لبنان يقبر «الورقة الفرنسية».. التهدئة مع إسرائيل إلى نقطة الصفر
نسفت 10 ملاحظات للثنائي الشيعي في لبنان، حركة أمل وحزب الله، مبادرة فرنسية معدلة لتهدئة الحدود مع إسرائيل.
وتدحرج الوضع الميداني في جنوب لبنان نحو الهاوية بالوتيرة نفسها التي تصاعدت بها دعوات التهدئة إنما في الاتجاه المعاكس.
وغداة هجوم حماس غير المتوقع على غلاف غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبدء الحرب الإسرائيلية على القطاع، فتح حزب الله جبهة جنوب لبنان لمواجهة تحت سقف قواعد الاشتباك مع إسرائيل، وسط مخاوف تتزايد من تفجر الوضع نحو حرب شاملة.
وتحرك المجتمع الدولي في محاولة للحيلولة دون انزلاق الشرق الأوسط إلى الانفجار، وكانت آخر هذه المحاولات بلكنة فرنسية حينما وضع وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سجورنيه ورقة معدلة أواخر الشهر الماضي على طاولة بيروت.
والورقة الفرنسية نسخة معدلة من مبادرة سابقة طرحتها باريس في فبراير/شباط الماضي، واجهت تحفظات من حزب الله.
وواجهت الورقة المعدلة مصير المبادرة الأولى، حيث قال المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، النائب علي حسن خليل "تعاطينا مع الورقة بطريقة إيجابية على الرغم من بعض التحفظات التي دونت على بعض النقاط والمصطلحات، وقد انطلق الرد من أن تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته هو مدخل الحل في الجنوب".
وأقر مجلس الأمن الدولي القرار 1701 في 11 أغسطس/آب 2006 لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحزب الله، ودخل القرار حيز التنفيذ في 14 من الشهر نفسه.
وأشار خليل إلى أن الحل يبقى رهنا بوقف إطلاق النار في غزة ما ينسحب على الجنوب، ويمكن الحديث عن تطبيق الـ1701 إذا التزم الجانب الإسرائيلي بهذا الأمر.
ومنذ بدء الحرب في غزة في أكتوبر/تشرين الأول أقرت هدنة واحدة لمدة أسبوع وخلالها علق حزب الله عملياته في الجنوب، معتبرا أن دوره يتمثل في "إسناد" القطاع.
وعلى الرغم من الإيجابية التي أظهرها خليل فإن الرد الذي صيغ بين بري وحزب الله وضع نحو 10 ملاحظات تنسف الورقة من أصلها، ما يعني رفضا مبطنا ودبلوماسيا.
أبرز التحفظات اللبنانية:
رفض حزب الله أي عبارة عن انسحاب قواته أو فرقة الرضوان من جنوب نهر الليطاني، مبررا الرفض بأن عناصره من أبناء القرى الحدودية ولا يمكن إبعادهم عن قراهم ومنازلهم.
رفض استخدام عبارة "ترتيبات أمنية"، إذ يعتبرها حزب الله مؤشرا للانخراط في عملية ترتيب أمني مع إسرائيل دون أن تلزمها بشيء.
رفض هدم المنشآت والمباني والخيم القريبة من الحدود.
تحفظ على توسيع حرية حركة قوات الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في الجنوب (اليونيفيل)، والسماح لها بتسيير دوريات دون قيود، فيما يصر لبنان على مرافقة قوات الجيش تحركات اليونيفيل في الجنوب، مع تقييد دخولها الأحياء والقرى.
في ميزان الخبراء
ويعتقد مدير معهد المشرق للدراسات الاستراتيجية الدكتور سامي نادر أن الرد اللبناني بمثابة رفض دبلوماسي للمبادرة الفرنسية.
وأضاف في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أنه لا بد إلى النظر للموقف اللبناني من منظور الوضع الإقليمي، وهو ما يسمح بالقول إن الوضع اللبناني جزء من أوراق الضغط الإيرانية في صراعها مع واشنطن.
وأوضح أنه وفق هذا المنظور لا يمكن لطهران أن تقدم تنازلا لفرنسا فيما هي تتفاوض مع أمريكا.
وأشار نادر إلى أن المبادرة الفرنسية تطلب إعادة انتشار الجيش اللبناني على الحدود، وتعزيز دور قوات اليونيفيل، وتراجع حزب الله إلى شمالي نهر الليطاني، أو على الأقل دفعه مسافة 20 كيلومترا عن الحدود، وهي مطالب لا يمكن للفرنسيين التعويض عنها بمكاسب في السلة الإيرانية.
من جانبه، قال المحلل اللبناني جورج شاهين إن الورقة الفرنسية المطورة لم تحمل أي جديد عملي.
وأوضح في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن "الجواب اللبناني الذي تسلّمه السفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو جاء بصيغة منقّحة للصيغة السابقة التي تسلّمها منتصف مارس/آذار الماضي عقب المحاولة الفرنسية الأولى".
وأشار إلى أن الموقف الرسمي تمثل في التشديد على أن لبنان يرفض الحرب ولا يريدها، وأن القرار 1701 يعد مخرجا للوضع في الجنوب، بعد انتهاء المعارك في غزة على أن يتم الالتزام بالقرار على جانبي الحدود.
وأضاف أن "السعي إلى السلام إن أراده الجانب الإسرائيلي كما يريده لبنان ويفهمه "يفرض أن يلتزم الطرفان بالتعهدات المتبادلة والمطلوبة، مع ما تقتضيه الظروف من انسحاب من مختلف النقاط المحتلة المنتشرة على طول الحدود الدولية، ونسيان ما كان يُسمّى "الخط الأزرق.. ففاعليته تكون قد انتهت".
والخط الأزرق هو الخط الفاصل الذي رسمته الأمم المتحدة بين لبنان من جهة وإسرائيل وهضبة الجولان من جهة أخرى في عام 2000، ولا يعد حدا دوليا معترفا به وإنما كان جزءا من ترتيبات الانسحاب الإسرائيلي من لبنان.
وخلص شاهين إلى أنّ الأمور عادت إلى نقطة الصفر، ومعها ما سُمّي "المبادرة الفرنسية"، وأنّ الرهان سينتقل في الأيام المقبلة إلى خيارات أخرى قد تأتي من واشنطن بعد التهدئة في غزة، أو من أي عاصمة أخرى غير باريس.
aXA6IDMuMTQ5LjIzMS4xMjIg جزيرة ام اند امز