الجميع يدرك الآن أن صدور القرار التنفيذي باستعادة الأموال المنهوبة يضع السيف على رقاب نادي الخمسة آلاف سياسي، حزبي، طائفي فاسد
لو انشقت السماء على اللبنانيين وهبطت منها ليرات من الذهب الخالص مكتوبا عليها: «مع تحيات الطبقة السياسية» سوف يرفضونها ويلقونها في وجوههم!
المسألة، المعضلة، قانون اللعبة هو «ليس محتوى القرار» ولكن هو عدم الثقة بصانع القرار.
المسألة، المعضلة، قانون اللعبة ليس في «إزالة سبب الاحتقان والانفجار» ولكن في الرفض المطلق «للمتسبب» في الانفجار.
الحل ليس في حل الأسباب ولكن في رحيل «المتسبب».
اليوم أصبح نزول الستار عن النخبة السياسية التي عاشت مع المحاصصة بسبب العائلة والطبقة والحزب أكثر صعوبة.
الجميع تقريباً شريك في الفساد بقدر حصته في الحكم.
في كافة الحالات، الجيش هو طرف إما أن يدعم التغيير ويحميه وإما يصد عدوان المليشيات على الثوار، أو يأخذ الأمر بيده ويحكم بشكل مباشر.. وليحفظ الله لبنان من كل سوء.
الجميع يدرك الآن أن صدور القرار التنفيذي باستعادة الأموال المنهوبة يضع السيف على رقاب نادي الخمسة آلاف سياسي، حزبي، طائفي فاسد تداولوا السلطة عائليا منذ عام 1943.
الجميع يدرك أن قانون انتخاب جديداً يعني برلماناً جديداً بعيداً عنهم.
الجميع يدرك أن حكومة تكنوقراط مستقلين عابرة للأحزاب والطوائف والعائلات التقليدية مرفوضة تماماً بعدما أصبح الشعار «كلهم يعني كلهم»!
هذه الطبقة الآن مهددة -فجأة- بعنف أمام زلزال من الشارع:
1- حكومة مستقلة لا تعبر عن مصالحهم.
2- برلمان لا يعطيهم سلطة التشريع.
3- بيزنس حكومي ليسوا شركاء في عوائده.
والخطر الأكبر أن حساباتهم الشخصية التي كانوا يعتقدون أنها آمنة، أصبحت تحت طائلة التفتيش في الداخل والخارج.
الخطر يخاف هذه الطبقة من المحاكمة والإدانة والحبس ومصادرة الأموال السائلة والممتلكات العينية.
من هنا ترى هذه الطبقة أن ثورة الشارع هي خطر وجودي على مصالحها.
إذن، قانون الصراع الآن هو «الشعب يريد إسقاط النظام، والطبقة السياسية تريد الالتفاف على مشروع الإسقاط».
هنا تصبح البدائل المطروحة التي يمكن أن تتمخض عنها التطورات المتسارعة كثيرة يمكن إجمالها على النحو التالي:
1- استقالة رئيس الحكومة خلافاً للضغط الشديد الذي يتعرض له من حلفائه في الحكم، لأنه لا يرضى البقاء، رغماً عن رغبة الناس.
2- استقالة بعض الوزراء مما يجعل الحكومة في حكم المستقيلة على أساس أن الحكومة تصبح مستقيلة رسمياً في حال: استقالة رئيس الحكومة، أو وفاته -لا قدر الله- أو استقالة ما مجموعه ثلث مجلس الوزراء.
3- استمرار رئيس الحكومة واستقالة الحكومة وتكليفه برئاسة حكومة اختصاصيين.
4- حدوث مصادمات دموية بين قوى الثنائية الشيعية وحلفائهم من ناحية وقوى التظاهر بهدف إحداث حالة «ذعر تعيد المتظاهرين لبيوتهم»، كما حدث في بيروت وصور والنبطية.
من الواضح أن هناك قوى عديدة ترفض المساس بالمتظاهرين من واشنطن إلى الاتحاد الأوروبي إلى الجيش اللبناني وصولاً لسعد الحريري الذي رفض المساس بسلامة المتظاهرين.
5- أن يتحول الصدام الذي تم بين «زعران» أو «شبّيحة» بعض المليشيات وقوات الجيش في شوارع المدن الكبرى إلى حركة صراع مسلح لا قدر الله.
هنا، لا بد من الأخذ في الاعتبار أن الطرف الأساسي الضامن لقواعد الأمن والاستقرار هو الجيش اللبناني.
الجيش هو اللاعب القوى في الحدث منذ بدايته.
حرصت قيادة الجيش على إرسال عدة رسائل للمتظاهرين خلال خمسة أيام:
الأولى: تجنب أي اصطدام مباشر مع المتظاهرين في اليوم الأول وترك هذا الأمر لقوى الأمن الداخلي.
الثانية: رسالة قيادة الجيش للمتظاهرين التي جاء في نصها: «أن الجيش يدعم حق المتظاهرين في التظاهر السلمي وحمايتهم».
الثالثة: حماية كل الساحات التي تم بها التظاهر وعدم الاصطدام بالمتظاهرين وعدم فض الطرق المقطوعة بالقوة.
الرابعة: المواجهة الأمنية القوية والقبض على راكبي الدراجات البخارية التابعين للمليشيات المناوئة للمتظاهرين.
الجيش وحده، هو القوة المقبولة وطنياً لدى الجماهير، وزاد رصيده جماهيرياً في الأيام القليلة الماضية.
وما يتم تداوله الآن في المنتديات السياسية: إذا لم تخرج هذه الطبقة من الحكم طواعية ولم تفهم رسالة الشعب إليها بالرحيل الكامل، فإن الجيش عليه أن يتحرك لتحقيق الآتي:
1- عمل حكومة انتقالية يقودها عسكري لمدة 6 أشهر من الاختصاصيين.
2- إبطال البرلمان الحالي.
3- عمل قانون انتخابي قائم على اللاطائفية مقبول من الناس.
4- تفعيل حقيقي لقرار استعادة الأموال المنهوبة.
5- محاكمة الفساد والفاسدين.
6- عمل انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة.
هذا الدور ليس جديداً على المؤسسة العسكرية في لبنان، فقد حدث تاريخياً 3 مرات:
الأولى: الحكومة الانتقالية برئاسة قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب في 18 سبتمبر 1952.
الثانية: أول حكومة عسكرية في تاريخ لبنان شكلت بعد اندلاع الحرب الأهلية في البلاد واندلاع أعمال العنف بقرار الرئيس الأسبق سليمان فرنجية قبول استقالة الحكومة، وتحت الضغط الداخلي والإقليمي تم تشكيل الحكومة برئاسة العميد أول متقاعد نور الدين عبدالله الرفاعي سني، وضمت وزيراً للعدل والصحة والصناعة والنفط، و6 وزراء آخرين كلهم عسكريون.
الثالثة: كانت برئاسة اللواء ميشيل عون عقب نهاية ولاية الرئيس أمين الجميل في سبتمبر 1988 لمنع الفراغ والفوضى.
ولا يمكن نسيان أن المؤسسة العسكرية اللبنانية هي المستودع الوحيد الذي يتخرج فيه الرؤساء في العقود الأخيرة.
لاحظ أن آخر 3 رؤساء في لبنان كانوا رؤساء أركان الجيش اللبناني هم:
الجنرال إميل لحود، الجنرال ميشيل سليمان، الجنرال ميشيل عون.
والآن تتحدث المصادر عن أن اسم قائد الجيش الحالي الجنرال جوزيف عون وهو القائد رقم 14 في تاريخ جيش لبنان الحديث من مواليد 1964 مشروع رئيس جديد.
منذ أشهر وهناك 3 أسماء يتم تداولها لخلافة الرئيس ميشيل عون هم: صهره، جبران باسيل، الجنرال جوزيف عون قائد الجيش، الوزير سليمان فرنجية، رئيس تيار المردة، الذي كان قد وُعد بالرئاسة الحالية، لكنها ذهبت للجنرال.
في الوقت ذاته يراقب الدكتور سمير جعجع الموقف ويتخذ كل القرارات التي تمهد له ولحزبه القدرة على دخول قصر «بعبدا» كرئيس جديد.
هنا تنحسر السيناريوهات في المستقبل القريب:
- سيناريو الدم وهو السيناريو الأسوأ.
- سيناريو الانتقال السلس الطوعي وهو السيناريو الأفضل الذي يتم فيه التخلي عن السلطة طوعاً وهو سيناريو «رومانسي مثالي».
- سيناريو الضغوط السياسية من الشارع على السلطة ما يؤدي إلى حالة تعارض بينهما للوصول إلى صيغة حل وسط.
في كافة الحالات، الجيش هو طرف إما أن يدعم التغيير ويحميه وإما يصد عدوان المليشيات على الثوار، أو يأخذ الأمر بيده ويحكم بشكل مباشر.
وليحفظ الله لبنان من كل سوء.
نقلاً عن "الوطن المصرية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة