مقتل قيادي بـ«القوات اللبنانية» يشعل الشارع ويذكي الانقسامات.. ما القصة؟
في حدث كاد أن يوقظ شبح الحرب الأهلية في لبنان، حرك مقتل قيادي في «حزب القوات اللبنانية» نذر الفتنة الطائفية، في البلد المأزوم سياسيا واقتصاديا.
ومساء الأحد، تعرض مسؤول «القوات اللبنانية» في جبيل باسكال سليمان لعملية خطف نادرة الحدوث في تلك المنطقة.
حادث تحرك الشارع على إثره بطريقة سريعة؛ فعمد أنصار «القوات اللبنانية» على قطع الطريق الذي يربط بين محافظتي الشمال وجبل لبنان، احتجاجاً وطلباً بمعرفة مصيره.
ليس هذا فحسب، بل إن البعض وجه اتهامات لـ«حزب الله» والسلاح المتفلت وغير الشرعي، ما دفع أمين عام حزب الله حسن نصرالله إلى الرد على من وصفهم بـ«أهل الفتنة».
وبعد جهود مستمرة قامت بها القوى الأمنية على أكثر من اتجاه، تدخلت قيادة الجيش اللبناني ببيان أكدت فيه توقيف معظم أعضاء «العصابة السوريين المشاركين في عملية خطف باسكال سليمان».
وأشارت إلى أنه خلال التحقيق معهم، تبين أن المخطوف قُتِل من قبلهم في أثناء محاولتهم سرقة سيارته في منطقة جبيل، وأنهم نقلوا جثته إلى سوريا.
وبحسب مصادر «العين الإخبارية» فإن جثة المخطوف أصبحت بالفعل بعهدة الأمن السوري وموجودة في أحد مستشفيات محافظة حمص، مؤكدة أنه سيتم تسليمه صباح اليوم الثلاثاء إلى الصليب الأحمر اللبناني ومنه إلى ذويه.
علامات استفهام
إلا أن بيان الجيش والإعلان عن مقتل سليمان خلال سرقة سيارته أثار استغراب مسؤولي «القوات اللبنانية»، وطرح علامات استفهام عدة، خاصة بعد تسريبات أمنية وعسكرية كثيرة أشارت إلى أنه كان لا يزال على قيد الحياة، وأن العمل جار لتحريره.
وبحسب مراقبين، فإن ربط الجريمة بسرقة السيارة شكّل محط استغراب واعتراض، لا سيما أن سيارة سليمان وجدت داخل الأراضي اللبنانية بعد أن تخلى عنها الخاطفون، مما عزّز لدى المحازبين والمناصرين نظرية «الإخراج السيء لسيناريو الجريمة السياسية».
وسادت حالة من الغضب في أوساط مناصري القوات، مما دفع بعضهم للاعتداء على سيارة سورية كانت تمر على الطريق لحظة معرفتهم بمقتل سليمان، وتداول مقطع فيديو به رجل ملقى على الأرض وآثار العنف ظاهرة على جسده ووجهه.
وقد توجه عدد من نواب القوات إلى جبيل مجددا لمحاولة احتواء أي تصعيد والتخفيف من الغضب.
وفي أول تدخل حكومي، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في بيان صادر عن مكتبه، إن الأجهزة الأمنية كانت باشرت منذ انتشار نبأ اختطاف سليمان تحرياتها واستقصاءاتها لكشف الفاعلين والضالعين في الجريمة، وإعادة المخطوف إلى عائلته سالما، لكن يبدو أن الجهات الخاطفة التي تستمر التحقيقات لكشف كامل هويتها، عمدت إلى تصفيته.
وشدد على استمرار التحقيقات لكشف الملابسات الكاملة وراء عملية الخطف والمتورطين فيها وفي اغتيال المخطوف وتقديمهم إلى العدالة، داعيًا الجميع إلى ضبط النفس والتحلي بالحكمة وعدم الانجرار وراء الشائعات والانفعالات.
بدوره، اعتبر حزب «القوات اللبنانية»، الذي لاذ بالصمت منذ الإعلان عن عملية الخطف، في بيان، أن «ما سُرِّب من معلومات حتى الآن عن دوافع الجريمة لا يبدو منسجما مع حقيقة الأمر، إنما نعتبرها عملية قتل تمّت عن عمد وعن قصد وعن سابق تصور وتصميم، ونعتبرها حتى إشعار آخر عملية اغتيال سياسية حتى إثبات العكس».
وطلب من الجميع ترك الساحات وفتح الطرقات، خاصّة أنّ يوم الأربعاء هو أول أيّام عيد الفطر، داعياً إلى التهيئة لوداعه (سليمان) بحشود كبيرة بما يشكّل رسالة رفض لسياسة الأمر الواقع والخطف والاغتيال والقتل وإبقاء لبنان ساحة فوضى وفلتان.
الجيش يتدخل
وفي سياق متابعة الجريمة واحتواء تداعياتها، يزور قائد الجيش جوزيف عون، ووزير الداخلية بسام المولوي، اليوم الثلاثاء، الصرح البطريركي في بكركي لوضع البطريرك الراعي في آخر معطيات التحقيق والوضع الأمني عموما في البلد.
ويعقد الوزير مولوي اجتماعاً استثنائياً لمجلس الأمن الداخلي المركزي اليوم، على خلفية مقتل سليمان، على أن يتحدث بعدها في مؤتمر صحفي.
في المقابل، هاجم أمين عام حزب الله حسن نصر الله القوات اللبنانية وحليفها حزب الكتائب، مشيراً الى أن اتهام حزب الله بهذه الجريمة يعبر عن أحقاد دفينة.
وتابع: «ما جرى بهذا الخصوص أظهر أن القوات اللبنانية وحزب الكتائب هما أهل فتنة وليسا أهل حق، ويبحثون عن الحرب الأهلية، وأن طريقة تقديمهم لما جرى هو فضيحة، بينما حزب الله هو الحريص على السلم الأهلي».
ورد رئيس جهاز العلاقات الخارجية في حزب «القوات اللبنانية» الوزير السابق ريشار قيومجيان، على كلام أمين عام حزب الله، الذي اتهم القوات بالعمل على الفتنة قائلاً: «لم نتهم أحداً».
وقال قيومجيان «شيعة جبيل أهلنا وأصدقاؤنا (..) لكنك وحزبك، شكلت وتشكل بيئة حاضنة للخطف والتهريب والابتزاز وانتهاك القانون والفتن».
aXA6IDMuMTQ1LjEwOS4yNDQg جزيرة ام اند امز