حراك دبلوماسي مكثف بلبنان.. حزب الله أمام اختبار الإرادة الدولية
جهود دبلوماسية دولية مكثفة تشهدها الساحة اللبنانية لمنع انزلاق البلاد إلى تجدد المواجهة العسكرية، بين إسرائيل وحزب الله.
يأتي ذلك في خضم التصعيد المتبادل، في حين يسعى لبنان للوفاء بمهلة تنتهي بنهاية العام الحالي لحصر سلاح حزب الله بيد الدولة.
وبين غارات إسرائيل على الجنوب اللبناني، وتهديد باتساع نطاق المواجهة من جانب، في مقابل تمسك حزب الله، من جانب أخر، برفض تنفيذ قرار الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة، تعيش الدولة اللبنانية على وقع سباق محموم يحذر مراقبين من عواقبه الوخيمة على أمن واستقرار لبنان.
وعلى إثر التصعيد الإسرائيلي "الناري" في الجنوب، وتعنت حزب الله حيال نزع سلاحه، تشهد بيروت خلال الفترة الحالية حركة دبلوماسية واتصالات عالية المستوى، لنزع فتيل أي مواجهات وخفض حدة التوتر.
الحراك شمل زيارتين لنائبة الموفد الأمريكي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس ورئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، فيما تحدثت وسائل إعلام محلية، عن زيارة مرتقبة للموفد الأمريكي توم براك إلى بيروت.
ووسط هذا الحراك، هل ستكون الكلمة الفصل لتهدئة دبلوماسية، أم لتصعيد عسكري ومواجهة من جديد؟
وبحسب، الباحث والمحلل السياسي اللبناني الدكتور طارق أبوزينب، لـ"العين الإخبارية"، فإن الحراك الدبلوماسي الحالي، بضغط أمريكي مباشر ودعم عربي مصري، لن يثمر شيئاً ما لم يتخل حزب الله عن سلاحه، ويقبل الخضوع للدولة.
وأوضح أن الخيار أمام اللبنانيين حاسم: إما دولة واحدة بسيادة كاملة، جيش واحد، سلطة واحدة، أو دويلة حزب الله التي تقود البلاد نحو الخراب.
واعتبر أن "استمرار حزب الله في رفض إخضاع سلاحه لسلطة الدولة يثبت أنه يقف ضد مصلحة اللبنانيين، ويضع لبنان كله رهينة لمشروع إيراني توسّعي، وفشل كل محاولات الإصلاح أو الحماية الاقتصادية".
وأضاف أنه "مع تعنت حزب الله الواضح في تسليم السلاح، واستمرار إسرائيل في انتهاك السيادة اللبنانية يومياً، من خلال تنفيذ عمليات عسكرية واغتيالات في جنوب لبنان والبقاع، فإن عنوان المرحلة الراهنة تشير إلى توقعات بتصعيد عسكري محتمل".
وأوضح أبوزينب، أن "زيارة المبعوثة الأمريكية إلى بيروت، ليست مجرد زيارة دبلوماسية بل إنذار واضح لحزب الله بأن الزمن الذي كان يفرض فيه إرادته على الدولة اللبنانية بلا رادع قد انتهى، والسلاح خارج سلطة الدولة لن يُتسامح معه بعد الآن".
وقال إن "التزام مصر بالتدخل عبر زيارة رئيس المخابرات للبنان يعكس رؤية عربية لدعم الدولة اللبنانية في استعادة سيادتها، والمساعدة في خفض التوتر الحالي".
ودعا المحلل اللبناني إلى ضرورة الاستفادة من الحراك الدبلوماسي المشترك أمريكيا وعربيا واستغلاله جيدا، قائلا: "يمثل هذا الحراك فرصة غير مسبوقة لضمان أن يعود القرار السياسي والأمني إلى مؤسساته الشرعية، بعيداً عن النفوذ الإيراني الذي يتحكم بحزب الله".
من جانبه، أكد رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية، شارل جبور، أن أي حراك دبلوماسي مقدر لبنانيا جدا، لأنه يعكس حرص الدول على تجنيب لبنان الانزلاق إلى حرب جديدة، وخفض مستوى التوتر، والسعي إلى إنهاء هذه الوضعية القائمة منذ عامين إلى اليوم.
وقال إنه "مع الحرص على لبنان، يعكس هذا الحراك الدبلوماسي المكثف أيضا، وجود مخاوف جدية دولية وعربية بناء على معلومات، من انزلاق الأوضاع إلى الأسوأ نحو مزيد من التوتر والمواجهات، ما قد يؤدي إلى خلط الأوراق من جديد".
وتساءل قائلا: "لكن هل سيؤدي هذا الحراك الإيجابي إلى نتائج تنعكس على خفض التصعيد؟.. الأمر هنا يرتبط بحالتين، الأولى: توافر إرادة لبنانية حقيقية نحو تطبيق قرار نزع سلاح حزب الله، أو تنفيذ القرار بالقوة، لكن لا يبدو أنها ستتخذ هذا القرار في هذه اللحظة".
وأضاف أنه "أما الحالة الثانية فهي إعلان حزب الله، على غرار حركة حماس، نهاية مشروعه المسلح، لكن أيضا لا توجد مؤشرات تدل على ذلك حتى الآن".
إزاء ذلك، فإن الأوضاع -يتوقع جبور- ستتجه نحو مزيد من الاشتباك والتصعيد.
بدوره، قال عضو مجلس النواب اللبناني، فادي كرم، إن الحراك الدبلوماسي الحالي سيؤدي لنتائج عملية نحو وقف العدوان الإسرائيلي، ما لم ينفذ حزب الله قرار الحكومة بتسليم سلاحه للجيش اللبناني على وجه السرعة.
وأضاف كرم، لـ"العين الإخبارية"، أنه "سيبقى لبنان ساحة للمزيد من الاعتداءات الإسرائيلية وللصراع في الشرق الأوسط، تُستَخدم فيه لبنان من قبل إيران وإسرائيل لتوجيه رسائلٍ إلى بعضهما، ما لم يتم نزع سلاح الحزب".
وأشار إلى أن استمرار الوضع الحالي بهذا الشكل، يزيد من وتيرة العمليات الإسرائيلية، ويعطل عودة لبنان إلى الحياة الطبيعية ونموه الاقتصادي.