"حزب الله" ومظاهرات لبنان.. الطائفية لتفتيت المحتجين
"حزب الله" و"حركة أمل" و" التيار الوطني الحر"، أخذت قرارا بإفشال المظاهرات الشعبية بعد إدراكها أنها لن تهدأ ولن تتراجع.
بدا واضحا من المناوشات والاشتباكات التي شهدتها الأيام الأخيرة أن أحزاب السلطة، لا سيما "حزب الله" و"حركة أمل"، أخذت قرارا بإفشال المظاهرات الشعبية.
- احتجاجات لبنان.. أنصار "حزب الله" يواصلون استفزاز المتظاهرين
- أنصار "حزب الله" يهاجمون المعتصمين في صور وسماع إطلاق نار ببيروت
وكانت تلك الأحزاب والتابعين لها يشككون في المظاهرات في بدايتها ويوجهون لها اتهامات بالتمويل من الخارج لكنهم غيروا مواقفهم مع استمرارها وحاولوا اللعب على الطائفية وتقسيم المتظاهرين واتجهوا في النهاية إلى المواجهة المباشرة على الأرض.
تحركات الأحزاب على الأرض
وسجلت في الأيام الأخيرة هجمات منظمة بدأت، مساء الأحد، ضد المتظاهرين، في وسط بيروت من قبل مناصري "حزب الله" و"حركة أمل" ما أدى إلى حالة من الفوضى والتوتر واعتداء على الأملاك الخاصة في المنطقة استمرت حتى ساعات الفجر.
ومساء الإثنين كان هدف هؤلاء المناصرين منطقة طريق الجديدة، المعروفة بأنها معقل "تيار المستقبل"، حيث جالوا بدراجاتهم النارية مطلقين الهتافات المستفزة.
وكادت أن تقع مواجهات قبل أن يطلب "المستقبل" من مناصريه الخروج من الشارع، وذلك في موازاة اعتداء زملائهم على المتظاهرين في مدينة صور في جنوب لبنان.
والمشهد الأخطر كان، مساء الثلاثاء، حين عمد أتباع "حركة أمل" و"حزب الله" إلى تنظيم مسيرة على الدراجات النارية بين منطقتي الشياح وعين الرمانة، وحاولوا اقتحام المنطقة ما استدعى استنفارا من الأهالي الذين ينتمي قسم كبير منهم إلى "حزب القوات اللبنانية" و"حزب الكتائب" (داعمون للتحركات الشعبية).
وأسفرت الاشتباكات عن وقوع إصابات في صفوف مناصري "الكتائب" إلى أن تدخل الجيش اللبناني للفصل بين الطرفين واتخذ تدابير أمنية مشددة.
في سياق متصل، دارت مواجهات بين مناصرين للرئيس اللبناني ميشال عون، من "التيار الوطني الحر"، ومناصرين من "حزب الكتائب" في منطقة بكفيا، في المتن، التي تعد معقل "الكتائب" الذي يرأسه النائب سامي الجميل.
وبدأت المواجهات إثر توجه مجموعة من "التيار" إلى بكفيا ما رأى فيه مناصرو الكتائب استفزازا ومحاولة لافتعال مشكلات أمنية.
وعند وصول موكب "التيار" قطع أهالي بكفيا ومناصرو حزب الكتائب الطريق عند مدخل البلدة لمنعه من الدخول، طالبين منهم أن يسلكوا طريق ضهر الصوان - بعبدات.
وعلى إثر ذلك، بدأ مناوشات بين المواكب وشباب المنطقة، الذين تجمعوا لمنع مرور الموكب إلى داخل البلدة، وسط انتشار أمني كثيف فيما يطلق الطرفان الهتافات المضادة.
وبعد وقت قصير من إقفال الطريق تدخل الجيش محاولا فتح الطريق وهو ما تصدى له أهالي البلدة وأعلن وقوع إصابة في صفوف مناصري "التيار" نتيجة إلقاء الحجارة على الموكب خلال توجهه إلى بكفيا.
متظاهرون وأحزاب.. لن نتراجع أو نتناحر
واعتبر المتظاهرون والأحزاب الداعمة للتحركات الشعبية هذه محاولة لإفشالها، مع تأكيدهم أنها لن تؤدي إلى أي نتيجة وأن الشعب اللبناني بات مدركا لهذا الواقع ولن يسمح بعودة عقارب الساعة إلى الوراء.
وهذا ما يعبر عنه شادي (34 عاما)، وهو من المتظاهرين المداومين على الوجود يوميا بوسط بيروت، لـ"العين الإخبارية" أن "الحرب الأهلية خط أحمر. ومسيرات الوحدة التي عمّت المناطق التي شهدت عنفا، مساء الثلاثاء، في عين الرمانة وطرابلس خير دليل على ذلك".
وأضاف: "مما لا شك فيه أن السلطة تحاول ضرب تحركاتنا لكننا ندرك هذا الأمر جيد وعلى العكس هذا يزيدنا إصرارا وتمسكا بخياراتنا التي لا شك وأنها تربك هذه السلطة وتؤدي بها إلى اللجوء إلى العنف، وسنستمر حتى الوصول إلى هدفنا".
وكان لوزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن موقف حيال ما حدث وكتبت على حسابها في "تويتر": "البلاد على مفترق طرق، ليلهمنا الله كلنا يعني كلنا مسؤولون ومواطنون، على اختيار وسلوك الطريق الصحيح؛ لأنه لا زال بإمكاننا مواجهة كل الصعوبات لإيصال البلاد إلى بر الأمان".
ويقول القيادي والنائب السابق مصطفى علوش إن "ما يقوم به حزب الله وحلفاؤه هو محاولة للضغط على رئيس الحكومة سعد الحريري للتراجع عن قراره والقبول بترأس حكومة وفق شروطهم بعدما كان قد حسم أمره بأنه لن يقبل إلا بحكومة تكنوقراط وهم يريدون حكومة تكنوسياسية، وعلى المتظاهرين لإنهاء تحركاتهم".
واعتبر علوش في تصريحات لـ "العين الإخبارية" أن "حزب الله غير قادر على القيام بأكثر من هذه المشكلات التي يقوم بها ولن يجرؤ على استخدام سلاحه في الداخل؛ لأنه يدرك تماما أنها ستنعكس سلبا عليه".
وأكد أن "ما يقومون به سيجعل الحريري يتمسك أكثر وأكثر بموقفه، وهم الذين يريدون أن يضعونه في الواجهة في هذا الظرف الذي يمر به لبنان لتأمين غطاء لهم كما كان في الحكومة الماضية".
وأشار إلى أن "كل هذه الضغوط لن تؤثر أيضا على الثوار الذي يدركون جيدا ماذا يسعون إليه ولن يتراجعوا عن مطالبهم".
ولا يختلف موقف شارل جبور، مسؤول الإعلام والتواصل في "حزب القوات" عن موقف علوش، ويرى أن ما حدث في الأيام الأخيرة هو تطوير لنظرية أحزاب السلطة التي بدأت منذ اليوم الأول لبدء التحركات الشعبية.
ويقول جبور لـ"العين الإخبارية"، إنه "منذ خروج الشعب اللبناني إلى الشارع قبل أكثر من 40 يوما حاولوا مرة اتهام الأحزاب، (القوات) و(الكتائب) و(المستقبل)، بالوقوف وراء المظاهرات، ومرة اتهام المتظاهرين بالتآمر والتمويل من الخارج".
وأضاف أنه "عندما اكتشفوا أن الناس لم يتراجعوا ولم ييأسوا لجأوا إلى سياسية (الشارع مقابل شارع) وإعادة إحياء خطوط تماس الحرب الأهلية التقليدية وحتى داخل المناطق وبين الطائفة نفسها، في محاولة لضرب الثورة وتخويف الناس".
وأشار جبور إلى أن "المتظاهرين كما الأحزاب الداعمة للثورة واعية تمام لكل ما يحاولون القيام به ولن ينجروا إلى ما تريده أحزاب السلطة".
وشدد على "هي ثورة حقيقية لن يتمكنوا من النيل منها والشعب اللبناني لن يتراجع لأن هذه فرصة لتحقيق مطالبه وبناء دولة حقيقية".
وهنا يعتبر جبور أن "لجوء هذه الأحزاب إلى هذا الأسلوب ليس إلا انعكاسا للأزمة السياسية التي يتخبطون بها وغير قادرين على الخروج منها".
ولفت إلى أنهم "لا يزالون غير قادرين على الدعوة حتى لاستشارات نيابية لتكليف رئيس للحكومة بعد 3 أسابيع على استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري أو الخروج من الأزمة الاقتصادية التي تؤدي الى الانهيار".
وتعليقا منه على المشكلات التي تقع في الأيام الأخيرة والتي كانت منطقته هدفا لها، وصف رئيس حزب "الكتائب" النائب سامي الجميل عبر حسابه على "تويتر" ما حدث بـ"الفتنة المتنقلة التي تعمّدت استفزاز أهلنا في المناطق كافة"، مضيفا: "لكن ضبط النفس بقي سيد الموقف رغم التجاوزات".
وتابع: "بعد انكشاف المخطط من صور إلى طرابلس مروراً ببعلبك وبكفيا والشيّاح، ننبّه أهلنا من محاولات تجري لضرب ثورتهم التي يجب أن تبقى سلمية ونناشد الجيش حمايتها".
الموقف نفسه عبر عنه وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال ريتشارد قيومجيان قائلا: "أقلعوا عن أسلوب الفتن الداخلية المتنقلة بين المناطق والأحياء لضرب الانتفاضة الشعبية وفرض مشيئتكم على البلد".
وتابع: "التهويل لن يثني اللبنانيين عن مطلبهم بدولة سيدة حديثة خالية من فسادكم. لن تجرونا إلى حرب أهلية. لا نخافكم وحده الجيش اللبناني يحمي البلد والناس".