بعد تكليف مرشح حزب الله.. الأزمة تراوح مكانها ولبنان للسيناريو الأسوأ

تكليف الوزير السابق حسان دياب بتشكيل الحكومة اللبنانية، يعد مرحلة تصعيد جديدة لأن حكومة دون غطاء سني، قد لا تلبي متطلبات الحراك الشعبي.

"الأزمة اللبنانية لم تنته بتكليف الوزير السابق حسان دياب، بل نحن أمام مرحلة جديدة من التصعيد؛ لأن حكومة برئاسة دياب دون غطاء سني، قد لا تلبي متطلبات الحراك الشعبي، والمجتمع الدولي".. تلك كانت قراءة خبراء ومحللين سياسيين في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" بشأن تكليف المرشح المدعوم من "حزب الله" وحلفائه بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة. 

• الحريري: الحل الوحيد لأزمة لبنان هو تشكيل حكومة إخصائيين

وانتهت مساء الخميس الاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها الرئيس اللبناني في قصر بعبدا، بحصول حسان دياب على 69 صوتا، والسفير نواف سلام 13 صوتا، وحليمة قعقور صوت واحد، فيما لم يسم 42 نائبا أي مرشح، واعتذر النائبان ميشال المر، وإدي ديمرجيان عن الحضور.

الأزمة تراوح مكانها 

وقال الخبير الاستراتيجي والعميد المتقاعد ريشار داغر في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن الأزمة لا تزال تراوح مكانها وستظهر بشكل أكبر في الأيام المقبلة.

وأضاف: "أزمة الملف الحكومي لم تنته بالتكليف؛ لأن العقبة الكبيرة تتمثل في التشكيل لاحقا، وإمكانية تجاوز الرئيس المكلف لحقول الألغام في طريق التشكيل".

وشدد "داغر" على أنه لا يمكن القول إن أزمة الملف الحكومي وصلت لنهايتها اليوم، بل نحن أمام مرحلة جديدة من التصعيد؛ لأن حكومة برئاسة دياب قد لا تلبي الكثير من المتطلبات، وسوف تواجه برفض شعبي.

وتابع: الأزمات معقدة ومتداخلة بشكل كبير، فالأمر لا يتوقف فقط على الأصول الدستورية التي تسمح بتكليف من يحصل على الأكثرية، بل هناك ما يعرف بالديمقراطية التوافقية لأنها من عناوين السياسة اللبنانية.

وأوضح الخبير الاستراتيجي أن هناك إشكالية كبيرة تتمثل في فقدان العامل الميثاقي في الحكومة الجديدة، حيث إن الميثاقية تحتم أن تكون أركان السلطة من الممثلين عن الطوائف الكبيرة في لبنان.

وأشار إلى أن خروج الحريري من المشهد السياسي كما هو متوقع سيؤدي لضرب هذه الميثاقية، عقب عدم موافقة السواد الأعظم من المكون السني على تسمية دياب اليوم، بل معارضته لها.

 وزاد: "التحدي الأكبر للرئيس المكلف، يتمثل أيضا في إمكانية الخروج بتشكيل يراعي متطلبات الشارع، والمجتمع الدولي، والميثاقية".

وألمح إلى أن إعلان كتلة المستقبل النيابية عدم المشاركة في الحكومة المقبلة، يمثل تحديا كبيراً؛ لأن التيار هنا يريد قطع الطريق أمام مشاركة أي من المكونات الأخرى، وعدم تسمية شخصيات تنتمي للمكون الشيعي السياسي، وهو أمر لا يقبله حزب الله، وهنا سنعود لنقطة الصفر في الأزمة.

الوقوع في المحظور 

وأضاف الخبير الاستراتيجي أنه في حال سير الرئيس المكلف بالتشكيل الذي يريده حزب الله فسوف نكون وقعنا في المحظور، والأمور ستكون مفتوحة على التصعيد.

وأبدى داغر خشيته من خيار إطالة أمد تشكيل الحكومة لأجل غير مسمى.

وحول انتقاد أصوات نيابية لطريقة تشكيل الحكومة، قال: معلوم أن تشكيل الحكومات في لبنان يجرى في الأغلب بالغرف المغلقة ثم تظهر للواجهة بالقصر الجمهوري، لكن ما يعول عليه هو شكل الحكومة الجديدة وقدرتها على تأمين امتصاص الغضب الشعبي والاعتراض الدولي.

وكان تمام سلام رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق قد أكد عقب لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون: "في ظل ما ورد بالأمس من إخراج مدبر أو معلب، فلا معنى للتسمية في هذه الأجواء، وبالتالي لم أُسم أحدا".

كما أعلن نجيب ميقاتي رئيس الحكومة الأسبق عقب لقاء عون، عدم تسمية أحد في الاستشارات، قائلا: "نحن لا نتكلم عن الغطاء السني أو المسيحي، وأذكركم أن الرئيس الحريري طلب تأخير الاستشارات لأن القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر رفضا تسميته، وبالتالي هذا الأمر يجب أن يكون رسالة مفادها أننا غير راضين عن التسمية التي هبطت بالمظلة".

حكومة حزب الله.. السيناريو الأسوأ

وفي تعليقه على تكليف حسان دياب، قال خالد ممتاز الخبير السياسي اللبناني لـ"العين الإخبارية": "ذهب لبنان إلى السيناريو الأسوأ، بعد أن رفض حزب الله والتيار الوطني الحر لغة العقل"، معتبرا أن الأيام المقبلة ستكون كارثية على البلاد"، على حد تقديره.

وزاد ممتاز بأن "ما جرى بمثابة انقلاب سياسي، خاصة مع قرار حزب الله الواضح بتشكيل حكومة مواجهة، عبر الدفع بمرشح تابع له، في غياب الغطاء السني للرئيس المكلف وما يعرف بـ"الميثاقية عرفا"، بعد حصوله فقط على أصوات 6 نواب سنة في استشارات اليوم بالقصر الجمهوري.

ودعا الخبير اللبناني "النواب الأحرار" إلى مقاطعة من وصفه بـ"رئيس حكومة حزب الله"، ورفض الاجتماع به.

وفي قراءته لأصوات الكتل النيابية في الاستشارات النيابية، قال: معبر جدا رقم النواب الذي سمى حسان دياب، وكأنه إشارة لكيف سيتم التعامل مع لبنان وحكومته في الأيام المقبلة.

وسبق لحسان دياب غير المحسوب على حزب معين، أن تولى وزارة التربية في الحكومة اللبنانية التي ترأسها نجيب ميقاتي عام 2011، والتي سميت حينها بـ"حكومة حزب الله".

الميثاقية مرتبطة بالتأليف لا التشكيل 

وبدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني الدكتور توفيق شومان في تصريح لـ"العين الإخبارية" إن الحكم على الرئيس المكلف دياب بحاجة إلى مسافة زمنية، متابعا: يجب أن تخضع مواقف دياب السياسية، وطبيعة وطريقة تشكيل الحكومة واختيار الوزراء وبرنامجها السياسي للاختبار قبل بالحكم عليه.

وواصل: "الحكم أيضا على ميثاقية الحكومة، مرتبط بطريقة تشكيلها، وليس بتسمية رئيسها".

وبشأن الوقت المتوقع لإعلان التشكيل الجديد للحكومة، أجاب: إن إطالة أمد التشكيل متوقع، والأمر رهن بالوجوه الوزارية التي ستدخل الحكومة.

ونوه بأن تشكيل حكومة خبراء تمثل ثقة للشارع والمجتمع الدولي، لن يستغرق وقتا طويلا، لكن اعتماد طريقة تشكيل حكومات ما قبل 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي (موعد انطلاق الانتفاضة الشعبية) فإنها ستشهد عراقيل عديدة، والأمر لن يكون سهلا على الإطلاق.

شومان لفت إلى أن حسان دياب كان الورقة الأخيرة بعد حرق الكثير من أسماء المرشحين، ولبنان كان أمام احتمال الفراغ، مع تعطل أعمال الحكومة المستقيلة.

وأكد: "في حال كان الطريق ممهدا للتشكيل، فنحن أمام حكومة انتقالية، قد تكون لأشهر معدودة، أما استمرارها فمرهون ببرنامجها الداخلي، وقدرتها على الحد من الانهيار المالي والاقتصادي، وما لم يلتمس المواطن إجراءات سريعة، فسنكون أمام أزمة أكثر سخونة مما جرى منذ 17 أكتوبر الماضي.

• حسان دياب المكلف بحكومة لبنان.. ثوب "حزب الله" الجديد بدون غطاء سني

وقال رئيس الحكومة المكلف الدكتور حسان دياب، في كلمته من قصر بعبدا عقب تكليفه: "إن أي سلطة منفصلة عن الواقع والشعب لا تستطيع حماية البلاد، مؤكدا في الوقت ذاته أن "الأولوية للاختصاصيين" عند تشكيل الحكومة، التي ستبدأ الاستشارات بشأنها السبت.

وردا على المعترضين على تكليفه قال: الموجودون في الشوارع يحق لهم إبداء رأيهم، لا سيما أنهم منذ 60 يوما موجودون في الشارع، رفضا للأوضاع المعيشية السيئة".. مشيراً إلى أن حكومته "لن تكون حكومة مواجهة أبدا".

وجاء تكليف دياب بعد حوالي شهرين من استقالة الحريري ورفضه القبول بإعادة تكليفه ما لم تكن حكومة تكنوقراط.

وهو ما رفضه الفريق الآخر، وتحديدا حزب الله وحركة أمل ورئاسة الجمهورية، متمسكين بحكومة تكنوسياسية، لينتهي الأمر بإعلان الحريري اعتذاره عن قبول التكليف مساء الأربعاء أي قبل ساعات من موعد الاستشارات النيابية التي كانت قد أجلت مرتين قبل ذلك.