انتهاكات "حزب الله" تحول انتخابات لبنان إلى "دار حرب"
المليشيا الموالية لإيران استخدمت وسائل شرسة في تخويف وإرهاب خصومها، حتى من الطائفة الشيعية، كالاعتداء الجسدي والاتهام بالإرهاب.
"دار حرب".. وصف أطلقه بعض اللبنانيين على بلادهم في فترة الانتخابات النيابية التي تشهد الحملات الدعائية فيها شراسة حادة، خاصة على يد مليشيا "حزب الله" التي ترتكب انتهاكات طالت الحليف قبل الخصم.
واللافت في هذه الدورة الانتخابية أن اعتداءات المليشيا لم تطل فقط خصومها المختلفين عنها في المذهب كالعادة، ولكن طالت أيضا معارضيها في الطائفة الشيعية، واتخذت أشكال الاعتداء الجسدي، وتمزيق لافتات المرشحين، واتهام الخصوم بالانتماء لتنظيم داعش الإرهابي، أو بتلقي الرشى، إضافة إلى تخويف اللبنانيين بحرب "وشيكة" مع إسرائيل.
الاعتداء الجسدي
ففي الأسبوع الماضي، تعرض الصحفي علي الأمين، المرشح عن المقعد الشيعي في دائرة الجنوب الثالثة، للاعتداء بالضرب المبرح على يد أكثر من 30 شابا من مليشيا "حزب الله" خلال قيامه بتعليق صور ولافتات حملته الدعائية في بلدته شقرا بقضاء بنت جبيل، جنوبي البلاد.
وقال الأمين إنه تعرض لإصابات بأسنانه وجروج وكسور بظهره، وكان يعلق الصور واللافتات بنفسه خوفاً من تعرض معاونيه في الحملة للضرب بعد تلقيه الكثير من التهديدات، وبعد تعرض بعض اللافتات للتمزيق.
وعلي الأمين مرشح على لائحة "شبعنا حكي"، وهي لائحة شيعية من الجنوب، وتقول إنها مستقلة، وهي معارضة لمليشيا حزب الله، خصوصاً تدخلاته في سوريا.
واعتبر المرشح على لائحة "شبعنا حكي" عماد قميحة، أن الحادث "يؤكد ثقافة عدم قبول الآخر في الجنوب".
وأضاف، في تصريحات صحفية، أن مليشيا حزب الله تمارس سياسة "تهميش الآخرين وإبعادهم وإقصائهم وممارسة ضغوط عليهم".
كما أشار إلى أن الحادث ليس الأول، فـ"هناك الكثير من الحوادث التي لم نثرها، ومنها محاولة الاعتداء على مرشح اللائحة في بلد عربصاليم، لكننا لن نسكت على الاعتداء الجسدي؛ فهو قضية حريات وقضية رأي عام".
واعتبر "تيار المستقبل"، الذي يرأسه سعد الحريري، أن هذا الاعتداء "يشكل حلقة من حلقات الاستقواء على المواطنين الشرفاء الذين يرفضون الخضوع لقوى الأمر الواقع في الكثير من المناطق اللبنانية".
وكان رد فعل المليشيا أن اعتبرت الحادث "جزءا من الحوادث التي ترافق الانتخابات في القرى والبلدات"، معلنة رفضها لاستخدام العنف، وفق ما نقله موقع "جنوبية".
وتعد مليشيا حزب الله أن جنوب لبنان هو معقلها، حيث يقع به مقر الميليشيا، ويقطن أمينها العام حسن نصر الله، وتعاند أي محاولة من التيارات الأخرى لوضع موطئ قدم فيها.
وطال الاعتداء الجسدي رجل الدين الشيعي عباس الجوهري، الذي تعرّض لإطلاق نار على سيارته، فضلا عن ضرب سائقه في منطقة بعلبك، شرق لبنان، حيث يدعم الجوهري لائحة منافسة للثنائية الشيعية (حزب الله وحركة أمل) في دائرة بعلبك – الهرمل.
وطال الاعتداء الجسدي رجل الدين الشيعي عباس الجوهري، الذي تعرض لإطلاق نار على سيارته، فضلا عن ضرب سائقه في منطقة بعلبك، شرق لبنان، حيث يدعم الجوهري لائحة منافسة للثنائية الشيعية (حزب الله وحركة أمل) في دائرة بعلبك – الهرمل.
وعلق الجوهري على ذلك بقوله إنه “لن يتراجع عن مواقفه وهو ينتظر رصاصتين في القلب في ظل وجود القوى الشيعية المهيمنة على الطائفة، الذين حولوا بعض شبابها إلى مجموعة من القتلة“، في إشارة لمليشيا حزب الله.
اتهام الخصوم بالإرهاب
ألصق حسن نصر الله تهمة الانتماء لداعش أو تمويله بالعديد من خصومه المنافسين لحزبه في منطقة البقاع شرق لبنان.
وفي ذلك أطلق تحذيرا من وصول نواب إلى البرلمان الذين يدعمهم التنظيم الإرهابي على حد قوله، وقال في ذلك: "إذا اقتضى الأمر أن أزور هذه المنطقة قرية قرية من أجل دعم لائحة الحزب فسأقوم بذلك"، ولمنع وصول هؤلاء الخصوم إلى البرلمان.
اتهام الخصوم بتلقي الرشى
كذلك اتهمت مليشيا حزب الله بعض الخصوم في بعلبك، شرق البلاد، بمن فيهم الشيعة، بتلقي الرشى.
وفي ذلك قال رئيس بلدية بعلبك الأسبق، المحامي غالب ياغي، المرشح عن المقعد الشيعي في دائرة بعلبك الهرمل، إن هذا الاتهام غير مقبول، "فنحن لا نملك فائضا ماليا، ولم نقدم الرشى للناخبين".
ونقل عنه موقع "جنوبية" قوله إن عناصر مليشيا "حزب الله" يحاولون "شد عصب" جمهورهم من خلال الهجوم على الآخرين باتهامات باطلة، ضاربا مثلا على ذلك باتهم معارضي الحزب بتقديم رشى تصل إلى 700 دولار للصوت، "وهو مبلغ كبير جدا"، وحملة كاذبة "لا تدل سوى على ضفعهم".
التلويح بالحرب مع إسرائيل
رغم صحة وجود خطر إسرائيل على لبنان، فإن مليشيا حزب الله لم تصده بشكل حقيقي، بل استدعته مرارا في أوقات لم يكن لبنان مستعدا له، مثل حرب عام 2006 التي افتعلتها المليشيا مدعومة بتوجيهات إيران حين اختطفت جنديين إسرائيليين دون التشاور مع الدولة اللبنانية.
وأدت هذه الحادثة لنشوب حرب أسفرت عن خسائر بشرية ومالية واسعة للبنان، واكتسب على أطلالها الحزب شعبية زائفة، سرعان ما انقشعت بعد انكشاف دوره فيما يسمى "ثورات الربيع العربي" عام 2011.
وقال نصر الله، في لقاء مع قناة "الميادين"، إن لبنان قد يكون على وشك حرب مع إسرائيل، وعلى هذا الأساس يجب على ما وصفها بفصائل المقاومة ودول محور المقاومة أن تتحضر لهذه الحرب.
وتعتمد مليشيا الحزب على خطاب تخويف اللبنانيين من معركة وشيكة مع إسرائيل، لحثهم على انتخاب مرشحيه، بزعم أنه "الوحيد" القادر على صد الخطر الإسرائيلي، ما اعتبرته وسائل إعلام محلية تعبيراً عن إفلاس الحزب، وإحساسه بالقلق من انسحاب البساط من تحت قدميه في مناطق كان يسيطر عليها انتخابيا بالكامل، مثل البقاع شرقي البلاد.
ووصف الباحث السياسي لقمان سليم، في حديث لفضائية "الحرة" الأمريكية لبنان، بأنه أصبح "دار حرب"، بفضل الحملات الشرسة التي تقودها مليشيا حزب الله وقوى أخرى.
وبدأ لبنان أمس الجمعة المرحلة الأولى من التصويت في الخارج، لتبدأ مرحلة التصويت في الداخل 6 مايو/ أيار المقبل بعد توقف عن الانتخابات البرلمانية لمدة 9 أعوام، بسبب العراقيل التي كانت تضعها المليشيا في طريق تنظيم انتخابات جديدة قد تطيح ببعض نفوذها.
aXA6IDMuMTUuMTQ1LjUwIA==
جزيرة ام اند امز