الأزمة اللبنانية.. حلفاء "حزب الله" يزجون بالبلاد للمجهول
تمسك حزب الله وحلفائه بإحالة قضية حادثة الجبل نهاية شهر يونيو الماضي إلى المجلس العدلي، وهو ما يرفضه الحريري، أدى إلى تعطيل الحكومة.
دخلت الأزمة السياسية في لبنان مرحلة خطرة كادت تعصف بالتسوية التي قادت إلى انتخاب ميشال عون رئيسا وإعادة التحالفات إلى سابق عهدها.
- ضرب "الطائف".. مهمة على أجندة حلفاء حزب الله في لبنان
- للأسبوع الرابع.. "حزب الله" يعطل انعقاد حكومة لبنان ويستهدف جنبلاط
وأدى تمسك حزب الله وحلفائه بإحالة قضية حادثة الجبل التي وقعت نهاية شهر يونيو/حزيران الماضي إلى المجلس العدلي، وهو ما يرفضه رئيس الحكومة سعد الحريري، إلى تعطيل مجلس الوزراء.
وحادثة الجبل وقعت في أعقاب زيارة وزير الخارجية (رئيس التيار الوطني الحر) باسيل إلى المنطقة، وهو ما رفضه مناصرو "الحزب التقدمي الاشتراكي" وأدى إلى مواجهة بينهم وبين مناصري "الحزب الديمقراطي اللبناني" ومقتل اثنين من مرافقي وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب.
ووصل النزاع السياسي إلى حرب صلاحيات بين عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، ما جعل بعض الأطراف اللبنانية تطالب بالإعلان الصريح عن سقوط التسوية، فيما يؤكد البعض أنها انتهت بالفعل.
عودة التحالفات القديمة
وبدأت علامات الاستفهام تطرح حول خلفية ما يحصل وارتباطه بالتوتر الإيراني- الأمريكي في المنطقة ومصير التسوية الرئاسية التي أدت إلى انتخاب عون عام 2016، نتيجة التوافق بين الأطراف اللبنانية وعلى رأسها عون والحريري، إضافة إلى رئيس حزب القوات سمير جعجع.
وانطلاقا من مواقف الطرفين الخصمين فقد ساهمت هذه الأزمة في إعادة الاصطفافات السياسية، كما كانت عليه قبل التسوية بين فريقي "14 آذار" و"8 آذار".
ومن المعروف أن الفريق الأول هو من معارضي حزب الله، وكان يضم بشكل أساسي "تيار المستقبل" و"حزب القوات اللبنانية" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" و"حزب الكتائب اللبنانية"، مقابل فريق 8 آذار المؤلف من حزب الله وحلفائه بما فيهم "التيار الوطني الحر" المحسوب على رئيس الجمهورية.
وأتت التسوية الرئاسية بعد أكثر من عامين من الفراغ الرئاسي وتعطيل فريق 8 آذار ومن خلفه إيران الانتخابات عبر عدم تأمين النصاب الدستوري في جلسة البرلمان قبل التوافق على انتخاب عون، وهو ما حصل في النهاية عبر ما بات يعرف بالتسوية الرئاسية.
وبعد سلسلة من المشكلات التي اعترضت التسوية منذ انتخاب رئيس الجمهورية، ومن ثم تشكيل الحكومة، ينظر البعض إلى الأزمة التي تمر بها اليوم الحكومة على خلفية حادثة الجبل على أنها الأكبر والأكثر خطرا عليها.
وأدت مطالبة حلفاء حزب الله ورئيس الجمهورية بإحالتها إلى المجلس العدلي مقابل رفض رئيس الحكومة و"الحزب الاشتراكي" كما "حزب القوات اللبنانية" لها، إلى إعادة اصطفافات "8 و14 آذار"، حتى إن النائب في "التيار الوطني الحر" إدغار معلوف اتهم "البعض بمحاولة إحياء فريق 14 آذار لضرب التسوية الرئاسية".
حرب الصلاحيات
وكانت عودة اجتماع فريق 14 آذار أتت نتيجة الممارسات التي تطال قياداتهم، إما نتيجة للضغوط التي يتعرض لها الحريري وتمسّ بصلاحياته كرئيس للحكومة وإما بسبب محاولة استهداف رئيس "الاشتراكي" النائب السابق وليد جنبلاط سياسيا عبر حزب الله وحلفائه، وهو الاستهداف الذي لم يكن بعيدا عنه "حزب القوات اللبنانية" أيضا من قبل التيار الوطني الحر.
وأدت كل هذه الممارسات إلى إعادة تكاتف جنبلاط والحريري وإلى جانبهما رئيس القوات، وأدت في النهاية الى امتناع رئيس الحكومة عن الدعوة إلى جلسة للحكومة تحت أي شروط.
هذا الامتناع وما رافقه من تصعيد في المواقف والتوتر السياسي أوصل المواجهة أخيرا بين طرفي التسوية رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية الذي يقف إلى جانب مطلب إحالة الحادثة إلى المجلس العدلي، عبر ما بات يوصف في لبنان بـ"حرب الصلاحيات".
وقد عمد الرئيس عون إلى الطلب من الحريري انطلاقاً من صلاحياته الدستورية في المادة 53 الدعوة إلى انعقاد الحكومة في أقرب وقت ممكن، من منطلق أن مجلس الوزراء مجتمعاً هو السلطة التي تطرح أمامها كل الخلافات والإشكالات السياسية والأمنية.
هذه الدعوة ردت عليها مصادر حكومية في "تيار المستقبل" بالتأكيد على أن "الحريري يدرك صلاحياته تماماً، وهو يتحملها على أكمل وجه".
وعلى هذا المنوال تستمر "المواجهة" وتبادل الاتهامات بالتعطيل بين الطرفين أو بين المحورين، حتى وصل الأمر إلى اتهام "الاشتراكي" على لسان وزير الصناعة وائل أبوفاعور "رئيس الجمهورية بالتدخل في القضاء وتعطيل الحكومة"، مبديا استغرابه بأن "تصل إلى يوم يعطل فيه رأس السلطة المؤسسات".
انهيار التسوية السياسية
تلك الحروب الكلامية والعملية باتت تؤكد بما لا يحتمل الشك أن التسوية الرئاسية سقطت أو باتت قاب قوسين من السقوط، لكن ما يؤخر إعلان ذلك رسميا هو إدراك الجميع أن هذا الأمر سيدخل البلد في المجهول، في مرحلة يقف فيها أمام استحقاقات وملفات كبيرة تبدأ بتنفيذ إصلاحات "مؤتمر سيدر" ولا تنتهي بأزمتي النفايات والكهرباء والأخطر الوضع الاقتصادي المتردي في ظل التقارير الدولية السلبية التي ترد تباعا حوله.
وتوقع مصدر نيابي في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن تشهد المرحلة المقبلة مزيدا من الانقسام إذا لم يتم استدراك الأمر وإيجاد الحلول المناسبة في أسرع وقت ممكن.
وأضاف: "لا شك أن الكارثة الأكبر ستكون على الوضع الاقتصادي".
وما لم يعلن رسميا عن سقوط التسوية قاله رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل بصوت مرتفع، حيث طالب "بإعادة النظر في التسوية الرئاسية التي خالفت الانتظام العام، واحترام الدستور والمؤسسات وأسس العمل الحكومي"، بحسب قوله.
وأضاف: "خرب البلد عندما قرر البعض بحثاً عن مكاسب مؤقتة ومحاصصة سياسية ووظيفية وخدماتية، فرط 14 آذار لمصلحة تسوية رئاسية هشّة ثبت فشلها عند أول امتحان، وثبت بما لا يقبل الشك أن البلد يدفع حاليا تكاليف باهظة نتيجة هذه التسوية".
aXA6IDMuMTQ1LjcuMTg3IA== جزيرة ام اند امز