مبادرة جديدة في لبنان.. هل يكمن الشيطان في التفاصيل؟
بعد أشهر من الشلل السياسي، ظهرت مبادرة جديدة لحلحلة الأزمة في لبنان، وسط تفاؤل حذر مدفوع بالقلق من التفاصيل.
ومنذ 5 أشهر، يحاول سعد الحريري، رئيس الوزراء المكلف، تشكيل حكومة جديدة في البلاد، وسط شد وجذب مع الرئيس ميشال عون، إذ يصر الأول على حكومة فنية مصغرة من 18 وزيرا، ويتهم الثاني وصهره النائب جبران باسيل، بالتمسك بالثلث المعطل وزارات الدفاع والداخلية والعدل.
لكن مبادرة جديدة مرتبطة باسمي نبيه بري، رئيس البرلمان، ووليد جنبلاط، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، حركت بعض الأمل هذه الأيام في التوسط لمنطقة وسط بين الرئاستين عن طريق تشكيل حكومة من 24 وزيرا لا يملك أحد ثلثا معطلا فيها.
إلا أن الأمل الذي حركته هذه المبادرة يبقى مشروطا، والتفاؤل يبقى حذرا، لأن الشيطان يكمن دائما في التفاصيل، وفق مراقبين.
وقالت مصادر مطلعة على المشاورات السياسية لصحيفة "الشرق الأوسط" أنه جرى الاتفاق حتى الآن على عدد الوزراء، أي 24 وزيرا، توزع كالتالي: 8 وزراء للحريري، وثمانية آخرين للشيعة (حزب الله وحركة أمل)، وثمانية آخرين لرئيس الجمهورية.
فيما لا يزال هناك خلاف على وزارة الداخلية، وعلى توزيع الوزراء المسيحيين تحديدا بين حصتي عون والحريري، ما يثير مخاوف من "دخول الشيطان" في تفاصيل المفاوضات.
وشككت المصادر ذاتها في "قبول باسيل بالتخلي عن الثلث المعطل الذي يستطيع عبره التحكم بقرارات الحكومة"، مذكرة بالمبادرات الكثيرة التي أطلقت سابقا وكادت أن تصل إلى نتيجة قبل أن يتم نسفها.
وفي هذا الإطار، قال النائب في تيار المستقبل (الذي يرأسه الحريري) هادي حبيش، في حديث تلفزيوني إن "رئيس مجلس النواب طالب بحكومة اختصاصيين وفق المبادرة الفرنسية ومن دون ثلث معطّل".
وأضاف "نحن موافقون على هذا الاتجاه والأعداد والأرقام تفاصيل"، متابعا: "سنسير بأي حكومة لا ثلث معطّلا فيها وانطلاقا من المبادرة الفرنسية".
وأكد حبيش أن "التيار الوطني الحر يريد الثلث المعطّل لرئيس الجمهورية، ولا يريد منح الثقة الحكومة".
في المقابل، قالت مصادر في "التيار الوطني الحر" (محسوب على عون وباسيل) لـ"العين الإخبارية"، مفضلة عدم ذكر اسمها إن "صورة المبادرة الجديدة غير مكتملة رغم موافقة عون عليها".
وأضافت المصادر أن "الأهم يبقى في بحث تفاصيل توزيع الحقائب الوزارية التي تصنف في لبنان بين خدماتية وسيادية، وتلك التي توصف بالثانوية، وهنا سيكون التحدي الأكبر".
بدوره قال آلان عون، النائب عن "التيار الوطني الحر" في حديث تلفزيوني: "نحن أمام معطى جديد، والفكرة المطروحة هي توسيع الحكومة تحت بعض الشروط، منها "3 ثمانيات" (كل حصة من 8 وزراء) وهذه الفكرة بحاجة لتطوير، وهناك حركة إيجابية قد تنتج وفرصة يتعامل معها الجميع بجدية".
وأشار عون الى أن "التيار الوطني الحرّ لم يحسم موقفه بعد من موضوع منح الثقة في مجلس النواب للحكومة، وينتظر تأليفها".
وفي الإطار نفسه، قال قاسم هاشم النائب عن كتلة التنمية والتحرير، التي يرأسها بري، في حديث تلفزيوني إنّ "الحكومة قد تبصر النور خلال الأسبوعين المقبلين".
وأوضح هاشم أن "الأجواء ما زالت على إيجابيتها رغم الحاجة إلى إنضاج الأفكار التي طُرحت للخروج من الأزمة، وقد يحتاج الأمر إلى تذليل بعض العقبات من خلال العمل على تدوير الزوايا وبعض التنازلات".
ولفت الى أن "هناك اتفاقا شبه مبدئي بين كلّ المعنيين، وهذا يشكّل تقدّماً ولا سيّما في موضوع الثلث المعطّل".
ومضى قائلا: "الاتصالات التي تجري اليوم والدور الوطني الذي يقوم به الرئيس بري وغيره تبلور صيغة معيّنة حول آلية نهائية تشكّل المخرج وتكسر حالة الجليد، وتفتح باب التواصل بين المعنيين بتشكيل الحكومة".
ومنذ تكليف الحريري بتشكيل الحكومة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عقد عون والحريري 18 اجتماعا لتشكيل الحكومة دون اختراق.
ويتهم الحريري عون، ومن خلفه صهره النائب جبران باسيل المدعومين من حزب الله، بالتمسك بالثلث المعطل في الحكومة، أي الحصول على 7 وزراء من أصل 18 وزيرا، وهو ما يرفضه الرئيس المكلف، متمسكا بحكومة اختصاصيين غير حزبيين.