تشكيل الحكومة.. سياسيون لبنانيون يرصدون لـ«العين الإخبارية» المأزق والمَنفذ
مخاض عسير يشهده تشكيل الحكومة اللبنانية ما يخفض منسوب التفاؤل بولادة قريبة لحكومة نواف سلام، بعد تعثر مفاجئ في مساعي التأليف.
والسبب في ذلك تمثيل المكونات السياسية في الحكومة، ما دفع سلام للإعلان عن أنه لن "يتراجع عن المعايير التي اعتمدها للتشكيل الحكومة، وبينها فصل النيابة عن الوزارة، والاعتماد على الكفاءات".
وفي 13 يناير/كانون الثاني الجاري، أعلنت الرئاسة اللبنانية تسمية رئيس محكمة العدل الدولية القاضي نواف سلام، رئيسا للحكومة بعدما أيده 84 نائبا من إجمالي 128، في الاستشارات النيابية.
ويعمل سلام منذ أكثر من أسبوعين على تشكيل حكومة بالتنسيق مع عون والكتل النيابية.
واليوم الأربعاء، التقى رئيس الحكومة المكلف بالرئيس جوزيف عون، في قصر بعبدا ببيروت، للتشاور معه حول آخر مستجدات تأليف الحكومة.
وقال سلام خلال مؤتمر صحفي عقب اللقاء إنه "لن يتراجع عن المعايير التي اعتمدها لتشكيل الحكومة، وأبرزها فصل النيابة عن الوزارة والاعتماد على الكفاءات وتوزير أشخاص غير مرشحين للانتخابات".
وأضاف: "سأبقى على نهج المرونة للتعامل مع الجميع، وسنتجاوز الصعوبات، ونأمل أن يخرج النور قريباً للوصول إلى حكومة تنتشل لبنان من أزماته"، وفقا لما ذكرته الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية
ونفى سلام مسؤوليته عن التأخير، قائلا: "تأخير تشكيل الحكومة ليس بسببي ولست أنا من يضع العقبات، وإن كانت هناك من صعوبات سنتجاوزها"، مؤكدًا أنّه "يجب انتظار ولادة الحكومة لمعرفة توزيع الحقائب".
وجدد سلام تأكيده أنّ "الحكومة الجديدة ستكون من 24 وزيراً ولا نريد مجلس نواب مصغر بل نريد حكومة فاعلة ومتجانسة"، كما شدد على أنه "لا وزارة حكرا على طائفة، كما أن لا وزارة ممنوعة على طائفة وسألتزم بهذا المبدأ".
بدوره، شارك رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس الحكومة في نفي المسؤولية عن تأخير إعلان التشكيل الجديد.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن برّي قوله إن: "المشكلة في تشكيل الحكومة ليست عندنا"، مضيفا: "الآخرون يتذرعون بنا".
وأعرب بري عن أمله في "أن تبصر الحكومة النور نهاية هذا الأسبوع، أو مطلع الأسبوع المقبل"، قائلا: "خيارنا (لحقيبة المال) هو ياسين جابر" وهو نائب ووزير اقتصاد سابق.
عقبات
يعترض مسار التأليف الحكومي مجموعة من العراقيل بينها الخلاف حول اسم وزير المال، ومشاكل حصص وتمثيل المكونات السياسية اللبنانية في الحكومة الجديدة.
وكشف مصدر نيابي مطلع لـ"العين الإخبارية" عن أن وزارة المال في الحكومة باتت أقرب للطائفة الشيعية من حيث الحصة، لكن لم يتم بعد حسم الاسم، إذ يجري التداول بين أسماء شيعية أخرى لكن من خارج الثنائي (حزب الله وحركة أمل).
وأشار المصدر في هذا الصدد، إلى أن الثنائي الشيعي طلب من رئيس الحكومة أن يختار وزراء حقائبه، في الوقت الذي طلب نواب السنة حقيبة وزارة الداخلية.
وأضاف أن هناك مشاكل تتعلق بحصص وتمثيل مكونات أخرى، حيث أن التيار الوطني الحر يسعى لحصة متساوية للقوات اللبنانية، كما تطالب الأخيرة بوزارة سيادية وخدماتية ضمن 4 حقائب.
وفي سياق العقبات ذاتها أمام تأليف الحكومة، شكا عضو تكتل "الاعتدال الوطني" النائب وليد البعريني، عبر حسابه بمنصة "إكس" من "تجاهل تمثيل عكار وطرابلس والمنية والضنية والشمال"، معتبرا أنه هذا "تجاوز لكل الخطوط الحمراء".
ودعا الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى "تصحيح المسار بصفته الضمانة وإلا ستكون هناك انتفاضة في وجه تهميشنا".
وفي تعليقه عن الموضوع، قال النائب وليد البعريني لـ"العين الإخبارية" إنه أمس كان لنا لقاء مع رئيس الحكومة المكلف نواف سلام، وقد فتح هذا اللقاء ثغرة فيه مسألة تمثيل عكار والشمال، وتلقينا وعدا من الرئيس المكلف بهذا الإطار".
وأضاف: "هذا بالنسبة لما يتعلق بنا تكتل اعتدال وطني، أما بالنسبة لباقي الفرقاء فالأمور كلها قيد البحث، ولا شيء محسوم (حتى الآن) لا لجهة الأسماء، ولا بالنسبة للحقائب وهذا يسري على الجميع من سنة وشيعة ودروز ومسيحيين".
وإزاء هذه الأجواء، شدد عضو تكتل الاعتدال الوطني أنه "لا يمكن الجزم بموعد تشكيل الحكومة، لكن نتمنى أن تتحلحل العقد سريعا لتبصر الحكومة النور".
طريق الحل
وحول المطلوب لمواجهة عراقيل عملية التأليف، أكد النائب بلال عبدالله، عضو تكتل "اللقاء الديمقراطي"، لـ"العين الإخبارية" إنه "لا نملك ترف الوقت لتشكيل الحكومة، ومطلوب من جميع القوى السياسية تسهيل مهمة العهد، والرئيس المكلف".
ورأى عبدالله أن "اللحظة السياسية المحلية والإقليمية والدولية تتطلب تحصين الوحدة الداخلية والمؤسسات الدستورية".
أما عن موقف حزب القوات اللبنانية، فقال النائب فادي كرم، عضو تكتل الجمهورية القوية، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، إن "حركة التأليف ما زالت بمكانها، لأن الثنائي الشيعي يسعى لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء".
واعتبر أن "الثنائي يسعى إلى عودة عقارب الساعة إلى زمن الحكومات السابقة حتى يعود إلى تسلطه على أعمالها، وإدخال الآخرين في محاصصات".
وللخروج من مأزق التأليف، دعا النائب المستقل بلال الحشيمي، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، رئيس الحكومة المكلف إلى التحرك فورا باعداد تشكيل يمثل الجميع لكن بحسب ما يراه مناسبا، والتوجه به لقصر بعبدا للتشاور مع الرئيس عون بشأنه، ثم التوجه لاحقا بهذا التشكيل نحو البرلمان لوضع الجميع أمام مسؤولياته".
وبشأن عملية تأليف الحكومة، قال إنه وفقا لمعلوماته فإن "أسماء الوزراء الجدد ستكون من خارج الاصطفافات السياسية والحزبية، لكنهم ليسوا ببعيدين على طوائفهم".