«هجرة السوريين لأوروبا» تضع «نصر الله» في مرمى نيران القوى اللبنانية
موجة غضب واسعة من القوى السياسية فجرها مقترح أمين عام حزب الله حسن نصر الله بفتح الحدود البحرية أمام اللاجئين السوريين.
وطالب نصر الله، في خطاب متلفز مساء الإثنين الماضي، "باتّخاذ موقف وطني لبنانيّ لفتح البحر أمام المغادرة الطوعية للنازحين السوريين نحو أوروبا، بدلا من تعريضهم للخطر عبر الرحيل بطرق غير شرعية"، مضيفا أنه عندما يُتخذ قرار كهذا "كل الغرب والأوروبيين سيأتون إلى لبنان ويدفعون بدل المليار 20 مليارا".
تصريحات نصر الله أتت قبيل جلسة نيابية يعقدها مجلس النواب اللبناني، اليوم الأربعاء، لمناقشة هبة المليار يورو المقدمة من مفوضية الاتحاد الأوروبي، لدعم لبنان في معالجة أزمة اللاجئين السوريين.
جدل سياسي
وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أعلنت من بيروت في الأول من الشهر الحالي عن مساعدات بقيمة مليار يورو، دعما "لاستقرار" لبنان، في محاولة لاحتواء قوارب تهريب اللاجئين غير الشرعيين إلى أوروبا انطلاقا من الشواطئ اللبنانية.
وقد أثارت تلك الهبة جدلا سياسيا كبيرا، مع اعتبار عدد من القوى السياسية اللبنانية الأمر بمثابة رشوة إلى لبنان للسكوت عن الملف الحساس الذي بات يشكل عبئا كبيرا.
واستبق نصر الله الجلسة البرلمانية بتلك التصريحات، وخصوصا أنه اعتبره "الحل الوحيد الناجح"، فيما بدا وكأنه يفرض على مجلس النواب رأيه بهذا الموضوع، وهذا ما رفضه عدد من القوى السياسية الفاعلة.
وفي هذا الإطار، اعتبر رئيس جهاز الإعلام في حزب القوات اللبنانية شارل جبور أن نصر الله يتعامل مع ملف اللاجئين السوريين كما يتعامل مع ملف رئاسة الجمهورية بمعنى تخطي الدستور والقوانين المرعية.
وقال في تصريحات لـ"العين الاخبارية": "إذا عدنا 7 أو 8 سنوات إلى الوراء عندما كنا نتحدث عن ملف اللجوء كان نصر الله يطالب بالحوار مع الرئيس السوري بشار الأسد، متناسيا أن هناك تنسيقا تقنيا قائما بين الأجهزة والوزارات اللبنانية والسورية".
وسأل السياسي اللبناني: "ألا يستطيع نصر الله أن يمون (يمارس تأثيرا) على الرئيس السوري كي يعيد النازحين إلى بلادهم بدل فتح البحر أمامهم وتعريضهم للخطر؟".
مصالح خاصة؟
واتهم جبور أمين عام حزب الله أن الأولوية لدى نصر الله دائما مصلحة المحور الذي ينتمي إليه وليس المصلحة الوطنية، فهو يريد بهكذا موقف الضغط على الدول الغربية لرفع عقوبات قانون قيصر عن سوريا وفتح خزائن المساعدات، وإعادة الشرعية الدولية للرئيس السوري، على حد قوله.
وشدد على أن دعوة نصر الله بهذا الشكل لا تفيد لبنان، إنما "تشكل ابتزازا للدول الغربية".
وعن موقف حزب القوات اللبنانية من هذا الملف، يوضح جبور أن المطلوب أمر واحد، هو أنه على الحكومة تنفيذ القوانين المرعية وترحيل كل لاجئ غير شرعي إلى سوريا أو إلى أي مكان آخر "، مشددا على أن إدخال هذا الملف في قضايا كبرى يعرضه إلى التجاذبات، وبالتالي يجعله طي النسيان.
بدوره رد رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل على نصر الله بالقول: "ليفتح هو أبواب البر كي يعود السوريون إلى سوريا، لأن أبواب البر بيده، وهو ممسك بالمعابر غير الشرعية"، حسب تصريحاته.
وذكّر الجميّل بأن الحكومة اللبنانية مكوّنة من حزب الله وحلفائه، وأن المعارضة - ومنهم حزبه - غير ممثلين بها، وبالتالي فإن "قرار الحكومة بيد حزب الله"، مؤكدا أن بيده قفل الحدود أمام السوريين الوافدين إلى لبنان، وكذلك فتحها أمام عودتهم إلى بلادهم، معتبرا أن "هذا أسهل من فتح البحر".
لكن الموقف الأبرز كان للنائب في حزب القوات اللبنانية بيار بو عاصي الذي اعتبر، عبر حديث إذاعي، أن دعوة نصر الله لفتح البحر أمام النازحين السوريين "كلام شعبوي وسخيف لا يستقيم"، مضيفا: "لو يستطيع نصر الله حمل حزبه وجماعته والذهاب بهم إلى إيران كان أفضل".
موقف القانون الدولي
أما من الناحية القانونية، فيعتبر رئيس مؤسسة جوستيسيا الحقوقية (JUSTICIA) الدكتور بول مرقص أن دعوات فتح الحدود البحرية تخالف القانون الدولي، لكنه قد تعتبر وسيلة ضغط على الدول الأوروبية وتحديدا المتوسطية للمساعدة بحل ملف النازحين السوريين، لأن هناك مصالح دولية يحكمها هذا الملف.
وقال مرقص، في حديث لـ"العين الاخبارية"، إن الدولة اللبنانية مقتنعة بأهمية عودة النازحين السوريين إلى وطنهم، والعمل على تيسير عملية العودة بطرق آمنة ومنظمة.
وأضاف أنه على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه لبنان نتيجة الأزمة السورية، فإن عودة النازحين إلى بلادهم تعزز استقرار المنطقة وتسهم في إعادة إعمار سوريا وتعزيز العلاقات الثنائية بين الدولتين، على حد قوله.
وأشار العميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ إلى أن لبنان ليس طرفا في اتفاقية اللاجئين العالمية الصادرة عام ١٩٥١، وبروتوكول عام ١٩٦٧ التابع لها، ولم يوقع عليهما، كما أنه ليس لديه قانون داخلي مطبق للاجئين.
ويرى أنه في ضوء تلك المعطيات القانونية، فإن بيروت متحرّرة من أي التزامات لمعاملتهم كلاجئين، إلا أنها تبقى ملتزمة بضمان الحفاظ على كرامتهم وحقوقهم الإنسانية.
ويخلص إلى أنه يجب أن يتم تقسيم السوريين النازحين في لبنان إلى فئات، بحيث يتم التعامل مع كل فئة منهم تبعا لوضعيّتها، مع مراعاة المعايير الدولية وخصوصيات الواقع التشريعي اللبناني.
aXA6IDMuMTQuMTQzLjE0OSA= جزيرة ام اند امز