتجنب الصراعات للخروج من أزمته المالية.
الأزمة مسؤولية الإدارة السياسية
وشددت الوزيرة السابقة الممثلة عن حزب القوات على أن أزمة لبنان في المقام الأول سياسية قبل أن تتحول إلى اقتصادية ومالية نعيشها اليوم.
وباستنكار، تساءلت: كيف يمكن لدولة لا تمسك بقرار الحرب والسلم، وتضع نفسها دائما بوجه المجتمع العربي ودول الخليج والمجتمع الدولي أن تبني اقتصادا قويا؟!
وأردفت: وكيف لنظام لا يحاسب الفاسد والفاشل بل يحميه في بعض الأحيان أن يستقيم اقتصاديا ويشجع المستثمر على الاستثمار؟!
ورأت أن المسؤول عن الأزمة الاقتصادية هي الإدارة السياسية، التي حكمت البلاد من بعد الحرب الأهلية (التي اندلعت في عام 1975 وانتهت عام 1990) وحتى اليوم، خاصة أيام الاحتلال السوري (تدخلت دمشق عسكريا في مايو عام 1976 واستمر وجودها تحت مظلة قوات الردع العربية وانسحبت رسميا عقب استشهاد رفيق الحريري رئيس الوزراء الأسبق في 2005)، وهو ما أسفر عن عدم وجود اقتصاد منتج فعليا.
كما أشارت إلى أن عدم الاستقرار الأمني والسياسي أسهم في ضعف مقومات القطاعات ذات الطابع الخدماتي، وشح التمويل الخارجي، من رؤوس أموال بشكل ودائع أو استثمارات خارجية، أو حتى سياحة داخلية في لبنان، كما تراجعت تحويلات المغتربين.
وفي تشخيصها للواقع الاقتصادي الحالي، قالت الإعلامية السابقة: الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية ليست وليدة الساعة، لكنها نتيجة مسار طويل من العجز المتراكم في الموازنة العامة منذ 20 عاما وحتى اليوم، وهو ما أدى إلى تباطؤ كبير في النمو الاقتصادي وفرص العمل، وشح العملة الصعبة.
وبيّنت أن "الحكومات المتعاقبة لم تتمكن من وضع رؤية اقتصادية وتطبيقها، ولم تتمكن من دعم الصناعة الوطنية والزراعة، وحتى عندما وضعت خططا لم تقم بتنفيذها".
ونوهت "شدياق" بأن "الخطأ الاستراتيجي" للحكومات المتعاقبة، كان دائما يعتمد على التمويل الخارجي للقطاع الاقتصادي؛ لذا حين انخفض التمويل مع عجز كبير في الميزان التجاري أصبح ميزان المدفوعات سلبيا.
وتوقعت "شدياق" إطالة أمد الأزمة الاقتصادية الحالية، معربة عن أمنيتها ألا تذهب الأزمة إلى الأسوأ، خاصة مع غياب خطة أو رؤية واضحة للحل.
البرلمان واستقلالية القضاء
وبسؤالها عن أسرع الطرق لحل الأزمة ومواجهة الفساد في لبنان، أجابت: كما هو معلوم هناك تدخلات سياسية في عمل القضاء؛ لذا فإن أسرع طرق المواجهة هو من خلال ضمان استقلاليته، وتفعيل دور الهيئات الرقابية الموجودة، وتطبيق بعض القوانين النافذة، في أسرع وقت ممكن".
ودعت مجلس القضاء الأعلى إلى القيام بتشكيلات الهيئات القضائية بشكل بعيد كل البعد عن الضغوطات والمحسوبيات السياسية.
كما طالبت الوزيرة السابقة بضرورة دعم عمل الهيئات الرقابية، خاصة ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي من خلال تعاون الإدارات معها والالتزام بقراراتها وتوصياتها، إضافة إلى الحاجة لإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، التي تأتي ضمن قانون مكافحة الفساد ورفع الحصانة عن المسؤولين.
وفي السياق ذاته، كشفت عن أن لجنة الإدارة والعدل بالبرلمان اللبناني تقوم بمناقشة اقتراح قانون لاستقلالية القضاء.
الانتخابات المبكرة ضرورة
وضمن حلول السياسية للأزمة اللبنانية، جددت "شدياق" التأكيد على موقف حزب القوات اللبنانية بضرورة إجراء انتخابات نيابية مبكرة.
ونبهت إلى أن حزب القوات يفضل إجراء الانتخابات المبكرة وفقا للقانون الانتخابي الحالي، الذي وصفته بـ"الجيد"، وعدم إعداد قانون جديد، حتى لا يتم فتح المجال لجدل سياسي طويل وإعادة طرح صيغ ملغومة.
وقالت إن أطراف ما كان يسمى تحالف 14 آذار (تحالف سياسي واسع تشكل عقب اغتيال الحريري بقيادة تيار المستقبل ضد الوجود السوري) تتفق مع حزب القوات في الدعوة لانتخابات نيابية مبكرة، لكن هذه الدعوة تصطدم بعدم رغبة قوى 8 آذار (فريق السلطة الحاكم بقيادة حزب الله وحركة أمل)، في تقصير مدة البرلمان الحالي من أجل الذهاب للانتخابات.
واعتبرت أن ترميم العلاقة بين قوى 14 آذار (أحزاب القوات والمستقبل والتقدمي الاشتراكي بشكل رئيسي) عقب انتكاسة التسوية السياسية، التي أدت لانتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية منذ 3 أعوام، لن تعود كما كانت.
وأوضحت: "بالطبع ما حدث سيوفر أجواء للحوار بين تلك القوى السياسية، حيث سيكون هناك نوع من التنسيق والمراجعة للفترة الماضية، وتصحيح لبعض الأمور، لكن هذا لا يعني عودة العلاقة بمثل انطلاقتها الأولى عام 2005".
وكان سعد الحريري قد قال في إحياء الذكرى الـ15 لاغتيال والده، 14 فبراير/شباط، بـ"بيت الوسط" إن "التسوية (السياسية) عاشت 3 سنوات، واليوم أصبحت من الماضي وبذمة التاريخ".
وعلى صعيد تحركات حزب القوات في الفترة المقبلة، قالت "شدياق" إن حزبها سيراقب بشدة الحكومة الحالية برئاسة حسان دياب، وسيحاسبها لو أخطأت، لكننا سندعمها إذا أصابت.
وشددت في الوقت ذاته على أن فريق 8 آذار (حزب الله وحلفاءه) الذي منح الثقة للحكومة مسؤول عن أي إخفاق أو تدهور اقتصادي إضافي.
وأعلن حزب القوات عدم مشاركته في الحكومة الحالية، ولم يمنحها الثقة في البرلمان اللبناني.
aXA6IDE4LjIyMC4yMDAuMTk3IA==
جزيرة ام اند امز