مئوية بكركي والسعودية.. لاءات سفير الرياض وشهادة الراعي
علاقات ضاربة في القدم، لم تتأثر بالأمواج التي تعصف بلبنان، تلك التي تربط المملكة العربية السعودية، والبطريركية المارونية في بكركي.
علاقة ما يقرب من قرن من الزمان، سقتها السعودية، بالحفاظ على هوية لبنان العربية، ونمتها البطريركية، بتأكيد دور الرياض الإيجابي حاضرا ومستقبلا في دعم البلد، الذي يمور بالخلافات، والشحن الطائفي.
حفل الاحتفاء بكتاب "علاقة البطريركية المارونية بالمملكة العربية السعودية" للأباتي أنطوان ضو الأنطوني، اليوم الخميس، مناسبة أكدت فيها البطريركية على لسان البطريرك بشارة الراعي أن المملكة لم تورط لبنان في حرب، ولم تأل جهدا في استقراره.
وعد سعودي يتجدد
فيما أكد السفير السعودي بلبنان وليد البخاري، الذي حضر الحفل أن البعض يحاول العبث بالعلاقة بين لبنان ومحيطه العربي وإدخاله في محاور تتنافى مع الدستور، مشددا على "أن لا شرعيّة لخطاب الفتنة والتقسيم والشرذمة ولا شرعية لخطاب يقفز فوق هوية لبنان العربي".
مضيفا أيضا أنه "لا شرعية لأي سلطة تتناقض مع ميثاق العيش المشترك، لا شرعية لخطاب الفتنة والتقسيم والشرذمة، لا شرعية لخطاب يقفز فوق هوية لبنان العربي، ولا شرعية لمفهوم الأقلية أمام هوية مسيحية اسلامية عربية جامعة".
ورأى البخاري أنه "لا شرعية لمفهوم الأقليات أمام شرعية مسلمة ومسيحية، العروبة تتسع للجميع، وتفخر بقبول الآخر، وانطلاقا من رمزية المناسبة تجدد السعودية الشراكة تحت مظلة عربية ركائزها المحبة والسلام ولا نسمح المساس بالهوية اللبنانية تحت أي ذريعة، فالمسيحي كما المسلم مكون أساسي في الهوية المشرقية".
وخاطب السعودي الحضور قائلا: "يا شهود لبنان الرسالة، يشكل العمق العربي ركيزة أساسية في رؤية السعودية 2030 الهادفة إلى تعزيز الانتماء لهوية ثقافية معاصرة ترسم آفاق المستقبل أمام عولمة العروبة التي تتسع للجميع عروبة تزخر بقبول الآخر والتفاعل والتكامل معه".
وأوصى البخاري بالحفاظ على العيش المشترك الذي أرسى أسسه اتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية وعلى السلم الأهلي في لبنان، آملاً من الأفرقاء السياسيين أن يغلبوا المصلحة اللبنانية لمواجهة التحديات التي يعيشها لبنان؛ وأهمها محاولة البعض العبث بالعلاقة الوثيقة بين لبنان وعمقه العربي وإدخاله في محاور تتنافى مع مقدمة الدستور.
وختم بالقول: "من صرح المحبة بكركي نطلق نداء السلام على الأرض، ونجدد عهد السعودية بنشر ثقافة السلام وتعزيز سبل العيش وحفظ كرامة الإنسان".
أما البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي فذكّر بأنه لمس في زيارته للسعودية، حب الملك سلمان والأمير محمد بن سلمان للبنان وحزنهما لما تمر به البلاد".
ولفت الى أن السعودية تبقى في رباط الصداقة مع البطريركية ولبنان"، آملاًأن يكون هذا اللقاء نداءً من القلب إلى لقاء وطني شامل يؤدي إلى إنقاذ الوطن فتتألف الحكومة وتجري الإنتخابات النيابية والرئاسية في موعدها الدستوري، ونسلك طريق الخلاص، يقول الراعي.
وأشار إلى أن "المملكة سعت دائماً لاستقرار لبنان، مستذكراً وعد الملك عبد العزيز بن سعود الذي قال"سأدافع عن إستقلال لبنان كما أدافع عن استقلال مملكتي"، اضافة إلى رعاية المملكة مؤتمر الطائف ولا ننسى خصوصاً أن السعودية كانت أول دولة عربية تعترف بإستقلال لبنان عام 1943".
"السعودية لم تورط لبنان في حرب"
وفي شهادة الراعي على دور المملكة الإيجابي قال إن "السعودية لم تعتدِ على سيادة لبنان يوماً، ولم تنتهك استقلاله لم تستبح حدوده ولم تورطه في حروب ولم تتجاهل دولته، وكانت ترعى المصالحات والحلول وتستقبل اللبنانيين وتوفر لهم الإقامة وفرص العمل".
ورأى أن "لبنان يسير في هذا الشرق أخاً للعرب ومناصراً للحق، هكذا ندرك مدى محورية دوري المملكة والبطريركية المارونية في لبنان والمشرق والعالم العربي".
وشدد على أنه " فيما لم تميز المملكة بين لبناني وآخر كنا نستشعر احتضانها للمسيحيين، وأبناءنا، حين يهاجرون للعمل لا السياسة، وهم رسل لبنان لا رسل دولة أخرى أو مشروع آخر".
وتوجّه الراعي إلى كل لبناني يعيش في المملكة أو يعمل فيها، أن يحب شعبها ويحترم قيادتها ويلتزم قوانينها وتقاليدها ويحفظ أمنها، متمنيا أن "تستعيد العلاقات اللبنانية السعودية عفويتها وتقاليدها السابقة، حين كان قادة المملكة يزورون ربوع لبنان، ويلاقون الترحيب الشعبي يومها كان عندنا دولة واحدة وآمنة".
وأوضح أن رجل الدين اللبناني أن "علاقة البطريركية بالمملكة تتخطى الاعتبارات التي تتحكم بعلاقة دولة بدولة"، مضيفاً أن "السعودية نحبها كما هي ولا ننظر إليها من خلال خياراتها السياسية وعلاقاتها العربية، علاقتنا بها تتخطى المحاور إلى محور جامع هو الشراكة المسيحية الإسلامية".
وقال الراعي: "مع السعودية بدت العروبة انفتاحا واعتدالا ولقاء واحترام خصوصيات كل دولة وشعب، وجماعة، والتزام مفهوم السيادة والاستقلال، مع السعودية برزت العروبة لا كمشروع عقائدي يتحدى المشاعر الوطنية والخصوصيات الحضارية، مع السعودية احتجب البعد الجغرافي أمام جيرة العقل والقلب".
يذكر أن الاحتفال الذي أقيم في مركز البطريركية المارونية اليوم كان بدعوة من الرئيس العام للرهبانية الأنطونية الأباتي مارون أبو جوده بمناسبة صدور كتاب "علاقة البطريركية المارونية بالمملكة العربية السعودية"، الذي يوثق تاريخ التواصل بين الرياض والبطريركية منذ 1932.
ويحاكي الأباتي ضو في طيات كتابه العلاقة بين البطريركية والمملكة، وما تحمل من أخوة وتضامن واحترا، على مدى عقود من الزمن ظلت فيها السعودية راعية التوازن بين طوائف لبنان، دون تمييز.
aXA6IDMuMTM5LjgzLjI0OCA= جزيرة ام اند امز