مؤشرات ومخاوف.. هل يتجه لبنان نحو فراغ رئاسي؟
هل يتجه لبنان نحو فراغ رئاسي يعقب عجزه المحتمل عن إجراء انتخاباته بموعدها مع انتهاء ولاية الرئيس في 31 أكتوبر/ تشرين أول المقبل؟
خبير لبناني يرجح عدم إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها ما ينذر بمرحلة شديدة الحساسية من تاريخ البلاد.
وفي ظل تعثر تشكيل الحكومة، يقف لبنان على مسافة شهرين و19 يوماً من انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وسط أوضاع اقتصادية ومعيشية بالغة الصعوبة.
المحلل السياسي اللبناني محمد سعيد الرز، يرى أن هناك عدة مؤشرات ترجح عدم إتمام الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري.
ويقول الرز، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن أول المؤشرات يتعلق بعدم اتفاق الكتل النيابية على مرشحين ثابتين للرئاسة، بما أن وضع الوزير السابق سليمان فرنجية ليس مستقرا رغم ارتفاع أسهمه خلال الشهرين الماضيين، بسبب ظهور عراقيل وضعت أمامه على طريق القصر الجمهوري.
ومن أبرز تلك العراقيل؛ يوضح، تراجع رئيس التيار الوطني الحر (18 مقعدا في البرلمان)، عن تأييد فرنجية الذي يلقى رفضا من القوات اللبنانية (19 نائبا) والنواب الجدد (13 نائبا) والمستقلين.
ويتابع "الرز" أن ثاني المؤشرات يكمن في أن رئيس مجلس النواب نبيه بري أعلن أنه لن يدعو إلى جلسة انتخاب رئيس جديد للبنان قبل التصديق على قوانين الإصلاحات التي أقرها البرلمان، وهذه معضلة كبرى بغياب مجلس وزراء مستقيل ويصرف الأعمال، وعدم تشكيل حكومة جديدة بسبب سياسة شد الحبال بين الرئيسين عون ونجيب ميقاتي.
وفي هذا الصدد، يقول "الرز" إن عون يريد إنهاء ولايته بتعيين أكبر قدر ممكن من أنصاره في مؤسسات الدولة، فيما يرفض ميقاتي، منحه ذلك.
وذكرت وسائل إعلام محلية، أن جوهر الخلاف بين الفريقين، هو التعيينات الإدارية، حيث إن الرئيس عون ورئيس التيار الحر جبران باسيل يريدان إجراء سلسلة تعيينات شاملة في المواقع كافة، وخاصة مصرف لبنان، وهي الرغبة التي تصطدم برفض الرئيس ميقاتي ومعه الرئيس نبيه بري، اللذين يعتبران أنه من المستحيل إلزام رئيس الجمهورية المقبل بتعيينات إدارية تفرض عليه، إضافة إلى الخلاف حول الكهرباء.
ووفقا للمحلل السياسي اللبناني، فإن ثالث مؤشرات عدم إتمام الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري، هو أن "الرئيس عون سئل أخيرا عن احتمال بقائه في القصر الجمهوري رغم انتهاء ولايته في حال اندلعت حرب، أو أحداث أمنية بين لبنان وإسرائيل، فأجاب بأن هذا الأمر محتمل جدا".
ويتابع: "إذا أضفنا أن المجتمع الدولي والعربي علق مساعداته للبنان إلى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية، في وقت يسيطر فيه ما يسمى تيار الممانعة على مقاليد مهمة في الدولة اللبنانية، فهذه معضلة كبيرة أيضا".
المحلل السياسي ينوه أيضا إلى "وجود توجه عربي ودولي لإيصال قائد الجيش العماد جوزيف عون إلى سدة الرئاسة بعدما أثبت أهليته وقدرته والتزامه بلبنان الواحد المستقل، وحرصه على مؤسسة الجيش كضمانة أساسية لمقومات الدولة وتمسكه بالدستور وباتفاق الطائف وضرورة تطبيقه كاملا وبإقامة أفضل العلاقات بين لبنان ومحيطه العربي".
واستدرك قائلا "لكن العائق الوحيد أمام وصول قائد الجيش إلى رئاسة الجمهورية يتمثل في موقف الثنائي الشيعي الذي حصل على امتيازات واسعة خلال عهد عون ولا يريد تقليصها مع الرئيس الجديد".
وفي كل الأحوال – يضيف - لا يمكن إجراء انتخابات رئاسية خلال المهلة الدستورية ما سيعرض لبنان لمفاجآت كثيرة .
لا أمل
ويشدد "الرز" على أنه "لا أمل في أن تضع أحزاب الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان مصلحة الوطن فوق مصالحها الخاصة، فهذا نهجها منذ ثلاثين عاما، خاصة بعد أن انقلبت على اتفاق الطائف وعلى الدستور المنبثق عنه وتقاسمت مؤسسات الدولة ومواردها وخربت علاقات لبنان بمحيطه العربي من أجل مصالحها الخاصة ومصالح أجندات إقليمية تدعمها وتمولها".
ولفت إلى أن قوى وطنية في لبنان تلتزم بمبدأ الوطن أولا، وبوحدة لبنان وسيادته واستقلاله وعروبته وهذه القوى تمثل أحرار انتفاضة 17 تشرين، ولها بعد شعبي ملحوظ يتجاوز الطائفية والمذهبية ويلتزم بالوفاق الوطني وتطبيق الدستور كاملا، وهي تعمل من أجل رئيس جمهورية يتوافق مع هذه المبادئ عمليا وليس قولا فقط.
كما أشار إلى أن هذه القوى ترى في قائد الجيش مرشحا معقولا ومناسبا لإنقاذ البلاد من المعاناة التي يعيشها الشعب اللبناني برمته.
ويقول مراقبون إنه مما يعزز سيناريو الفراغ الرئاسي، أن موازين القوى داخل المجلس النيابي لا يبدو أنها ستسمح لأي فريق سياسي بانتخاب رئيس للجمهورية من فريقه، ما سيدفعه إلى التعطيل، وهذا التعطيل المتبادل سيؤدي إلى فراغ رئاسي.
موازين غير واضحة
ولم تفرز نتائج الانتخابات النيابية في مايو/ أيار الماضي عن أكثرية واضحة، إضافة إلى عدم وضوح موازين قوى مستقرة في شأن الرئاسة.
وهو ما عبر عنه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، حين أكد خلال لقاء حزبي منذ يومين أن :"بمجلس النواب اليوم شقين؛ الأول مع محور الممانعة أي السلطة الموجودة، وهو كناية عن 61 نائباً وهؤلاء معروف أمرهم وقد أعطوا أحسن ما يمكنهم إعطاؤه وهو الوضع الحالي الذي نعيشه اليوم".
ويضيف: "هناك الشق الثاني المكوّن من النواب الـ67 الآخرين، مجددا التأكيد على هؤلاء النواب (الـ67) أن "الناس لم ينتخبونا من أجل أن ندلي بالتصريحات، إن كان في مجلس النواب أو في الشارع، وإنما أعطونا وكالتهم النيابيّة من أجل تغيير واقع حياتهم".
ودعا النواب الـ67 إلى تكثيف الاتصالات القائمة فيما بينهم من أجل تحقيق التغيير عبر انتخابات رئاسة الجمهورية.
وجاء في الدستور اللبناني أن: انتخاب رئيس الجمهورية يتم في الدورة الأولى بأكثرية الثلثين من الـ128 نائباً هم أعضاء البرلمان، ما يحتم نصاب الثلثين لانعقاده لهذا الغرض، على أن ينتخب بأكثرية النصف وواحد في الدورة الثانية.
وأشارت مصادر سياسية، في تصريحات للإعلام المحلي، أن المناخ العام في البلد يُغلّب فرضية الفراغ الرئاسي، مؤكدة أن الاستحقاق الرئاسي محكوم في العادة باعتبارات خارجية إقليمية ودولية لم تتّضِح معالمها بعد.
وفي هذا الإطار، ذكرت صحف محلية أخرى أن مصير الانتخابات الرئاسية مرتبط بمهمة الوسيط الأمريكي آموس هوكشتاين على صعيد ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، وإلا فقد يكون الفراغ.
وأكد الرئيس اللبناني ميشال عون، خلال استقباله وفدا من المغتربين اللبنانيين بفرنسا، أمس الأربعاء، أن لبنان متمسك بحقوقه في مياهه وثرواته الطبيعية، وأنه قطع شوطا بعيدا في المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع إسرائيل والتي ستستكمل من أجل التوصل إلى اتفاق في شأنها برعاية الأمم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة.
aXA6IDMuMTQyLjk4LjYwIA== جزيرة ام اند امز